كيف أنمي ثقة ابنتي بنفسها؟ وكيف أجعلها تتغلب على مشكلة التأتأة؟

0 385

السؤال

ابنتي في السابعة عشر من العمر في الصف الثالث الثانوي، بدأت عندها التأتأة بشكل خفيف وعمرها تسع سنوات، ويبدو أنه بسبب الخوف من مدرسة معينة، وفي هذا العام ازدادت المشكلة إلى حد أنها في بعض الأوقات تعجز عن نطق الكلمة، بل وحتى التعبير، فتلجأ إلى الصمت مما يؤدي إلى سخرية زميلاتها، كما أشعر في بعض الأوقات أنها كثيرة النسيان ضعيفة التركيز، محبطة.

لها طموح أن تحصل على معدل عال كبقية طالبات الأسرة، سخر منها الأهل بتسجيلها في القسم الأدبي متعللين بأن هذا القسم للأغبياء، بالرغم من تشجيعي المستمر لها بأنها على مستوى عال من الذكاء، تحاول جاهدة التركيز، لكن بدون جدوى.

السؤال :
كيف أنمي ثقتها بنفسها؟ وكيف تتغلب على مشكلة صعوبات النطق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وشيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنشكرك أيتها الفاضلة الكريمة على اهتمامك بأمر ابنتك هذه، ونسأل الله لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

التأتأة ليست كثيرة وسط البنات، وحين تكون موجودة هي دليل على وجود قلق نفسي، وهذه الفتاة - حفظها الله - كما ذكرت وتفضلت بأنها في عمر التاسعة قد تعرضت لموقف فيه شيء من الترهيب والخوف، وهذا كون لديها ما نسميه بالنكوص - أي الرجوع - إلى مرحلة ارتقائية أولية متأخرة، وظهر هذا في شكل هذه التأتأة أو التلعثم في النطق.

هذه الفتاة محتاجة للآتي:
أولا: تعاد لها الثقة في نفسها، وذلك من خلال إشعارها بأهميتها داخل الأسرة، وأن توكل لها بعض المهام الأسرية، بمعنى الآخر: يجب أن تكون عضوا فاعلا في الأسرة.

ثانيا: يجب أن تسعي دائما لطمأنتها، وأن التأتأة ليست منقصة أبدا، وأنها سوف تختفي، وحثيها على الدعاء: {رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}.

ثالثا: بالنسبة لتسجيلها في القسم الأدبي وإن كان الأهل قد تعللوا بأن هذا القسم للأغبياء، إلا أن هذا المفهوم مفهوم خطأ، القسم الأدبي - من وجهة نظري ودون مجاملة - لا يقل أبدا عن القسم العلمي، ويمكن للإنسان أن يبدع فيه، ويمكن للإنسان أن يتميز، الآن نحن نعيش في عالم كثرت فيه طرق اكتساب المعارف والتخصصات، والمهم هو أن يجيد الإنسان ما يقوم به، فأرجو أن تبني في داخلها هذا الشعور.

رابعا: هذه الفتاة تحتاج أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مهمة جدا، ونحيلك إلى هذه الاستشارة 2136015 التي ستجدين فيها كيفية تطبيق هذه التمارين.

خامسا: دعيها وأنصحيها أن تصرف انتباهها حين تتكلم، أعرف أن ذلك ليس بالسهل، لكن يجب ألا تركز على كل كلمة تنطقها، وصرف الانتباه يكون مثلا من خلال أن تتعلم: حين أبدأ الكلام سوف أضع يدي اليمنى على يدي اليسرى - مثلا - أو سوف أحني رجلي قليلا في منطقة الركبة. هذه نوع من روابط صرف الانتباه، وهي مفيدة جدا إذا طبقت بصورة صحيحة.

سادسا: أرجو أن تحدد هذه الفتاة - حفظها الله - الحروف التي تجد صعوبة في نطقها، وتدخل هذه الحروف في كلمات، تبدأ بالحرف الذي تجد فيه صعوبة، ومن ثم تدخل هذه الكلمات في جمل، وتكرر هذه الجمل عدة مرات، وتقوم بتسجيل ما تكرره ثم تستمع لما قامت بتسجيله.

سابعا: يجب أن تتعلم أن تأخذ نفسا عميقا وبطيئا قبل بداية الكلام.

ثامنا: كما تعرفين -أيتها الفاضلة الكريمة- أن قراءة القرآن الكريم بتؤدة وسكينة تحسن النطق لدى الناس، وكذلك تحسر التأتأة كثيرا حتى تختفي إن شاء الله تعالى.

الجزء الأخير هو العلاج الدوائي، والأدوية المضادة للقلق والمخاوف لا شك أنها تساعد كثيرا. هنالك دراسات حول دواء يعرف باسم (هلوبريادون) هذا أول الأدوية التي أعطيت لمساعدة الذين يعانون من التأتأة، لكن هذا الدواء له بعض الآثار الجانبية، لذا لا ننصح به الآن.

الأدوية المضادة للمخاوف أيضا وجدت أنها مفيدة، مثل عقار يعرف باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال) تناوله مثلا بجرعة خمسة وعشرين مليجراما - أي نصف حبة - ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى نصف حبة ليلا لمدة شهرين، ثم إلى نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله.

هنالك أيضا عقار يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول) تناوله بجرعة نصف مليجرام يوميا لمدة شهرين أو ثلاثة، وجد أنه مفيد.

عقار (زبركسا) والذي يعرف علميا باسم (أولانزبين) بالرغم من أنه دواء يستعمل لعلاج الأمراض الذهانية، إلا أن تناوله بجرعة صغيرة مثل نصف مليجرام يوميا وجد أنه مفيد.

عقار (تفرانيل) والذي يعرف علميا باسم (إمبرامين) بجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا أيضا فيه فائدة كبيرة.

إذن أختي الكريمة: نحن أمام مجموعة كبيرة من الأدوية كلها مفيدة، لذا أنا أنصحك بأن تذهبي بابنتك إلى الطبيب النفسي، وسوف يقوم إن شاء الله الطبيب بتوجيه الإرشاد اللازم لها، ويكتب لها الدواء المناسب، والذي أنا متأكد تماما أنه سوف يساعدها كثيرا، وأنا أؤكد لك أن الأدوية التي بيدنا الآن هي سليمة وفاعلة وغير إدمانية.

لا شك أن ضعف التركيز ناتج من القلق، وحين يزيل القلق من خلال ما ذكرناه من إرشاد وتناول أحد الأدوية التي سوف يصفها الطبيب، سوف يتحسن التركيز لديها كثيرا.

ثقتها بنفسها إن شاء الله سوف تأتي، من خلال ما ذكرناه لك، خاصة إشعارها بأنها عضو فعال في الأسرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات