كيف نخلص والدتي من مرض الذهان؟

0 583

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد أن توفيت جدتي بدأت أمي تشك في كل شيء - وكانت تعتمد على جدتي في كل شيء - وتقول أنها تسمع أناسا يقولون لها أشياء وتتهمهم بأشياء ليس له دليل، رغم أن من تشتكي منهم حدث منهم مواقف قريبة مما تقول - كما تقول - أن هناك أشياء تنقص من البيت، وتتهم هؤلاء الأشخاص.

وقد دخلت المستشفى مرتين، وآخر مرة قبل أن تدخل المستشفى جاءت لها أعراض بأنها لا تنام لمدة ثلاثة أيام، وتسرح كثيرا، وإذا نامت تنام نفس الأيام، وكانت لا تريد أبي، وكانت تبكي، والآن أي شيء ينقص من البيت تعتقد أن أحدا أخذه، وكذا مرة طلبت من أبي أن يطلقها، وتريده أن يمشي من المنزل.

أحيانا كان أبي يتعامل معها بطريقة فظة أو غير لائقة، تتضايق كثيرا وتكتم في نفسها، ثم تبدأ تشتكي منه عن أشياء غير التي فعلها، رغم أنه أتي لها بهدية لكنها غير راضيه، وهي تنام كثيرا.

قلت لها نذهب للدكتور، فتقول لي: (أنا لست مريضة) رغم أنها تتابع مع دكتور، لكنها لا تتحسن كثيرا، وتأخذ إبرة (حقنة MODECATE ISPOTEN) خمسة وعشرين مليجراما، ولأن هذا الدواء يؤدي إلى رعشة باليد لا تتناوله إلا بالمحايلة، وأنا أعتقد أن مرضها مرتبط بحالتها النفسية، فأنا لا أعرف ماذا أفعل.

• هل هناك فرصة بالشفاء من هذا المرض؟
• وما مدى خطورة حالتها من هذه الأعراض؟
• وهل هناك أدوية تحسن من حالتها بدون أعراض جانبية؟
• وهل أذهب بها إلى دكتور آخر أم أستمر مع هذا الدكتور؟
• وكيف أقنعها؟
• وهل الدكتور المتابع لابد أن يسألها ويدردش معها عن حالتها النفسية أم يكتب لها الدواء كل مرة فقط دون أن يسألها؟
• وهل كل ما تأتي لها هذه الأعراض لا بد أن تدخل المستشفى؟ - وأنا لا أريد ذلك - أم من الممكن العلاج في البيت مع الاهتمام؟
• هل البيئة المحيطة بها لها سبب بزيادة المرض أو نقصانه؟

مع العلم أنها مريضة بالروماتويد أيضا.

أرجو الإفادة وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الوصف الدقيق الذي أوردته يدل أن والدتك – شفاها الله تعالى – تعاني من حالة تعرف بـ (المرض الذهاني) وهو نوع من الأمراض الزوارية – أي الظنانية – ومن الواضح أن ما يسمى بالفكر الاضطهادي – أو الباروني – يسيطر عليها، كما أنها تعاني من هلاوس سمعية، وكل هذا بالطبع ينتج عنه اهتزاز في بصيرتها وعدم ارتباطها بالواقع، لذا لا ترى أنها مريضة، وهذا هو التاريخ الطبيعي أو ما نشاهده يوميا من خلال مناظرتنا لحالات مشابهة لحالة والدتك.

هذه الحالة من وجهة نظري يمكن أن تعالج لدرجة كبيرة، ووجود أعراض نشطة لهذه الدرجة لابد أن يعاد النظر في العلاج وفي طريقة العلاج.

عقار (موديكيت Modecate) هو دواء ممتاز، لكنه من الأدوية القديمة، وأتفق معك أنه قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل الرعشة والرجفة والتخشب وكذلك التململ، تجد المريض لا يستطيع أن يجلس في مكان واحد في معظم الأحيان.

فأعتقد أن الأفضل هو أن تذهبي بوالدتك إلى الطبيب، وأرجو ألا تناقشيها أبدا في أنها مريضة، قولي لها (يا والدة، نريد أن نذهب ونطمئن على صحتنا وعليك أنت أيضا على وجه الخصوص، سوف يقوم الطبيب بإجراء فحوصات كاملة لك لنتأكد أن صحتك ممتازة) هذا النوع من الأسلوب دائما أفضل.

وبالنسبة للأفكار البارونية الظنانية: لا نفضل أبدا أن نناقش المريض فيها بشيء من التحدي وأن نتهمه بالتوهم، هذا يثبت ويزيد هذه الأفكار، والذي ننصح به دائما هو أن نتعامل مع هذا الفكر بشيء من الحيادية، أي حين يتشكك المريض في شيء نقول له: (لا تنزعج، الأمور كلها طيبة، ونحن نقدر مشاعرك، وإن شاء الله تعالى لا يوجد شيء فقد من المنزل) وهكذا. إذن هذا النوع من الأسلوب والمنهجية في التعامل هو المطلوب.

بالنسبة للأدوية: توجد أدوية أحدث من الموديكيت، وهي موجودة في مصر، والحمد لله تعالى مصر مليئة بالأطباء من أصحاب التميز والمؤهلات العالية جدا في الطب النفسي، فاذهبي بوالدتك إلى الطبيب وسوف يقوم الطبيب بوضع خطة علاجية، وإن طلب منك الطبيب إدخالها مستشفى فلا بأس في ذلك، لأن إدخال المريض المستشفى يعطي الأطباء فرصة أفضل لمراقبة المريض ومتابعته، وحصر أعراضه كاملة، وإعطاءه الأدوية المناسبة، ومراقبته بصفة يومية، وفي ذات الوقت هناك فرصة جيدة للمريض لأن يدخل في بعض البرامج التأهيلية التي من خلالها يتعلم كيف يتفاعل مع الآخرين وكيف يدير وقته... وهكذا.

فدخولها للمستشفى لمرة واحدة أعتقد أنه سوف يكون قرارا سليما إذا رأى الطبيب ذلك، بعد ذلك تكون المتابعات العلاجية اللصيقة، بمعنى أن يعطى لها الدواء في وقته، ومقابلة الطبيب أيضا من وقت لآخر يجب أن يكون هنالك التزام بها.

من ناحيتكم: دائما أشعروها بالأمان، يجب أن تشعر بأنها مقدرة، بأنها محترمة، بأنكم أنتم تسعون لبرها. هذا أمر جيد، ويفيد كثيرا.

بالنسبة لسؤالك حول البيئة المحيطة بها هل هي سبب في زيادة المرض أم نقصه؟
هذا الكلام دار حوله الكثير من النقاش، وأنا أعتقد أن البيئة التي تعيش فيها مما ألاحظه بيئة معقولة جدا حتى وإن كان الوالد يتعامل معها بشيء من الانفعالية، هذا لا يعني أن البيئة سيئة، أنا أعتقد أن المهم هو أن نهيئ لها البيئة التي لا نتحدى فيها هذه الأفكار التي تقولها، وألا نعاملها كمعاقة، وفي نفس الوقت يجب أن نقدر ظروفها المرضية.

هذا النوع من التوازنات أعتقد أنه يفيد، لكن العلاج الرئيسي لوالدتك هو العلاج الدوائي، لأن هذا المرض مرتبط ارتباطا وثيقا باضطراب في بعض المواد الدماغية، وهذا الاضطراب بالطبع لا يمكن أن يصحح إلا من خلال العلاج الدوائي.

بالنسبة للروماتويد فلا علاقة له بالحالة الذهانية التي تعانيها الفاضلة والدتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات