ما هو العلاج لحالة الاكتئاب، والخجل، وضعف الثقة بالنفس، والوساوس؟

0 790

السؤال

شخصيتي ليست طبيعية، وفقدت القدرة على مواصلة الحياة، فشخصيتي تتبدل بشكل سريع، يعني أفعل أشياء ثم بعد بضعة أسابيع أو شهر بالكثير أصعق مما فعلت، ولا أصدق أنني أنا التي فعلت ما سبق، أيضا الأفكار العدوانية تتكرر في ذهني حتى تفقدني توازني، وتكون هذه الحالة تحديدا عندما ألتقي بأناس جدد، وأبدأ في الحديث معهم، تتكرر في ذهني ألفاظا نابية، وأفعال إجرامية شنيعة، وهذه الحالة تكون أحيانا وليست دائما.

أنا لا يمكن أبدا أن أنفذ ما يدور في ذهني، ولكن الأفكار لا أملك إيقافها، لذلك أمقت نفسي، وأشعر بأني شخص سيء للغاية.

منذ سنتين وأنا أعيش حالة اكتئاب وعزلة بسبب إخفاقات عديدة، وفقدت الاهتمام بكل شيء، لا جدوى من أي شيء حولي، الموت هو الحل الأمثل للتخلص من هذه الحياة، لم أعد أكترث بتحقيق أحلامي وأهدافي التي فشلت أساسا في الوصول إليها، ولم أعد أطيق رؤية الناس، أقضي جل وقتي معزولة عن الآخرين لأني أختنق عند رؤيتهم، أنا لا أخاف منهم أبدا، ولكن أكرههم بشدة، وأشفق عليهم، أيضا لأني أعتقد أنهم يخدعون أنفسهم، ويمثلون أنهم مسرورين.

أنا أرى أن الاكتئاب هو الأمر الطبيعي لكل شخص على قيد هذه الحياة، لأن الحياة تعيسة بشكل لا يطاق، ولا فائدة من البقاء عليها، ومعنوياتي جدا منخفضة، حيث أنني أكرر كل ليله قبل أن أنام عبارة (سأموت)، ولكن الأمر لا يحدث، حتى الموت أصبح أمنية يستحيل تحقيقها متى ما نشاء.

النوم والوحدة هما الشيئان الوحيدان اللذان أعشقهما في هذه الحياة، ولكنني تعبت لأنني مرغمة على القتال، ومواصلة الحياة، ولا أستطيع، حاولت مرارا وتكرارا أن أخرج مما أنا فيه وفشلت، ويمر يومان أكون فيه بشكل طبيعي، ثم أعود لما سبق.

بالإضافة لمشاكلي السابقة، أعاني من الخجل الشديد في مواقف، ومواقف أخرى لا، فمثلا: في الأمور الرسمية: كالمقابلات الشخصية، وإلقاء خطاب، ومناقشة بحوث العمل، وغيرها لا أقدر عليها أبدا، وأحيانا أقوم بها، ولكن بأداء ضعيف وغير مقبول، ولكن لا أخجل من التحدث إلى الأشخاص الجدد، أو التعبير عن رأيي أمام مجموعه قليلة جدا من الناس.

لا أستطيع التركيز، ولا أستطيع التعبير عن رأيي بوضوح، أنا حتى لا أعلم من أنا، ولا أملك القدرة على التعريف بشخصيتي نهائيا.

أفكر في مواصلة الدراسة للماجستير، ولكن أشعر برهبة من الفشل وضعف الثقة بالنفس، بالإضافة للخجل الشديد من المناقشات.

جربت الكثير من جلسات العلاج السلوكي، ولكن بدون جدوى، وهذا مما زاد الألم علي أكثر، ولكني قرأت مؤخرا في الموقع هنا عن أدوية تساعد على التخلص من الخجل والقلق.

جربت عشبة القسيس يوحنا St.John\\\'s 300mg لمدة 3 أسابيع، بدأتها بحبة واحد يوميا لمدة أسبوع، ثم رفعت الجرعة إلى حبتين يوميا الأسبوع الثاني والثالث، ولكني لم أشعر بأي تحسن ولو طفيف، فتوقفت عنها.

سؤالي هو: ما هو الدواء المناسب لحالة الاكتئاب، والخجل الشديد، وضعف الثقة بالنفس، والوساوس؟ وما هي الجرعة المناسبة بالتفصيل؟

علما بأن الوساوس أصنفها متوسطة وليست شديدة.

أتمنى أن أعيش حياة طبيعية، وأشعر بجمال الحياة من حولي، وأكون جريئة بشكل عالي جدا، وترتفع ثقتي بنفسي، وأواصل لتحقيق ما أريد بدون أي علل نفسية محبطة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الوضع الأمثل لحالتك هو أن تذهبي لمقابلة طبيب نفسي تثقين فيه، وتواصلي العلاج، حتى وإن كانت الجلسات السلوكية السابقة غير مجدية، لكن هذا يجب أن لا يغلق الباب أمامك من أجل المزيد من الجلسات، وتطبيق الأساليب العلاجية الأخرى التي يعرفها الأطباء الجيدين.

هذا هو الوضع الأفضل والأمثل بالنسبة لك، أما إذا تعذر ذلك، فإن مساهمتي هي أن أقول لك: مهما أحس الإنسان بالكرب والضجر، وكان فكره سوداويا، إلا أن الأمل كثيرا ما يأتي دون أن يتوقعه الإنسان.

أنت صاحبة مقدرات ولا شك في ذلك، والطريقة التي كتبت بها رسالتك تدل على فكر واع ومتقدم، ومقدرات لا يستطيع أحد أن يشك فيها.

مشاعرك نقدرها ونحترمها، وألفت نظرك إلى أن ما هو مرفوض من شعور وسلوك الإنسان حين يكون مستبصرا ومرتبطا بالواقع - مثل ما في حالتك - يمكن أن يصد ويقف أمام ما هو سلبي، ويكون حازما في ذلك، ويدخل على نفسه وحياته أساليب جديدة تكون إيجابية وفاعلة، وهذا يؤدي إلى البناء النفسي السليم.

من حيث التشخيص أنا أتفق معك أنك لديك درجة بسيطة إلى المتوسطة من الاكتئاب النفسي الذي يشابه الوساوس والمخاوف، وهذه ليست تشخيصات متعددة، إنما هي جزئيات مكملة لبعضها البعض، ويظهر أن شخصيتك كما ذكرت وتفضلت أنها متقلبة المزاج، ولا أقول لك أنه لديك اضطراب في الشخصية، لأن هذا التشخيص يجب أن يكون قائما على براهين ومعايير تشخيصية معروفة، وهذا لا يمكن أبدا تأكيده إلا من خلال المقابلة الشخصية، وإجراء الاختبارات النفسية المعروفة في هذا السياق، وهذا قد يكون سببا وجيها وملحا لأن تذهبي وتقابلي المختص.

الأفكار التي تسيطر عليك، والتي تتميز بأنها ذات طابع تشاؤمي، وفيها محفزات واندفاعات قد تقود إلى العنف، وإن كنت لا تقدمين على ذلك، من وجهة نظري هي وساوس أكثر من أي شيء آخر، وبفضل من الله تعالى أن صاحب الوساوس من هذا النوع لا يقوم باتباعها.

ومن آليات العلاج الضرورية هي: رفض هذه الوساوس رفضا تاما، وتجاهلها، وربطها بشعور مخالف.

أما العلاج الدوائي: فأنا أرى أنك بحاجة إليه، وهناك أدوية مثالية جدا، وعشبة القديس جون لا بأس بها، لكنها علاج ضعيف، ولا أعتقد أنها تفيد إذا كان هنالك أي جانب وسواسي، أو مخاوف مصاحبة للشعور بالكدر، وأنا أرى أن عقار بروزاك – والذي يعرف علميا باسم فلوكستين – سيكون دواء مناسبا لك، لأن البروزاك يعالج القلق والتوتر والمخاوف وعسر المزاج، وفوق ذلك هو دواء مثبط للحفزات النفسية السلبية، والاندفاعات التي تتسم بشيء من التفكير في العنف أو الاندفاع نحوه.

جرعة البروزاك في مثل حالتك لا بد أن تكون جرعة متوسطة إلى عالية نسبيا، لكن بالطبع يجب أن لا تتخطى أبدا الطيف أو الحيز الذي تتطلبه مقتضيات سلامة الأدوية.

وجرعة البروزاك التي تفيدك من وجهة نظري هي كبسولة واحدة في اليوم، تتناوليها بعد الأكل، وبعد أسبوعين تجعليها كبسولتين في اليوم، استمري على هذه الجرعة لمدة شهرين، وبعد ذلك تجعليها ثلاثة كبسولات في اليوم - أي ستين مليجراما - ويمكن أن تتناولي كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلا.

هذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، بعدها خفضيها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك يمكن أن يكون هناك توقف عن الدواء، أو إذا أردت أن تستمري عليه لمدة ستة أشهر أخرى فلا مانع من ذلك، وإن كانت هناك مواصلة مع الطبيب النفسي فهذا سوف يكون أفضل، لأنه أيضا يمكنك من متابعة الدواء بصورة صحيحة.

بجانب البروزاك هناك دواء يعرف باسم (رزبريادون)، ونرى أنه مفيد بجرعة صغيرة في مثل هذه الحالات، والجرعة المطلوبة في حالتك هي: واحد مليجرام، يتم تناوله ليلا يوميا لمدة شهر، وبعد ذلك ترفع الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم إلى واحد مليجرام ليلا لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الرزبريادون، لكن الاستمرار في تناول الفلوكستين (البروزاك) مهم وضروري جدا، وهذه الأدوية سليمة وفاعلة وغير إدمانية وغير تعودية.

أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات