الوقاية من الآثار السلبية من بعض الأدوية النفسية؟

0 565

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور محمد عبد العليم جزاك الله خيرا ونفع الله بك الأمة الإسلامية.

كنت بعثت لكم سلفا باستشارة تخص أمورا نفسية أو عصبية أمر بها، ونصحتني بتناول الدوركسات، وهذا الدواء تناولته لمدة طويلة وأثر علي سلبا، ولم ينفعني وثمنه باهظ جدا في تونس، وكل الأدوية الاكتئابية المماثلة له لها تأثير سلبي على حالتي، حتى الأطباء الدين وصفوا لي هذه الأدوية نصحوني بعدم استعمال هذه الأدوية ولم أجد تحسنا في حالتي إلا بالأدوية التي ذكرتها لك سلفا:SINAPRID (DOGMATIL) LYSANXIA .

لكن لم أشف تماما، فعند المواقف يرجع المرض وتصبح هذه الأدوية ليس لها فاعلية! لا أدري إن كان هذا المرض عصبيا أو نفسيا؛ لأني أشعر بالانزعاج في المواقف والرهبة في المعدة ثم تسيطر هذه الحالة على الأعصاب فأصبح أشعر بنفسي كأني سأسقط، ولا أستطيع التحكم في نفسي، وأصبح أرغب في مغادرة المكان.

كنت بعثت لك الاستشارة رقم (2139632) أسأل الله تعالى أن تصفوا لي أدوية خفيفة، وليس لها تأثيرات غير مرغوب فيها، تعوض الأدوية التي ذكرت، ويجعل الله فيها الشفاء على أيديكم وترشدوني بنصائحكم الثمينة.

بارك الله فيكم وجزاكم الله عن المسلمين كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ اسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فلا شك أن النموذج الأفضل في الطب النفسي هو التواصل المباشر مع الطبيب، ومتابعته حسب المواعيد المتفق عليها، واتباع الخطة العلاجية التي يتفق عليها الطرفان.

لا شك أن ما نقدمه من خلال إسلام ويب هو مساهمة لمساعدة الناس بقدر المستطاع، ولا يمكن أبدا أن يكون بديلا كاملا للمقابلات المباشرة مع الأطباء، بالرغم من أن الكثير من الإخوة – جزاهم الله خيرا – يثنون على هذه الخدمة ويرون أنها قد قدمت لهم الكثير من الخير.

كما تعلم أن الأدوية تعمل من خلال ما نسميه التوافق الجيني، وهذا يقصد به أن لكل إنسان خارطته الجينية، ومن خلال هذه الخارطة تكون فعالية الأدوية.

الديروكسات بالرغم من أنه دواء ممتاز لكنه لم يتوافق معك – كما ذكرت – وهذا قطعا ناتج من عدم التوافق الجيني من وجهة نظري.

وبالنسبة للآثار السلبية: لا شك أنها موجودة، وكل الأدوية لها بعض السلبيات، لكن الأمر أمر نسبي، والإنسان يحاول أن يوازن بين الأثر السلبي والأثر الإيجابي، ولا شك أن المنافع الإيجابية هي الغالبة تماما مع معظم هذه الأدوية.

أنت الآن تحسنت على أدوية بسيطة، وأقصد بذلك الدوجماتيل، هو دواء مثالي جدا، ويعالج النواحي العصابية، وبالنسبة للدواء الآخر (LYSANXIA) أعتقد أنه أحد الديزوديزبينات، وهذا حقيقة بالرغم مما ينتج من فوائد من تناوله لكنا نخاف تماما من موضوع التعود، وهذه قضية أساسية.

أنا أقول لك: لا مانع أبدا من أن تتناول الدوجماتيل حتى جرعة مائة وخمسين مليجراما في اليوم، هذا سوف يفيدك، وبالنسبة للأدوية الأخرى فهي مقاربة لدرجة كبيرة للديروكسات، لكن لا مانع من أن تجرب عقار فافرين والذي يعرف علميا باسم (فلوفكسمين) هو دواء بسيط ويعرف عنه أن آثاره الجانبية أقل كثيرا من الديروكسات، وقد أفاد الكثير من الناس، وربما يكون هنالك تفاعل تضافري حين يتم تناوله مع الدوجماتيل.

جرعة الفافرين هي أن تبدأ بخمسين مليجراما، تتناولها ليلا بعد الأكل، وهذا مهم – أي بعد الأكل – لأن هذا الدواء قد يسبب عسرا في الهضم بسيطا جدا في الأيام الأولى للعلاج، لكن حين يتم تناول الدواء مع الطعام أو بعد الطعام هنا يقل هذا الأثر السلبي.

استمر على جرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها مائة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر أخرى، وفي ذات الوقت لا مانع أن تستمر على الدوجماتيل كما ذكرت لك.

أعتقد هذا من الناحية الدوائية يكفي جدا، وبعد ذلك تأتي الأمور السلوكية، وأنت على إدراك بها: أولا أرجو ألا تصاب بأي نوع من الامتعاض أو الشعور السلبي أو الإحباط؛ لأن هذه الحالة قد لازمتك لفترة، والتفسير لماذا هذه الحالة لازمتك لفترة؟ السبب بسيط جدا، وهو أن البناء النفسي لشخصيتك غالبا أنه يحمل القلق، والنواة القلقية حين تكون موجودة لدى الإنسان قد تشعره بالتوتر وبالعصبية وبعدم الارتياح، لكن الإنسان يمكن أن يتواءم، يمكن أن يتكيف، يمكن أن يتطبع، ويقبل هذا القلق ويجعله قلقا إيجابيا، وذلك من خلال رفع مستوى الإنتاجية، والتفكير الإيجابي، وممارسة الرياضة، وأن يشعر الإنسان دائما بالرضا، أن ينفس عن نفسه من خلال التعبير عن ذاته، الانخراط في العمل الاجتماعي، الأنشطة الثقافية... إلخ.

هذه كلها منافذ سلوكية جميلة وبديعة جدا، وأعتقد أنها سوف تفيدك كثيرا، فلا تنزعج أبدا فيما ينتابك من قلق ومن رهبة في بعض المواقف، وهذه تعالج من خلال التحقير، وتعالج بصرف الانتباه، وبالانخراط في الأنشطة التي ذكرناها، وأن تقوم بفعل ما هو ضدها، وأن تشعر بقيمتك الذاتية. هذا مهم جدا.

يجب أن تشعر بأنك إنسان مفيد لنفسك ولغيرك، وتكون فاعلا وتعيش على الأمل والرجاء، هذا مطلوب جدا، وأنا أبشرك بأن النضوج النفسي كثيرا ما يكون تلقائيا، بمعنى أن بمرور الأيام الإنسان يتطبع وينضج نفسيا وتقل الأعراض النفسية السلبية، فأرجو أن تنظر إلى المستقبل بتفاؤل، وأنا شخصيا متفائل جدا أن ما بك سوف يزول تماما.

نسأل الله لك العيشة الطيبة والهناء والسعادة والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات