كيف أعامل من يعاملني للمصلحة؟

0 712

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي تتلخص في: أنني أشعر بالوحدة الشديدة على الرغم من كثرة الناس حولي في العمل، ولكن المشكلة تكمن أن هؤلاء الناس لا يعرفونني، ولا يحدثوني بالحسنى إلا إذا كان هناك مصلحة شخصية لهم.

فمثلا -بحكم عملي كمدرسة- قد تطلب إحدى زميلاتي بالعمل عمل امتحان كامل لها، ويتكرر ذلك عدة مرات، وأنا بالطبع لا أرفض، فأنا أعامل الله فيهن جميعا، ولا أتأخر عن أحد، ولكن بمجرد أن تنقضي المصلحة أشعر بأنني ليست لي أهمية في الحياة، وكأنني لا أفعل أي خير لأي أحد، حتى أنهم قد لا يسلمون علي، أو يسألون عني، فهل هذا يعني أنني إمعة؟ وهل أعاملهم بمبدأ "عامل تعامل" أم أعامل الله كما أنا عليه؟

أنا في حيرة من أمري، ولا أنكر مدى شعوري عندما أفكر أن شخصا ما يعرفني من أجل المصلحة، التي كنت أتمنى أن يكون أمامها الحب والود الذي أفتقر لهما كثيرا، خاصة بعد وفاة والدتي التي كانت ولا تزال كل شيء بالنسبة لي، وإن كان حبهم لي مزيفا وخادعا فما رأيكم الجليل في هذه المشكلة؟

أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فنشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لوالدتك الرحمة والمغفرة.

أيتها الفاضلة: كما تعلمين أن الناس ليسوا على وتيرة واحدة وشاكلة واحدة، وليسوا على خلق متماثل، والناس منهم الطيب، ومنهم السيء، وهذه هي الحياة هكذا.

لا أريدك أبدا أن تسيئي التأويل، أو تفقدي الثقة في جميع الناس، أرجو أن تنظري إلى الجوانب الإيجابية فيمن حولك، لابد أن يكون فيهم من هو طيب، لابد أن يكون فيهم من هو جيد، وحتى الذين يسألونك وتعتبرينها نوعا من المصالح أرجو أن تجدي لهم العذر، فالإنسان كثيرا ما يحتاج إلى أخيه من أجل المساندة.

يجب أن تتجنبي العموميات والتعميم، ولا تنظري إلى الناس كلهم بمنظار واحد، من ترين فيهم أن طباعهم لا تلائمك، هؤلاء حاولي أن تتجنبيهم، والتزمي فقط بالضوابط الشرعية، بأن تسلمي عليهم، وأن تردي السلام متى ما هم بدؤوا بالسلام، وهكذا.

وفي المقابل أيضا سوف تجدين فتيات متميزات طيبات صالحات، لابد أن يكون هؤلاء موجودون حولك.

أرجو أن تتفحصي الأمور بصورة أفضل، تجنبي التعميم، وحاولي دائما أن تقدمي حسن الظن على سوئه، فهذا مهم جدا، وكل ما تستطيعين أن تقدميه للناس لا ترفضي ذلك، كوني يدا عليا دائما، وأرجو ألا تضعي تفسيرات سالبة دائما، لا تقولي: إن هؤلاء أناس يقصدونك من أجل المصلحة، وبعد أن تنقضي مصلحتهم لا أحد يسأل عنك، لا، ربما يكونون أصحاب حاجة حقيقية، وربما يكونون قد توسموا فيك الخير، و- إن شاء الله - تعالى أنت أهل لذلك.

فأرجو أن تقيمي الأمور بمنظار مختلف.

من المهم جدا أيضا أن تعرفي أن علاقة العمل هي أصلا -لا نقول إنها علاقة عابرة- لكنها يمكن أن تكون في النطاق المهني، فالإنسان مجبر على علاقاته المهنية، لكنه ليس مجبرا على علاقاته الشخصية مع الناس، ومن الجميل أن يكون هنالك نوع من حسن المعاملة والتواصل بين الناس، فهذا ننشده في كل مكان، لكن إذا رأى الإنسان أن المواقف التي يتعرض لها تسبب لها مشاكل، فيجب أن يتجنبها، بشرط أن يكون التقييم دقيقا، وألا يكون هنالك أي نوع من المبالغة في المشاعر تقود الإنسان إلى نتائج وخلاصات سالبة حول نظرته نحو الآخرين.

أخرجي نفسك نفسيا خارج نطاق العمل، على نطاق البيت كوني فاعلة، شاركي في كل أنشطة الأسرة، املئي وقتك بصورة طيبة، عليك بالتواصل الاجتماعي النافع، بري من كان له علاقة بوالدتك الكريمة – عليها رحمة الله – اذهبي وانضمي إلى مراكز تحفيظ القرآن، والعمل الخيري والأنشطة الثقافية والاجتماعية دائما يجد الإنسان فيها ما يرضيه، ويقرب له الآخرين بمنظار مختلف له تماما.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يهيئ لك الأخوة الطيبة والصالحة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية, والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات