فتنة النساء أرهقتني.. فكيف أتخلص منها؟

0 1130

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي مشكلة تقلقني جدا، وهي: أني شاب متدين، ومن عائلة مثقفة ومتدينة، وعندي صحبة صالحة ولله الحمد، وأنا مشرف في مكتبة، ومشرف في أحد النوادي الصيفية، ومشترك في حلقة قرآن، وأحب هذا الدين حبا عظيما، وأحب أن أتفقه فيه، أو أتعلم منه شيئا، ولكن يا شيخ عندي مشكلة تقلقني جدا، وهي: افتتاني بالنساء، هذا الزمن فيه من الفتنة بالنساء الشيء العجاب أينما تذهب، فتفتن في النت، وفي السوق قد تفتن، ولله الحمد أغض بصري في غالب الأحيان، ولكن المشكلة أني قد أنجرف وراء فتنتي، وأشاهد هذه المقاطع المخزية، وأنا أعرف مدى خطورتها وعظم الإثم، ثم أتوب توبة نصوحا، ثم أفتن، ثم أتوب توبة نصوحا، ثم أفتن ثم أتوب .. وهكذا.

تراودني بعض الأسئلة، وهي هل أنا ضعيف الإيمان؟ هل هذا يتعارض مع إيماني وحبي للدين؟ أو هل أنا منافق؟ هل أحصل على أجر أكثر من الذين عاشوا في السابق عندما أمتنع عن مشاهدات النساء؛ لأن المغريات والفتن أكثر من السابق.
أتساءل .. كيف أربي طلابا وأعلمهم وأقول لهم قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم وأنا في هذا الوضع المخزي؟!

صدقني يا شيخ أني أفتن فتنا عظيمة في النساء، لا يعلم بها إلا الله وحده، ويتقطع قلبي عندما أمتنع عن مشاهدتها، ومع ذلك الحمد لله في غالب الأحيان أغض البصر، صدقني الآن يا شيخ في هذا العصر الفتن في كل مكان، وبالذات فتنة النساء صعبة جدا، وعندما أمنع نفسي من المشاهدة كأني قابض على جمرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى! وها أنا وقعت في المشكلة مرة أخرى، ومتحسر ومتندم على كل ما فعلته، وعادة إذا فعلت هذا الفعل أندم عليه أشهرا، ويضايقني جدا، أريد توجيها وإرشادا وتعليقكم.

أريد أن تريحني لأن ظلمة المعصية تؤثر في وأستشعر ظلمتها وقسوتها في قلبي، وأعلم أن الله غفور رحيم، كريم سبحانه، يقبل توبة العبد مهما بلغ من الذنوب، ولكن أريد توجيها من سماحتكم على ما يجري لي، طبعا فكرت بالزواج، ولكن أنا طالب في كلية، ويصعب علي الزواج في هذا الوقت لعدم وجود دخل كاف، وحسب علمكم معوقات الزواج في هذا الوقت كثيرة، الموضوع جدا يحيرني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن. كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن فتنة النساء تأتي على رأس الفتن التي تحدق بهذه الأمة، خاصة وأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أنه كما قال: (ما تركت فتنة أضر على أمتي من النساء، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) وأخبرنا أيضا – صلوات ربي وسلامه عليه – أن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. ففتنة النساء فتنة عظيمة كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله: {زين للناس حب الشهوات من النساء} فتأتي شهوة النساء على رأس الشهوات التي زينت للإنسان.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن مقاومة هذه الشهوات أيضا من الصعوبة بمكان، وليس بالأمر السهل، ولذلك رتب الله تبارك وتعالى عليه ثوابا عظيما وأجرا كبيرا، ولذلك كما ورد: (من غض بصره عما حرم الله رزقه الله حلاوة يجدها في قلبه يوم يلقاه)، فكونك تغض بصرك عن الحرام معنى ذلك أنك أصبحت من المجاهدين الذين قال الله تبارك وتعالى عنهم في كتابه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

فكونك بفضل الله تعالى تقاوم وتجتهد في المقاومة وتنجح بفضل الله تعالى في كبح جماح نفسك، هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك على خير، وأنك إلى خير أيضا، وأن لديك القدرة بإذن الله تعالى على مواصلة هذه العصمة الطيبة التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها، وعلى مواصلة أيضا مقاومة الإغراءات الشيطانية وحظ النفس الذي يزين لك الباطل ويوقعك فيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى.

فأنا أقول - ابني الكريم الفاضل - : ما دمت قد جربت المقاومة ونجحت، حتى وإن كان هناك شيء من الصعوبة فثق وتأكد أنك قادر على أن تترك الأمر كله بإذن الله تعالى، لأن الذي يصوم يوما يستطيع أن يصوم شهرا، والذي يترك الحرام مرة يستطيع أن يتركه كل مرة، لماذا؟ لأنه أقام بذلك الدليل على أنه قادر، وأن الله منحه القدرة، وأنت الآن كما ذكرت تقاوم وتحاول وتشعر أحيانا كأنك كالقابض على الجمر بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل فعلا على أنك صادق في التزامك بمنهج الله تعالى وتريد النجاة من عذاب الله جل جلاله.

ولذلك أقول لك: عليك بمواصلة فعلا مسألة غض البصر، كما أوصيك حتى تعان على ذلك بضرورة الابتعاد عن المثيرات، فهذه المثيرات قد تكون مسلسلات مثلا وقد تكون أفلاما، وقد تكون برامج وقد تكون دخولا إلى بعض المواقع في الإنترنت، فتضعف إذا كنت وحدك خاصة إذا كنت في وقت متأخر من الليل، وقد تكون مثلا عبارة عن بعض المجلات التي فيها صور عارية لبعض الممثلات أو غيرهن من النساء اللواتي لا يستحين، وكذلك قد يكون كلاما يدور بينك وبين أحد، فهذه تحتاج أن تتجنبها، كذلك مثلا وجودك في محلات التسوق الكبيرة التي يوجد فيها هذا التفلت، فاجتهد بارك الله فيك أن لا تذهب إلى هذه الأماكن، إلا إذا لم يكن هناك مكان آخر تقضي فيه حاجتك، أو إذا كان الوقت ليس فيه كم هائل أو كبير النساء.

بذلك أستطيع أن أقول بأنك سوف تغلق كما هائلا من أبواب الشيطان التي يدخل بها إلى قلبك، ويفسد من خلالها حرصك على غض بصرك وتحصين فرجك.

ثانيا: عليك مع مسألة غض البصر ومسألة المقاومة التوبة أيضا مطلوبة منك، ولا تيأس ولا تقل بأني إنسان سيئ وأني كلما تبت أعود إلى الذنب مرة أخرى وأخرى، لأن هذا من عمل الشطيان، والله تبارك وتعالى كما تعلم أوصانا بقوله: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} فأنت ذنبك أحد الذنوب التي يغفرها الله تبارك وتعالى جل جلاله وتقدست أسمائه.

فعليك – ابني الكريم الفاضل – مواصلة المقاومة ومواصلة التوبة، ولا تتوقف عن الأعمال الصالحة لأن ترك الأعمال الصالحة سيؤدي إلى وجود فراغ كبير في حياتك، هذا الفراغ قطعا سيستغله الشيطان ضدك وسوف يدمر قلاعك، وسوف يقضي على عفتك، بل وقد يدفع للوقوع فيما هو أعظم من ذلك عياذا بالله تعالى.

فعليك بمواصلة المقاومة، وعليك بمواصلة التوبة، وعليك بمواصلة التعليم والتوجيه، والقيام بأعمال البر، أوصيك أيضا بالبحث عن صحبة صالحة تقضي معها بقية أوقات فراغك، لأنك الآن بفضل الله تعالى ورحمته تقاوم بنفسك وتحاول أن تتخلص من هذه المعاصي بقدرتك الذاتية، أريد منك أيضا بارك الله فيك أن تستعين بعد الله تعالى بالصحبة الصالحة، تقضي معها أوقات الفراغ حتى تشحن شحنة إيمانية قوية، وكذلك أريدك أن تجتهد في ورد قرآني يومي تقرأه بالتأمل والتدبر حتى يزيد الإيمان في قلبك.

كذلك أريدك أن تحافظ على الصلوات الخمس في جماعة، وعلى أذكار الصباح وأذكار المساء، خاصة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) وبقوله: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، والتهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، هذه أعمال بفضل الله تعالى سوف تعينك على طاعة الله تعالى، وسوف تأخذ بيدك وناصيتك إلى الخير بإذن الله جل وعلا.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعافيك الله، لا تستسلم لكيد الشيطان ولا يضحك عليك الشيطان ليقول لك: إنك عاص وإنك كلما تبت رجعت.

هذا كله من عمل الشيطان، لأن الشيطان يريد أن يصرفك عن التوبة الجادة الصادقة، فعليك بمواصلة التوبة والإكثار من الاستغفار كل يوم، والدعاء والتوجه إلى الله تعالى أن الله يعافيك من هذه المعاصي ويطهرك منها بحوله وقوته، واطلب من والديك الدعاء لك أيضا، وعليك بالصيام إن استطعت إلى ذلك سبيلا، والاجتهاد في الابتعاد عن مواطن الفتن سواء كان في الجامعة أو في غيرها، وأسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأبشر بفرج من الله قريب.

وللفائدة راجع وسائل التوبة من المواد الإباحية: ( 3731 - 1978 - 26279268849 - 283567 )، ووسائل الإعانة على غض البصر: ( 239845 - 4102 - 250161 ).

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات