زوجتي ترفض أن آخذ أولادي لزيارة أمي فماذا أفعل؟

0 630

السؤال

السلام عليكم.

الإخوة الأعزاء في شبكة إسلام ويب, تحية طيبة:

لدي مشكلة قديمة جديدة أرقتني, وتسببت في النيل من صحتي، مشكلتي بدأت حين قررت أن أتزوج.

أنا رجل وحيد الأم، لدي أخت واحدة مقيمة في أوروبا، والدي منفصل عن والدتي منذ 30 سنة, وهو حي يرزق رفض التعرف علينا، وكانت آخر مرة رآني فيها عام 1985م, وإلى يومنا هذا لا يعرف عنا أي شيء، حاولت رؤيته عدة مرات ولكنه رفض، البداية كانت تحديات بين وأبي وأمي انتهت بالطلاق.
سارت الحياة وكانت أمي هي من ربتني وعلمتني أنا وأختي، ومع مرور الأيام حاولت الزواج مرة أخرى, ولكن زواجها باء بالفشل من أوله، فكانت النتيجة الطلاق.

والدتي متعلمة, ولها حضور وشخصية قوية جدا، ويبدو أن قسوة الأيام في مجتمع كمجتمعاتنا هي السبب، فالجميع يصفها بالجبارة, وأنها أصلب من الصخر.

تعرفت على فتاه طيبة صاحبة دين وخلق في 2007م, وعندما قررت الخطوبة، بدأ الصراع بين أمي والخطيبة، أمي تريد أن يكون مسار حياتي بما يتناسب معها، وزوجتي تريد الاستقلال.

نشبت خلافات بينهم, ولكن بحمد الله تجاوزناها, ولكنها لم تمح من ذاكرتهما.

في 2008م تزوجت, ونظرا لظروفي العائلية بدأت الخلافات في العرس، فنحن لا أب, ولا عم, ولا عمة, ولا خال, ولا خالة يتعرف علينا، وهم -أي أهل العروس- عائلة طبيعية, فكان عددهم أكثر من عددنا، وهنا كانت البداية، وأثناء العرس أمي فقدت أعصابها, وبدأت تنهال بالسباب والشتائم على أهلها، مضى العرس ولم أعلم ماذا بأمي فقد كانت تخرج وتدخل متوترة، وأرى الناس متجمهرين حولها يهدؤونها.

كان من المخطط أن أسكن معها وفاء لها، ولكن قامت بطردي وزوجتي ثاني أيام العرس، وبدأنا البحث عن منزل وتكبدت خسائر مادية كبيرة, مازلت أدفعها إلى يومنا هذا.

في 2009م رزقنا بمولودة أنثى، وكانت أمي تريد السيطرة على ابنتي، فما كان إلا نشب خلاف بينها وبين زوجتي، وما كان من حل إلا الفصل بينهما، ومنذ حينها لم يروا بعضهم, ولا يكلمون بعضهم, ولا علاقة لهم ببعض.
مرت ثلاثة أشهر وأمي ترفض أن تراني، وكان الوضع إما أن تطلقها أو لا شيء لك عندي.

حل إشكالي معها بتدخل الناس, وبدأت بالذهاب لزيارتها مرة أو مرتين بالأسبوع، وكنت آخذ ابنتي معي بانتظام؛ لدرجة أن أمي لا ترحب بي وحدي، فكان فرضا علي أن آتي بابنتي معي، وذات يوم في نهاية 2010م كان الجو سيئا وابتني مريضة، فما كان من أمي إلى أن تطردني, ودامت القطيعة بيننا حوالي السنة.

في هذه الأثناء رزقني الله بولد، وبعدها بفترة قمت بزيارتها وحدي بعد قرب السنة، وقلبت صفحة المشاكل, وبدأت من حينها بالاتصال بها يوميا وزيارتها مرة أو مرتين بالأسبوع حسب ظروف عملي, متمشيا مع قوله تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" صدق الله العظيم.

زوجتي هددتني بطلب الطلاق في حال أخذت أولادي أو أحدا منهم إليها، والآن وبعد ستة أشهر من عودة العلاقة بيني وبين أمي، بدأت أمي بطلب رؤية أولادي، وهذا ما يجعل زوجتي تفقد أعصابها، وتصر على الموقف.
لا أدري ماذا أفعل؟ كل ما أقوم بعمله أن أقول لأمي خيرا إن شاء الله، ولزوجتي لا تخافي.

حتى إن أهل زوجتي مستعدين أن يطلقوا ابنتهم مني حال أخذت أولادي لأمي.
أمي تقول لي أين الرجولة؟ وبالمقابل إذا قمت بأخذهم سيؤدي إلى خراب البيت، وأنا لا أريد أن يعاني أولادي ما عانيته أنا من عدم وجود الأب في البيت، لأنه لولا ظروفي غير الطبيعية لما كان حصل ما حصل, ساعدوني بالله عليكم، ماذا أفعل؟

من جانب أريد الإبقاء على علاقة طيبة خالية من المشاكل مع أمي، ومن جانب زوجتي طيبة, ولا أريد أن أخرب بيتي, وأجعل أولادي يدفعون ثمن خلافات لا علاقة لهم فيها مثلما حصل معي, ومع أختي التي ترفض زيارة البلاد العربية نتيجة ما حصل لنا من عذاب السنين.

ماذا أفعل؟ هذا الموضوع قاتل, ولا حل له عندي، ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فمرحبا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك حرصك على برك بأمك، وهذا واجب عليك، فإن حق الوالدين من آكد الحقوق بعد حق الله تعالى، ولذلك قرنه الله سبحانه وتعالى بنفسه في هذه الآية الكريمة التي سقتها، وهي قوله سبحانه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} وأمر الله عز وجل بمصاحبتهما بالمعروف مهما اشتد إيذاؤهما للولد, ومحاولة الإضرار به، فقال سبحانه: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

وليس من المعروف -أيها الحبيب- أن تنقطع عن والدتك هذه المدد الطويلة، فإن هذا من العقوق في عرف الناس، والوالد أو الوالدة يتأذى بهذا السلوك، وإيذاؤهما حرام.

ومن ثم فنحن ننصحك أولا بمراجعة أمورك في علاقتك بأمك, وترتيب أحوالك معها بشكل آخر أليق من هذا الأسلوب الذي أنت عليه، ونحن على ثقة تامة بأن أمك إذا رأت منك الحرص على إرضائها والعمل على طاعتها فإنها سترضى منك بما هو أقل من حقها، فإن أمك -أيها الحبيب- لا شك أن قلبها مملوء بحبك، فهذه فطرة الله التي فطر عليها الناس، ولن تجد أحدا في الناس يرحمك كما ترحمك أمك، أو يحبك كما تحبك أمك، كائنا من كان هذا الإنسان.

ومما لا شك فيه -أيها الحبيب- أن من حقها عليك أن ترى أبناءك، فهم أبناؤها، وقطيعتها عنهم ومنعها من الوصول إليهم ورؤيتهم ليس من البر بها، ومن ثم فهذا الموقف لابد وأن يتغير، ولكن مع هذا لابد من الترفق بالزوجة, وأخذها بالأسلوب الحسن، ومحاولة إصلاح ما بينها وبين والدتك، أو على الأقل إزالة هذه التوترات، وإذا أخذت الأمر برفق ولين وحاولت اتباع الأسلوب الأحسن، فإننا على ثقة بأنك ستصل إلى المقصود بإذن الله تعالى.

فزوجتك مهما كانت صلابتها ستلين بيدك، وستميل إلى رأيك حين ترى أنه لا ضرر عليها في ذلك، وأن حبها لديك سيزيد, وسيعظم بقدر مساعدتك, إذا أمنت من أن تقع في مشكلات مع أمك.

ومن ثم فنصيحتنا لك في التعامل مع زوجتك تتلخص في الآتي:

أولا: حاول قدر وسعك أن تبعث لزوجتك رسائل الاطمئنان، فتطمئنها من أن حسن علاقتك بأمك وزيارة أبنائك لها لن يؤثر على حياتها، ولن يخلق لها مشاكل، ولن تجني من ورائه أي هموم، فإذا وصلت هذه الرسالة بشكل صحيح واقتنعت بها الزوجة فإنها لن تمانع أبدا من طلبك بعد ذلك أن تزور أمك بأبنائك.

الأمر الثاني: حاول أن تذكر الزوجة بحقوق أمك عليك، وأن برك بها وإحسانك إليها ستعود ثماره وبركته على علاقتك بأبنائك، فإن بر الوالد يكون سببا لبر الأبناء، مع تذكيرها بعظيم حق الأم وإن أساءت، وأن من حب الزوجة لزوجها أن تعينه على الخلاص من النار والنجاة منها، ونحو هذا الكلام, ولا ريب أنه سيرقق قلب الزوجة وسيلينها لتتعامل معك، ما دام لا يضرها هذا التعاون.

الأمر الثالث: حاول دائما -أيها الحبيب- أن تكافئ الزوجة بالشكر وبالكلمات الجميلة، بالهدية، بأنواع التشجيع، حين تقدم لك خيرا, وتبذل لك مساعدة في هذا الجانب، فإن هذا السلوك مما يشجعها على الزيادة منه.

الأمر الرابع: حاول دائما أن توصل الرسائل التي تقرب قلب زوجتك من قلب أمك، بأن تبلغها عن أمك ثناءها عليها وشكرها لها، وكذلك تفعل مع أمك، فإن هذا من شأنه أن يقرب القلوب وتزول الوحشة بينهما شيئا فشيئا، لعل الله عز وجل أن يصلح حالهما.

نحن على ثقة -أيها الحبيب- بأنك إذا أخذت بهذه الطرق والوسائل, واعتمدت أسلوب الرفق واللين في التعامل مع الطرفين، فإن الله عز وجل لن يرد سعيك سدى، وستقوم بأداء حق كل ذي حق دون مشقة.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات