فقدت الأمل في النجاح مرة أخرى

0 477

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة بالصف الأول الثانوي، كنت في الفصل الدراسي الماضي متفوقة في مادة الرياضيات، ولكن في هذا الفصل تغير الوضع، فأستاذي عندما يسألني لا أستطيع الإجابة ولا أعرف، بالرغم أني كنت قد ذاكرت جيدا! والصراحة لقد فقدت الأمل، مع أني متفوقة في الجبر والهندسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نشكر ابنتنا الفاضلة على اهتمامها بالتواصل مع موقعها، وحرصها على الاهتمام بمستواها العلمي، ونشكر لها كذلك هذا الاهتمام بمادة الرياضيات، وهي من المواد التي تتكئ عليها حضارة اليوم، وقد قال عنها الشافعي: (من تعلم الرياضيات (الحساب) نبغ)، حيث كان للعلماء المسلمين إسهامات كبيرة في هذا العلم الهام جدا، الذي يحتاجه الناس في حياتهم في كثير من أمورهم.

ونشكر لها أيضا هذا الاهتمام والاغتمام بنزول أو هبوط مستواها العلمي، ونبشرها بأنها ستعود بحول الله وقوته إلى ما كانت عليه وأفضل، لأن الذي يكون ممتازا في رياضيات اليوم سيكون ممتازا غدا، لأن هذه المادة المواد التراكمية التي تبنى على السنوات الأولى وتبنى على المراحل الأولى، فإذا كنت بالأمس متميزة فستكونين غدا بإذن الله تبارك وتعالى كذلك متميزة في هذه المادة وفي غيرها من المواد التي لها علاقة كذلك بمادة الرياضيات.

ومن حق أي إنسان عندما يحصل له مثل هذه المواقف أن يقف وقفا مراجعة، يبحث عن الأسباب، لأنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.

فقد يكون مثلا - على سبيل التمثيل - السبب هو: - لا قدر الله - الوقوع في معصية أو مخالفة لأمر الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان إذا عصى الله تبارك وتعالى يحرم من التوفيق، وقد تكلم عن هذا ابن حزم، وطائفة من علماء السلف عن أثر المعاصي على فهم الإنسان، والأمر كما قال الشافعي: (شكوت إلى وكيع سوء حفظي، فأرشدني إلى ترك المعاصي، وقال اعلم بأن العلم نور، ونور الله لا يؤتى لعاصي)، قبل ذلك قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم)، وكان شيخ الإسلام بن تيمية - رحمة الله عليه - أنه إذا صعبت عليه مسألة، وعجز أن يجد لها جوابا، فإنه كان يلجأ للاستغفار،فيستغفر، ويستغفر، ويستغفر، حتى يفتح الله تبارك وتعالى عليه، وقد قال في بعض رسائله: أنه ربما يستغفر ألف مرة، ثم يأتيه التوفيق والتأييد من الله تبارك وتعالى.

قد يكون السبب في هذا التأخر الذي بدأت تلاحظيه هو: أنه دخل عليك صديقة جديدة، أو انتقلت إلى فصل جديد، أو بدأت تتعاملين مع معلمة جديدة، أو - لا قدر الله - هناك مشاكل أسرية بدأت تشوش على تفكيرك.

المهم أنه من الحكمة، ومن الأهمية بمكان، أن نتعرف على أسباب هذا التغير الذي حصل إذا استطعنا إلى ذلك سبيلا، لأن هذا مفتاح للتميز، ومفتاح للاستدراك ما فات.

ونريد أن نقول أيضا ينبغي أن تدركي أنه ليس معنى أن تسألي ثم لا تدركي الإجابة أنك لا تفهمي المادة، أو أن مستواك بدأ ينزل أو يهبط، لأن من المعروف أن الإنسان عندما يقرأ مادة، ويركز عليها، أحيانا يشعر أنه لا يفهم هذه المادة، لكنه عندما يجلس في رغبة للامتحان، فإن المعلومات تبدأ تتحرك من اللاوعي في عقل الإنسان - هذه الذاكرة العجيبة التي خلقها الله تبارك وتعالى - وبعد ذلك يجد الإنسان نفسه يجيب بأريحية، ويستمر في الإجابة.

ونحن لا نريدك أن تفقدي الأمل، لأن الله تبارك وتعالى هو الموفق، ولأن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، فالجئي إلى الله تبارك وتعالى، وستكونين غدا كما كنت بالأمس شاطرة - كما قلت أنت - متميزة في مادة الجبر و الهندسة، وفي كل فروع مادة الرياضيات، هذه المادة الهامة التي تكلمنا عن أهميتها.

وندعوك إلى أن تنظمي وقتك، وتعطي جسمك حظه من الراحة، وأن تتواصلي مع المعلمة في حالة وجود غموض أو شيء غير واضح، وأن تجتهدي في بر والديك وتطلبي منهما الدعاء، فإن دعاء الوالدين أقرب للإجابة، وأن تكوني عونا للضعيفات من زميلاتك، فإن الإنسان إذا كان في عون إخوانه كان العظيم تبارك وتعالى في عونه.

كذلك ندعوك إلى أن تهتمي بأمر الصلاة، والعبادة، والطاعة لله تبارك وتعالى، وقبل ذلك وبعده لابد أن تكثري من الدعاء، والتوجه إلى رب الأرض والسماء، بالإضافة إلى بذل الأسباب، فالمؤمنة تبذل الأسباب، ثم تتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.

وإذا كنت - ولله الحمد - بالأمس متميزة فستصبحين غدا مثل ذلك، لأن هذه المادة كما قلنا تبنى على ما قبلها، والإنسان الذي كان متميزا بالأمس سيكون بحول الله وقوته متميزا في الغد.

ولا تنزعجي إذا عجزت عن الإجابة عن سؤال أو سؤالين، فإنه لا يعد مقياسا صحيحا، لأن الكثير من المعلومات تختفي في اللاوعي في مخ الإنسان، وتخرج مع السؤال.

أحيانا قد تكون طريقة سؤال المدرس عنصر مفاجئة، وأحيانا ربما يكون المدرس هدفه من السؤال أنه لاحظ أن هذا الطالب أو تلك الطالبة ليست معه، فيوجه سؤالا مباشرا، والسؤال المفاجئ قد لا يستطيع الإنسان أن يجيب عليه.

وندعوك إلى مزيد من المذاكرة، والعبرة في المذاكرة ليست بالوقت الذي يذاكره الإنسان، ولكن بالتركيز، ولذلك ينبغي أن تقبلي على المادة ما أقبلت النفس، فإذا كنت تشعرين بتعب أو ملل، فلا ننصحك بأن تستمري في المذاكرة، وأن تعطي جسمك حظه من الراحة، وحقه من الطعام، وأن تحاولي دائما تغير الروتين، وأن تختاري المكان الهادئ والمناسب للمذاكرة، ولا ترهقي نفسك فوق طاقتها، ولا مانع من أن يجدد الإنسان نشاطه بأن ينهض ثم يعود مرة ثانية ليواصل المذاكرة.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن ينفع بك بلاده وعباده، ونكرر شكرنا لك بالتواصل مع الموقع، وأستغفر الله العظيم لي ولك.

مواد ذات صلة

الاستشارات