زوجتي عصبية تثور لأتفه الأمور وتستفزني بشتم أهلي، فكيف أتعامل معها؟

0 639

السؤال

السلام عليكم .

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، السلام عليكم ورحمة الله، أنا شاب في الثلاثين من عمري، متزوج منذ أربع سنين، ولدي بفضل من الله بنتان.

على خلاف مع زوجتي بسبب عصبيتها الغير مبررة، وثورتها على أتفه الأمور،
وبعدها يتبعها صوت عال، وتحاول استفزازي وإغضابي بشتى الطرق إلى أن يصل بها إلى شتمي.

وللأسف أخضع للشيطان، وأثور وأغضب، وأبدأ بضربها لكي تصمت، وأبدأها بقولي لها دائما (خلاص روحي روحي)، وهي تمضي بالشتم علي، ويصل بها إلى شتم أهلي، علما بأنها على وفاق كامل مع أهلي، ولكنها تعرف أن شتمها لأهلي يثيرني فلهذا تشتمهم.

وأنوه أنه بالماضي نصحتها، وهجرتها، وضربتها، وطلقتها طلقة واحدة، وفي كل مشكلة ترجع إلى أهلها، ويحاول أهل الخير ردنا إلى بعض، ولكن في هذه المرة رفض الجميع التدخل، لأنه لا أمل بالإصلاح بيننا، حيث أنني إذا غضبت أفقد عقلي، وأضرب، وفي آخر مرة عندما ذكرت بأن حذائها - وأنتم عالو القدر - أفضل من أهلي, فقدت أعصابي وضربتها بحذائي مرات.

وقامت برمي الحذاء علي، والتفل أيضا، أفتوني، وانصحوني، وادعوا لي، وجزاكم الله كل خير.

ملاحظة: لم أشتم أهلها أبدا في حياتي، ولم أبخل عليها، ولم أقصر بواجباتها قدر استطاعتي أبدا، حيث إني أعمل بفضل من الله بوظيفة محترمة وراتب عال جدا.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك حسن التواصل مع الموقع، وحسن العرض لهذه المشكلة التي كنا نتمنى أن تكون معنا منذ البداية، فنحن نتمنى دائما في مثل هذه الأشياء أن يبادر الشباب، وأن تبادر الأخوات بالسؤال، فإن شفاء العي السؤال.

ذكرت كثيرا من سلبيات هذه الزوجة، فكنا نحب أن نستمع بعض الإيجابيات فيها، فكل إنسان فيه سلبيات وفيه إيجابيات، كما وضح ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، ومردنا بهذه النقطة، والإشارة إليها هي أن نصحح الصورة، لأن الرجل ينبغي أن ينظر للمرأة بهذه المرآة تأسيا، وتمشيا مع قول النبي عليه السلام الذي ذكرناه آنفا، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط، إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

ورغم العيوب الكثيرة المذكورة عن الزوجة إلا أنها بلا شك فيها إيجابيات، قصدنا من ذلك أن النظرة بهذه الطريقة تعيد التوازن للإنسان، وتعين الإنسان على اتخاذ قرارات صحيحة.

وإذا كان هذه الزوجة تتطاول بالإساءة عند غضبها على أهلك، فإن الإنسان الغضبان يفعل أشياء كثيرة، وأعجبني وأسعدني جدا أنك قلت لأنها تدرك أن ذلك يثيرني ويغضبني، وفعلا هذا المعنى صحيح وجميل جدا، فإذن ينبغي أن تلتمس لها الأعذار، وتحاول أن تتجنب المسائل التي تجلب غضبها وتوترها.

وكم تمنيننا في مثل هذه الأحوال أن تعرض لنا نموذجا لمشكلة حصل فيها خصام، وتذكر لنا تطورات المشكلة، حتى نعرف الطريقة التي تفكر بها أنت، والطريقة التي تفكر بها هذه الزوجة.

كذلك ينبغي أن تراعي عند الخصام، وعند ضرب الزوجة وجود البنيات، وجود أطفالك الصغار، فإنهم يتضررون جدا من مثل هذه المواقف، ومثل هذه التوترات التي تحدث في البيت، فهل بإمكانكما أن تؤجلا النقاش، أو أن تبتعدا عند المشكلة عن عيون الأطفال وعن آذانهم، صيانة لهم وخوفا عليهم من التطورات السالبة في المستقبل عندما يشاهدون الأب يضرب الأم ويؤذيها، وهي تشتم الأب، عند ذلك نكون قد حطمنا عندهم مصادر القدوة الحسنة، فبمن سيتأسى هؤلاء الصغار إذا كانت الأم تضرب والأب يشتم، هذا أمر ينبغي أن ننتبه له.

نحن نريد إن أن تقف وقفة مع نفسك، مع هذه الزوجة، وقفة للمراجعة، تتذكرا فيها أن ما بينكما من أطفال وعيال، ومن علاقة أكبر من كثير من المشاكل التي كانت سببا للخصام، وإذا كانت هذه الزوجة على وفاق مع أهلك، فهذا مؤشر طيب وجيد، فينبغي أن تستثمرا هذه النقطة، ولا تحاولا إدخال الآخرين في مشاكلكما، ودائما إذا تدخل الناس فإن المسألة تزداد تعقيدا، وإذا كن الناس قد توقفا في المرة الأخيرة عن التدخل، فأنا أعتقد أن هذا نذير لكما جميعا من أن الناس قد ملا من هذ الوضع، فينبغي أن تنتبها لذلك.

وأرجو ألا تستعجل الطلاق، لأنه ليس حلا، خاصة في وجود أطفال، بل قد يكون الطلاق بداية للمعاناة وبداية الأزمات، ولذلك ليت من يفكر في الطلاق ألف مرة، يفكر مرات بعد الألف قبل أن يقدم على هذه الخطوة.

وأرجو ألا تمارس الضرب، وألا ترفع يدك على زوجتك، لأن هذا هو آخر الدواء، وآخر الدواء الكي، والإنسان ما ينبغي أن يستخدم الضرب قبل أن يستخدم الكلمة الطيبة والحسنى والموعظة الحسنة، كما ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه: {واللاتي تخافون نشوزهن فاعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا} وعلينا أن نتذكر أن المرأة كائن ضعيف خلقت من ضلع، وإن أعوج الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسرها طلاقها.

وأن الوصية كانت للرجل الذي ينبغي أن يصبر، وهو الذي ينبغي أن يحسن وهو الذي ينبغي أن يحتمل، وقد كان صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم – يظل يومه غضبان، ومع ذلك كان في بيته ضحاكا بساما، يدخل السرور على أهله، وكان خير الناس إلى أهله، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – أن المرأة خلقت من ضلع أعوج كما ذكرنا، هذا الضلع الأعوج يصعب على الإنسان أن يقيمه، لأنه إذا أقامه كسرها، وكسرها طلاقها، فإن استمعت بها استمعت بها على عوج، كما جاء في الحديث، وهذه إشارة لطيفة جدا للرجل بضرورة أن يصبر، وأن يحتمل وأن يحسن، فإنك لن تجد امرأة بلا عيوب، وكذلك المرأة لن تجد رجلا بلا عيوب، فإن لكل بداية نهاية، خاصة في مثل هذه الأمور، فإن الإنسان يصبر على زوجته، لما لها من محاسن، ولما لها من إيجابيات، ولما تقوم به في تربية ورعاية أبنائه.

عندما يحرص الإنسان على تأكيد هذا المعنى، فإنه يسعد نفسه ويسعد أهله، ويكون له القدرة على الأقل على تفهم المشكلات والتعامل معها بهدوء، وإنما جعلت العصمة في يد الرجل لأنه هو الأعقل، ولأنه هو صاحب الحكمة والتريث، والمشكلة ليست في حصول هذه المشكلات، فلا يخلو بيت من مشاكل، ولكن المشكلة في كيفية، وآلية التعامل مع المشكلة، لأن الأمور تتصاعد بسرعة، وتصل لنهايات مظلمة، ومخيفة لعدم وجود الحكمة من أحد الطرفين، وينبغي أن نتنازل لبعضنا، فلا يمسك أحدنا فرصة أو زلة على الآخر.

وأرجو أن تعلما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى الغضبان إذا غضب أن يتعوذ بالله من الشيطان، أن يذكر الرحمن، أن يمسك اللسان، وهذا سر عجيب جدا، لأن الذي لا يمسك يشتم، يتكلم بكلام يندم عليه، وأن يغير المكان، وإذا كان واقفا يجلس، وإذا جالسا يتكئ، لأنه سهل عليه أن يضرب كالحال الذي عندك أنت، كذلك عليه أن يتوضأ ثم يصلي، إذا كان الغضب شديدا.

من الضروري الانتباه لهذه الوصفة النبوية، وأرجو أن نتذكر أن شغل الشيطان، ومن مهام الشيطان الاستراتيجية الكبرى خراب البيوت، حتى إنه ليبعث سراياه في الناس، أحب هؤلاء الأجناد (الشياطين) إلى إبليس الكبير هو الذي نجح في أن يفرق بين الزوجين، كما جاء الحديث بذلك.

فعلينا أن نفوت هذه الفرصة على شياطين الإنس، وعلينا أن نجلس ونقف وقفة للمحاسبة وللمراجعة وللصلح، والصلح خير، وأرجو أن يكون ذلك بعيدا عن أعين الناس، وآذانهم حتى تصلا إلى نهايات طيبة، ولا مانع عندنا من أن تتواصلا معنا لمعرفة مزيد من النقاط حول محاولات الصلح، وحول التخطيط لحياة تصححان فيها المسار، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد، ونسأل الله لأبنائنا وأبنائكما وبناتنا وبناتكما الخير والسداد، وأن يكونوا لنا قرة عين، وأستغفر الله لي ولكم.

وجزاكم الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات