وسواس السرطان يكاد يقتلني

0 630

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

سوف أقول لك الموضوع من البداية يا دكتور وأرجو منك أن تتحملني، أنا عمري (17) سنة, قبل حوالي (20) يوما أصبحت كلمة سرطان تتردد كثيرا على مسمعي, فأنا لم أكن أسمع كثيرا بالسرطان -علما بأني أعرف ما هو السرطان- لكن لم تكن تتردد كثيرا أمامي، لكن قبل (20) يوما أصبحت أسمعها لأكثر من (10) مرات في اليوم الواحد وفي مواقف مختلفة! فمثلا أشاهد فيلما على التلفاز وأجد –قدرا- بأن الفيلم يتحدث عن مريض بالسرطان! وكلما جلست في إحدى المجالس تتردد كلمة سرطان كثيرا! فأنا لا أبالغ إن قلت بأن سرطانا وأشخاصا ماتوا بالسرطان أسمعها أكثر من (10) مرات في مواضيع مختلفة ومواقف مختلفة!

بدأت أشعر بالتوتر، وبدأت أشعر بأن الله يريد أن يقنعني بمرضي، وبدأت أشعر بالخوف, وأصبحت أتحسس جميع أعضاء جسدي الخارجية، للتأكد بأنه لا يوجد ورم, وقبل حوالي أسبوع تحسست وجود نتوء خلف أذني اليسرى بحجم نصف حبة الحمص تقريبا، فظننت أنه سرطان في العظم والجمجمة؛ فتوترت كثيرا، وبدأت أبحث في الانترنت عن شكل وأعراض السرطان, وقبل يومين وجدت في الانترنت صورة لمثل هذا النتوء بالصدفة، فبحثت عن ماهية هذا الورم فوجدت بأن هذا ربما يكون سرطانا في الغدة اللمفاوية! فصعقت وأصبحت أتصبب عرقا من شدة التوتر, وحتى الآن وأنا أبحث في المواقع الأجنبية والعربية، وكل ما وجدته لا يبشر بالخير أبدا, صدقني يا دكتور أني لم أذق الطعام منذ يومين، وفي الليل أستيقظ أكثر من (5) مرات، وأعاني من الأرق, وحتى أني حلمت الليلة الماضية بالسرطان, علما أني لا أعاني من أي نوع من الألم, لكن بعض العطاس والسعال والسيلان من الأنف، وبعض الصداع الخفيف الذي يختفي ثم يعود.

أرجوك يا دكتور بأن تقول كل شيء عن حالتي منذ البداية، وأسأل الله لك الصحة والعافية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد القادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد ختمت رسالتك بقولك: (أرجوك يا دكتور بأن تقول كل شيء عن حالتي منذ البداية وأسأل الله لك الصحة والعافية) وأنا أقول لك: جزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الصحة والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، وأن يحفظك من كل الأسقام والأدواء -ومنها السرطان-.

ابني عبد القادر: أنت لا تعاني من السرطان –عافاك الله منه- أعرف أن الأمور ليست بهذه البساطة والسذاجة، لكن أرجو أن تصدقني، لب هذا الأمر يتمركز حول هموم الناس وثقافتهم العامة والأفكار التي سيطرت على البشر في هذا الزمان، وهي كلها تقوم على مبدأ عدم الاطمئنان، وكثرة المعلومات والتي معظمها مغلوط، وكثرة الأمراض أيضا والأسقام، هذا لا ننكره أبدا، وأصبح الناس لديهم فضول عجيب جدا في الاطلاع على أمور لم يكن السابقون يهتمون بها، ليس لشح المعلومات التي كانت بين أيديهم، لكن كانت قناعاتهم قوية في أن الشافي والمعافي هو الله تعالى، وأن المرض أيضا بيد الله تعالى، وأن الآجال بيد الله تعالى، وأنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم.

نحن جميعا محتاجون أن ننقل أنفسنا لهذا المبدأ العظيم، مبدأ التوكل على الله تعالى، والتوكل لا يعني التقاعس، لا يعني أن نبحث عن الأسباب عكسا تماما، هو أمل، وهو عمل، وهو فكر، وهو إصرار، ولذا دائما أقول للإخوة والأخوات والأبناء من أمثالك الذين تؤرق مضاجعهم هذه الوساوس والمخاوف المرضية، أقول لهم: حسنوا من توكلكم وإيمانكم، مارسوا الرياضة فهي تقوي الأجسام، اصرفوا انتباهكم لما هو أفضل، وهو اكتساب المعرفة والعلم، علوم الدنيا وعلوم الآخرة، هذا يقوي النفس كثيرا، ولا مانع أبدا من أن يذهب الإنسان إلى طبيب ويقوم بالفحص، لكن يجب أن لا يتنقل بين الأطباء لكي يترسخ لديه التوهم والمخاوف المرضية.

حالتك حالة متكررة جدا ونشاهدها كثيرا لدى الشباب، وأنا أؤكد لك أن هذا النتوء اللمفاوي ليس سرطانيا، نعم هناك أورام سرطانية تصيب الغدد اللمفاوية، وبالرغم من أن هذا ليس تخصصي، إلا أن اطلاعي في هذا المجال كبير جدا -بفضل من الله تعالى- أورام الغدد اللمفاوية لا تكون على هذه الصيغة أبدا، ولا تظهر خلف الأذن، هنالك الكثير من الأعراض مرتبطة بهذه العلة، هذه النتوءات اللمفاوية غالبا تكون ناتجة من التهابات بسيطة مزمنة، وليس أكثر من ذلك.

الذي أرجوه منك هو أن تذهب إلى الطبيب وتقوم بفحص عام، لا تقول للطبيب أنني مصاب بالسرطان أو أني أخاف شيئا من هذا، قل له: (أريد أن أتأكد من صحتي، ولدي هذا النتوء، أرجو أن تبحث لي عن طبيعته حتى أطمئن) هذا هو المطلوب وليس أكثر من ذلك، والذي أرجوه منك أيضا هو أن تصرف انتباهك لما هو أفيد، وصرف الانتباه لا يكون إلا من خلال أن يدير الشباب وقته بصورة صحيحة، الشباب الآن يعتمد على الفكر وعلى المعرفة، والمعرفة والفكر لا تتأتى إلا من خلال الاطلاع الرصين والشعور بالمسئولية.

كنا نشفق كثيرا على الشباب، لأن الشباب يواجه مشاكل الهوية، مشاكل الانتماء، مشاكل ضبابية المستقبل، لكن -الحمد لله تعالى- هذه الأمة الإسلامية العظيمة بخير وستظل على خير ما دام الشباب على خير،فانهض بنفسك نحو المعرفة، مارس الرياضة، بر والديك، انطلق في أعمال الخير، انضم لحلقات تلاوة القرآن، هذا يصرفك تماما عن هذا الذي أنت فيه من خوف من السرطان، وهنالك دعاء طيب جميل، دعاء مأثور فيه خير كثير، هذا الدعاء هو كالآتي: (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجذام، والجنون، وسيء الأسقام) وما هو سيئ الأسقام؟ هو السرطان وما فوق السرطان، وما لا نعلمه وما لا ندريه من هذه الأمراض، سل الله تعالى دائما أن يحفظك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك ومن وفقك ومن تحتك، هذه هي الأسس والمبادئ التي يجب أن يعتمد عليها الشباب المسلم.

أود أن أضيف لك شيئا مهما جدا، وهو: أن السرطان ليس أكثر الأمراض فتكا وقتلا كما يعتقد الناس، هو موجود وفي تكاثر، لكنه ليس أكثرها فتكا، (40%) من السرطانات يمكن علاجها، وهذه ليست مبالغة، نعوذ بالله تعالى من هذه الأسقام، ونسأل الله أن يحفظنا وإياك وجميع المسلمين من شر كل شيء هو آخذ بناصيته.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات