كيف أنزع الخوف من ولدي الذي لا يستطيع أن ينام لوحده؟

0 516

السؤال

الإخوة في موقع الاستشارات لإسلام ويب المحترمين
بعد التحية أتمنى من الله عز وجل أن يعينكم في مهامكم الجسيمة, وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم, وأشكركم على ما تقومون به من خدمة عظيمة للإسلام والمسلمين وبعد.

عندي ولد يبلغ من العمر 13 عاما ومبتلى بالخوف الشديد, حيث أنه لا يستطيع أن ينام في الغرفة لوحده بالرغم من وجودنا معه في نفس البيت, بل على العكس نطلب منه النوم ونحن مستيقظين بحيث يأمن ولكن لا فائدة, فلابد أن ينام عنده أحد من إخوانه, ومع هذا يحاول بقدر المستطاع أن يبقي النور مفتوحا ويغلق النوافذ والباب, فهو يتخيل أن أحدا سيدخل عليه منها, بل إذا سمع عن قصة حرامي فإنها تدور في باله كثيرا, ويقول خائف أن يدخل علي هذا الحرامي, وأيضا يخاف من قصص الجن ومن خبر الموت, ولا يستطيع أن يذهب إلى حوش المنزل ليلا بمفرده, ولا يستطيع أن يذهب إلى المسجد لصلاة الفجر, بالرغم أن المسافة بيننا وبين المسجد لا تتجاوز 70 مترا، وصراحة تعبت معه، وبخته كثيرا وأحاول أن أشجعه ولكن لا فائدة.

أرجو تكرمكم بتوجيهي لعمل اللازم ولكم مني جزيل الشكر والاحترام.
وطبعا الخوف هذا غالبا يكون من بعد صلاة العشاء عندما يهدأ الناس في بيوتها ويصير الشارع بدون حركة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبوماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الخوف لدى الأطفال منتشر، والخوف لدى اليافعين في مثل هذا العمر نجده في وسط حوالي عشرة إلى عشرين بالمائة منهم، والخوف غالبا غالبه مكتسب، أي ناتج من تجربة سلبية، هذا الابن – حفظه الله – ربما يكون استمع لبعض القصص حول الجن، أو استمع لقصص عن الموت بصورة مشوهة، وهكذا، وتعرف تماما أن عقل الطفل خاصة في مرحلة الطفولة المتأخرة يكون دائما غضا وخصبا، وقد يختلط الخيال بالحقيقة، والطفل دائما يلجأ إلى التأويلات السلبية إذا لم نزوده بما هو إيجابي ونعيد له ثقته في نفسه.

أحسب أن هذا الابن – حفظه الله – يتمتع بذكاء طبيعي، وهذا مهم، ومعرفته، لأن بعض الأطفال الذين لديهم قصور بسيط في الذكاء تجد أن نسبة الخوف لديهم مرتفعة، فأنا أفترض أن هذا الابن سليم من ناحية مقدراته المعرفية، وكل المطلوب هو أولا: يجب أن لا نتحدث كثيرا في موضوع الخوف، هذا أمر ضروري جدا.

ثانيا: هذا الابن يجب أن نطور مهاراته في الشؤون الحياتية بصفة عامة، مثلا دعوه يشارك في الأنشطة المنزلية، توكل إليه بعض المهام، ولا نتحدث عن الخوف أو الشجاعة أو الجبن أو شيء من هذا القبيل، هذا يجب أن لا يكون موضوعا. يتم التجاهل التام ولا يكون هذا الموضوع شاغلا له أو لكم. المهم هو أن نطور مهاراته ونبني شخصيته، ونشعره بالثقة في نفسه، ومن ثم سوف تجد أن الخوف أصبح يقل إلى أن يختفي تماما بإذن الله تعالى، فأرجو الاهتمام التام بتطوير مهاراته، وإعطائه بعض المسؤوليات، مثلا أن يتولى إدارة شؤون المنزل لمدة أسبوع، كل مشتريات المنزل، كل ميزانية البيت تكون تحت تصرفه، هذا أمر جيد، وأنت بفضل الله تعالى مندوب مشتريات وتعرف قيمة هذا الشيء، هدفنا هو أن نبني شخصيته.

نتركه مثلا هو الذي يرد على التليفونات في البيت، يقابل الضيوف، هذا أمر طيب وجيد. تحاولوا أن تقترحوا عليه أن يدعو واحدا أو اثنين من أصدقائه وأقرانه في المدرسة مثلا للبيت، وبعلم أهلهم بالطبع، وليحضروا ويكون هنالك احتفال، ويقوم هو بإعداد حفل الشاي مثلا، وهكذا. الهدف هو أن نعطيه ثقة في نفسه، أن نقوي شخصيته، وأن نطور من مهاراته.

ومن الضروري جدا أن تتاح فرصة لهذا الابن ليختلط بأقرانه، بأن يمارس الرياضة مثلا معهم، هذه كلها مهمة جدا.

هنالك مهارات اجتماعية بسيطة سيكون من الجيد أن نعلمها لهذا الابن. مثلا كيف يحي الآخرين، أن يبدأ هو بالسلام، وحين يسلم عليه أحد يرد التحية بأحسن منها. يتعلم أن يرتب سريرة في الصباح، وخزانة ملابسه، وهكذا.

إذن تطوير المهارات الاجتماعية يتطور المقدرات المعرفية، وتطوير المقدرات المعرفية يحسن من السلوك ويزيل الخوف. هكذا هي الخطة العلاجية الصحيحة.

الجزء الثاني هو: بعد أن نرى أن الطفل أصبح يثق في نفسه بدرجة معقولة هنا نشرح له أنه رجل وأنه مقتدر وأنه مقبل على فترة تغيرات كثيرة في حياته، وأنه يستطيع تماما أن ينام لوحده وأن يقوم بأكثر من ذلك، وأن يذهب للمسجد لوحده، وتكون الأمور تدريجية ومع شيء من التحفيز، لكن في بداية الأمر يكون هنالك تجاهل تام، لا نتحدث في الأمر أبدا، نبني لديه مهاراته ومقدراته، وحين يكتسب هذه، وبالطبع هذا الأمر يتطلب شيئا من الوقت، لا يمكن أن تكون التغيرات في فترة وجيزة.

بناء المهارات يتطلب صبرا، ولابد أن يكون التعامل معه بنوع من التناسق والتحفيز، ويجب أن تشارك أنت في ذلك بالطبع، ووالدته، وكل من حوله، يكون هو محط أنظارنا من حيث بناء المهارات. بناء المهارات يزيل الخوف.

هنالك نوع من الأدوية العلاجية التي تعطى لإزالة الخوف أيضا، لكن هذا الابن لازال صغيرا، وإن كانت هذه الأدوية غير ممنوعة، لكني أبشرك بأن الوسائل التوجيهية التي ذكرناها إن لم تفيده الإفادة الكاملة – وإن كنت أثق فيها تماما – بعد ذلك يمكن أن يذهب به إلى الطبيب مثلا ليتم تدريبه على تمارين الاسترخاء، وإعطاؤه أحد الأدوية المضادة للمخاوف.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله له العافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات