سلوك طفلي يزعجني .. فكيف أهذبه؟

0 387

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أشكر لكم جهدكم، وأسأل الله العظيم أن يجعله في ميزان حسناتكم.

ابني عمره ثمان سنوات ونصف، وهو توأم لأخته، وهما الأكبر عندي، ثم تليه أخته عمرها أربع سنوات، وأخ ضعير عمره ثمانية أشهر.

مشكلته أنه دائم الاسترخاء، قليل النشاط، يكتب أو يلعب وهو مسند رأسه، يضحك كثيرا - خاصة في وجود الغرباء - حتى أنه أحيانا يسيء الأدب بقصد المزاح أو السخرية، وعندما يشعر بالضيق ينفس عن ضيقه بالمزاح وكأنه يقوم بتلطيف الجو، إلا أنه عصبي جدا جدا على أختيه، يفور لأتفه الأسباب، ولا يقدر أبدا عمر أخته الصغرى، أشعر بداخله تردد - وهذا ما قاله لي مرة - أنه يعاني من مشكلة بأنه يريد أن يتكلم مع أحد، فيتردد أحيانا، يميل للكذب لإبراز الذات، أشعر أنها سمات شخصية ضعيفة.

قرأت كثيرا حول هذا الأمر، وأقوم بما يقوي شخصيته كالحوار والتشجيع وعدم التوبيخ ومدحه أمام الآخرين وإظهار إنجازاته، لكن دون جدوى، هذه النقطة الأولى.

أما النقطة الثانية المتعلقة بالأولى أنه يكره أي واجب أو تحمل للمسؤولية، سواء طلبت منه أن يرتب غرفته، أو يكتب واجبه، أو يحفظ بعض سور القرآن، خطه في الكتابة سيء جدا جدا، لا يقوم بواجبه، حتى أني أرفع صوتي عليه أو أهدده بوالده. إنه يخافه كثيرا رغم أنه لم يعاقبه أبدا، ولا حتى مرة واحدة.

نقطة أخيرة: لا بيكي أمام أحد أبدا، يذهب بكائه وكأن بكائه عار ويكتم انزعاجه بشكل كبير، لكني أقول له: عندما نكون وحدنا ابك ليس البكاء بعيب. لحوح جدا في طلباته، كشراء لعبة أو مشاهدة برنامج تلفزيوني. يحب الرسوم المتحركة بصورة غير طبيعية، متعلق به جدا جدا، وأنا أحدد له ساعة واحدة فقط مرتين في اليوم، لكنه منزعج جدا مني.

ماذا أفعل معه؟ كيف أجعل منه رجلا قويا مجتهدا مسؤولا متقنا لعمله؟ كيف أشجعه على الدراسة وحفظ القرآن والكتابة بخط مقبول؟

مع كل الشكر لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فشكرا لك على كل هذه الأسئلة، التي لا أظن أنك تتوقعين منا الإجابة عنها كلها دفعة واحدة، فقد طرقت الكثير من الأمور مع هذا الطفل. وبدلا من أن أعطيك سمكة أو سمكتين، فسأعلمك على الصيد.

حقيقة وأنا أقرأ سؤالك كنت أسأل نفسي، كل هذا عن هذا الصبي، ولكن ما هو حال أخته التوأم؟!

يبدو أن هذا الصبي استطاع أن يجذب كل الانتباه إليه من خلال كل هذه الصفات والسلوكيات التي وصفت في سؤالك، ويبدو أننا عودناه على محاولة جذب انتباهنا من خلال كل هذه السلوكيات والتصرفات السلبية.

فيا ترى كيف يمكن أن نعكس الموضوع، وبحيث نعطيه انتباهنا كرد فعل لسلوكه الحسن الإيجابي، وليس السلوك السلبي الذي علينا تجاهله، إلا إذا كان هذا السلوك السلبي يعرض الطفل أو غيره للأذى المباشر، فهنا علينا التدخل وإيقاف هذا السلوك المؤذي.

أريدك أيتها الأم الفاضلة، من اليوم وخلال الأسابيع القادمة، أن تعطي انتباهك لهذا الطفل، أو أخواته، عندما يتصرف بالشكل الصحيح والسليم، وأن تتجاهلي السلوك السلبي وكأنه لم يحصل، إلا إذا كان كما قلت فيه أذى لنفسه أو للآخرين.

ودعيني هنا أشرح نقطة هامة قد تكون نقطة تحول في طريقة تربيتك لأطفالك، والتي قد لا يعرفها وينتبه إليها الكثير من الآباء والأمهات.

قاعدة بسيطة في علم النفس والتربية: أن السلوك الذي نعطيه الانتباه يتكرر ويزداد مع الوقت، بينما السلوك الذي نتجاهله يختفي مع الوقت ويقل تكرره.

ومعظمنا - نحن الآباء والأمهات - نأكل الطعم، فبدل أن نعطي انتباهنا للسلوك الإيجابي الذي نريد، نجد أنفسنا لا ننتبه إلا للسلوك السلبي، ومن ثم نتفاجأ من أين أتى هذا السلوك السلبي؟!!

فعندما تجدي طفلك يعمل بنشاط ولو لدقائق، وعندما يتعامل بأدب ولو لثوان، وعندما يضحك بالطريقة المناسبة، وعندما يلعب بلطف مع أخواته، وعندما يرتب ولو جزءا بسيطا من غرفته....إلخ، فعندها وجهي إليه انتباهك، ودعيه يلاحظ أنك قد لاحظت سلوكه (الحلو) هذا.

استمري على هذا الحال خلال الأسابيع القادمة، وستلاحظين تحولا كبيرا في حياة هذا الطفل، وسلوكه، وكذلك سلوك وحياة بقية أطفالك.

أما الخط السيئ جدا جدا، فأترك هذا لمعلمي المدرسة، التي يفيد الحديث معهم في هذا الأمر.
وفقك الله، وأراح بالك من سلوك طفلك وأسرتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات