لا أجدني في مهنة طب الأسنان، وأفكر في الدراسة من جديد

0 443

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي معقدة وغريبة، أنا فتاة تخرجت من كلية طب الأسنان في إحدى الجامعات المعروفة، ولم أكن أحب هذا التخصص أثناء الدراسة، وكنت أقرف من شغل الأسنان والعيادات والمرضى، ورغم أني كنت متفوقة في الثانوي إلا أني تأخرت في الجامعة بسبب عدم الرغبة، وأشعر بندم شديد أني ضيعت سنين عمري في دراسة تخصص لا أحبه، ولا أرغب في العمل في مجال طب الأسنان إطلاقا.

الآن عمري (27) سنة، وأفكر أن أدخل الجامعة مرة أخرى، لدراسة تخصص آخر أدبي، مثل المحاسبة أو إدارة الاعمال في الهند أو ماليزيا؛ لأن الجامعات في بلدي لا تقبل الشهادات الثانوية القديمة، المشكلة أن هذا هو وقت الزواج بالنسبة لي، وليس وقت الدراسة، وعندما أتخرج مرة أخرى من الجامعة سيكون عمري حينها (30) سنة، وسأصبح عانسا بسبب موضوع الدراسة، أنا في حيرة وعذاب، أتمنى أن تنصحوني، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Pikky حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكر لك ابنتنا الفاضلة تواصلك مع موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأرجو أن تعلمي -ابنتي الفاضلة- أن كل عمل يعتبر عملا شريفا ما دام حلالا، وكل تخصص يدرسه الإنسان يتفوق فيه يستطيع أن ينفع به أمته، وكم تمنينا لو أن هذه الاستشارة جاءت في وقتها، فإن الإنسان ينبغي في البداية أن يدرس المجال الذي يميل إليه ويجد نفسه فيه، حتى يبدع فيه وينتج، ولكن الآن قدر الله وما شاء فعل، ولأن لو تفتح عمل الشيطان، ولا تفيدنا كثيرا.

لا تقفي عند هذا الموضوع طويلا، وحاولي أن تفتحي على نفسك آفاق الأمل الجديد، ولا مانع من أن تواصلي الدراسة في أي مجال تريدينه ومن أي مرحلة تحتاجينها، ولكننا نقول: إذا جاءك في هذا الوقت الخاطب المناسب فلا تتأخري، ولا تجعلي الدراسة عذرا لرفض الزوج وتأخير الزواج، ونحن -ولله الحمد- عندنا عدد كبير من النماذج الذين نجحوا بعد زواجهم، بل عندنا تجارب لنساء بعد أن أنجبت أولاد درست مع أولادها، فحققت النجاحات الكبرى ونالت الشهادات العليا التي تريدها.

فالإنسان إذا كان عنده أمل لا يقف أمامه شيء، ولكننا نريد أن نصحح فكرة: وهي أن بعض الناس يظن أن الدراسة تعوق الزواج، أو أن الزواج لا يمكن أن تكون معه الدراسة، وهذا المعنى غير صحيح، لأننا بكل أسف نظن أن للعلم حدا، والعلم ينبغي أن يستمر فيه الإنسان من مهده إلى لحده، كما قال الإمام أحمد، وكان يحمل المحبرة والقلم في آخر عمره، قالوا: إلى متى تحمل المحبرة؟ فقال: (مع المحبرة إلى المقبرة).

طبعا لا يخفى عليك أن مسألة التعليم من الأمور التي ينبغي أن يستمر فيها الإنسان، والمسلمة محتاجة أن تتعلم وتصحح به عقيدتها وتصحح به عبادتها، وتصحح به تعاملها مع الناس، ثم بعد ذلك عليها أن تنطلق في ميادين العلم التي تهواها، والتي تجد نفسها فيها، وفي حالة البنات نحن أيضا نفضل أن يكون التعليم أيضا متناسبا مع أنوثة المرأة، ويحقق لها الكثير من الإنجازات ويشبع عندها الجوانب النفسية التي تحتاج إلى تنمية، والأهم من ذلك أنها تقدم خدمات مشكورة لمجتمعها ولبنات جنسها.

فإذن لا مكان للحيرة، استأنفي حياتك من جديد، وكم تمنينا أيضا أن تحاولي أن تعرفي أسباب رفضك لذلك التخصص، والعجيب أن هذا التخصص مرغوب في بلاد كثيرة في العالم، وله صولات وجولات، مجال طب الأسنان، فأرجو أن تحاولي معرفة أسباب رفض هذا التخصص، خاصة وأنك درست سنوات طويلة، هل يا ترى هناك أسباب مادية معروفة؟ أم أن هناك أسباب غير معروفة؟ هل حصل أنك كنت تحبين هذا المجال ثم وجدت في نفسك نفورا بعد ذلك؟ أم من البداية كنت تنفرين منه؟ والغريب إذا كنت نافرة من البداية كيف دخلت هذا المجال؟ وكيف حققت هذه النجاحات؟

إذن نحن نحتاج إلى أن نقف معك أمام هذه التساؤلات لتجيبي عليها، ولا يخفى عليك أن مسألة الطب بعض الناس قد تأتيهم مثل هذه الحالة في البداية، لكن أن يستمر ويتعامل مع الدراسة ويبدأ هذا المشوار وقد يخوض بعد ذلك تجارب عملية، والرؤيا واضحة أمامه، هو يعرف كيف يعمل الأطباء وماذا يعملون، هذا حقيقة هو الذي يحتاج إلى وقفة، ونحن نريد أن نقول: هل هناك أسباب معروفة مادية؟ أم أنك تجدين أنه يحال بينك وبين هذا المجال لأسباب لا تعرفينها؟ وفي كل الأحوال أنت بحاجة إلى الاستعانة بالله واللجوء إليه سبحانه وتعالى.

المعادلة المهمة التي نريد أن نصححها هو أنه لا تعارض بين الزواج وبين مواصلة الدراسة، فأنت الآن إذا استطعت أن تدخلي في المجال الذي تجدين فيه نفسك وجاءك غدا خاطب مناسب صاحب دين وخلق، فلا تجعلي الدراسة سببا في رفض هذا الخاطب، وتزوجي وأكملي دراستك، ولو بالانتساب ولو بطريقة المنازل كما تسمى في بعض البلاد، فإن الإنسان إذا كانت له همة وكانت عنده رغبة يستطيع أن يحقق أشياء كثيرة ونجاحات كبيرة في حياته.

لا تفكري في مسألة الخوف على المستقبل وتحملين نفسك ما لا تطيق، فإن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، والمسلمة تفعل الأسباب ثم تتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، وإذا كانت لك مجالات الآن ممكن أن تنتجي فيها وتنجزي فيها فلا مانع من أن تواصلي الدراسة، وخاصة وعندنا في تاريخنا أمثال العز بن عبد السلام الذي بدأ الدراسة تقريبا بعد هذا العمر، بعد ثلاثين سنة، بدأ الإقبال على العلم، فما أن مضت سنوات إلا أصبح سلطانا للعلماء وإماما للأمة في زمانه –رحمة الله عليه-.

فالإنسان عنده قدرة في أن يحقق الكثير، وأنت -ولله الحمد- تستطيعين أن تفعلي الكثير، فاستعيني بالله ولا تعجزي، وتوكلي على الله، وأشغلي نفسك بطاعة الله، وأكثري من اللجوء إلى الله، ورتبي أوراقك، وحددي أهدافك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، ونتمنى أن نسمع عنك خيرا، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات