عندما أكون متعبا مهموما أو خائفا أتذكر المعاصي والشهوات لكي أنسى الهم فما العلاج؟

1 477

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندما أكون متعبا أو أصابني هم, أو خوف, أتذكر المعاصي والشهوات لكي أنسى الهم الذي أصابني.

كيف أتخلص من هذا الأمر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يثبتك على الحق، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره, وحسن عبادته، وأن يجعلنا وإياك من صالح المؤمنين، وأن يستعملنا جميعا في خدمة دينه، وأن يصرف عنا وعنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – من أنك عندما تكون في حالة تعب أو يصيبك هم أو خوف تتذكر المعاصي والشهوات لكي تنسى هذه الأمور, وتقول كيف تتخلص من هذا الأمر؟

أقول لك -أخي الكريم الفاضل-: إنه مما لا شك فيه أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، وأنه يستحيل أن تمر الحياة كلها على الإنسان بدون أن يتعرض لبعض المشاكل أو التحديات، سواء أكان ذلك في نفسه, أو في ماله, أو أهله, أو في ولده, أو في مستقبله, أو في غير ذلك من الأمور التي تهمه؛ لأن الدنيا كما أخبرنا الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} وقال تعالى: {ونبلوكم بالخير والشر فتنة} ويقول تبارك وتعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} ويقول أيضا جل جلاله سبحانه وتعالى: {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سمعيا بصيرا}.

فإذن الدنيا دار ابتلاء وامتحان, كما قال جل جلاله أيضا: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} فهذه الدنيا التي نحن فيها هي عبارة عن مدرسة عظمية فيها ابتلاءات وامتحانات واختبارات، الله سبحانه وتعالى قدرها للعبد على قدر ما أكرمه به من طاعة وعبادة, واستقامة, وحسن ظن به سبحانه وتعالى؛ لأن العبد كلما كان إيمانه أقوى كلما كان بلاؤه أشد؛ ليغفر الله له ذنبه, وليرفع الله بها درجته عنده، وهذه الابتلاءات والامتحانات والاختبارات كما تعلم هي نوع من أنواع التميز الذي جعل الله تبارك وتعالى نصيب المسلمين فيه أكبر وأكثر من غيرهم، وهذا ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء، ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلى المرء على قدر دينه، فمن قوي إيمانه اشتد بلاؤه، ومن ضعف إيمانه قل بلاؤه), ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من يرد الله به خيرا يصب منه).

فإذن هذه الابتلاءات -كما ذكرت- هي علامة من علامات الخيرية التي جعل الله تبارك وتعالى نصيب المسلمين منها أوفى -كما ذكرت لك فيما مضى- لكي يرفع من درجاتهم, أو يحط من خطاياهم، وأيضا ليعلم الله الذين آمنوا منكم ويعلم الصابرين، وكما قال تعالى: {الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} أي يختبرون ويمتحنون ويبتلون.

وهذه إذا ما أصابت الإنسان فليصبر الصبر الجميل حتى يحصل على الجائزة العظيمة التي أعدها الله تبارك وتعالى لأوليائه بقوله: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

وإذا ما حدث هذا الأمر -فكما ذكرت- فعلينا بالصبر، ولن نستطيع أن نتغلب عليها إلا بهذا السلاح الذي أكرمنا الله تبارك وتعالى به، وهو السلاح الشرعي الذي يترتب عليه الأجر والمثوبة, ومغفرة الذنوب, وستر العيوب, ورفع الدرجات.

أما أن يتذكر الإنسان المعاصي والشهوات فهذا علاج شيطاني, لا أساس له من الصحة، ولذلك أقول لك: إذا ما أصابك هم أو غم أو خوف أو حزن فعليك بالعلاج الشرعي، وهو الدعاء, والتوجه إلى الله تبارك وتعالى بأن يصرف عنك السوء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأخبرنا أيضا أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وأنت تعلم إكرام الله تبارك وتعالى لعباده أصحاب البلاء، كما أكرم سيدنا أيوب عليه السلام بأن شفاه بعد الدعاء، وأكرم سيدنا يعقوب بأن رد عليه ولديه أيضا بعد الدعاء، وأكرم سيدنا إبراهيم بأن نجاه من النار بعد الدعاء، وأكرم سيدنا موسى عليه السلام بأن نجاه من فرعون وقومه بعد الدعاء، وأكرم سيدنا زكريا عليه السلام بأن رزقه الولد بعد الدعاء، وأكرم سيدنا يونس بأن نجاه من الغم بعد الدعاء، وأكرم سيدنا سليمان عليه السلام بملك لا ينبغي لأحد من بعده بعد الدعاء.

فعليك -بارك الله فيك- بالدعاء, والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف عنك هذا البلاء، وإياك من الوقوع في المعاصي؛ لأنك بذلك تحرم نفسك الأجر العظيم المترتب على بلائك الذي أكرمك الله تبارك وتعالى به.

والنبي - صلى الله عليه وسلم – علمنا أيضا من عوامل دفع البلاء الدعاء الذي أخبرنا بقوله وهو: (اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي) يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما قاله أحد إلا وأذهب الله عنه حزنه وأذهب عنه همه وغمه).

فعليك -أخي الكريم- بهذه العلاجات النبوية المباركة، واترك عنك هذا السبيل الشيطاني الذي يزينه لك الشيطان حتى يحرمك -كما ذكرت- من قطف ثمار الصبر على البلاء؛ لأن الله لا يحب العصاة, ولا يحب المجرمين، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولا يصرف البلاء إلا بطاعته, وبالدعاء أيضا، ولكن الشيطان -كما تعلم- يزين لنا الوقوع في المعاصي حتى نسقط من عين الله؛ فلا يقبل الله منا -والعياذ بالله- صرفا ولا عدلا، ومن يتق الله يجعل له مخرجا, ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا، واعلم أن المسلم أمره كله خير، إن أصابته ضراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

فعليك إذا ابتليت: أن تتوجه إلى الله بالدعاء، والإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والإكثار من الاستغفار، وأن تجتنب المعاصي صغيرها وكبيرها، ولتعلم أن الله تبارك وتعالى سيجزل لك المثوبة والعطاء، ويرفع مقامك عنده، ولن يضيع لك حسن عملك, وحسن صبرك.

أسأل الله تعالى أن يصرف عنا وعنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء, هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات