ما ذنبي أن جعلني الله وسيمًا؟

0 394

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 20 سنة, شكلي مثل شكل البنت, حتى أن رأسي كبير نسبيا ومعوج, وليس طبيعيا, كل يوم وكل دقيقة أبكي بدل الدموع دما على حالي, ودعوت ربنا أن يرحمني ويميتني منذ زمن, وكل دقيقة وفي كل صلاة, حتى أني كنت أسهر ليالي رمضان, ولكن ليس هناك استجابة, كل الناس يعاملوني كأني بنت ( كيف حالك يا عسل؟) ويهملوني, كنت في البداية أغضب من هذه الكلمة, ولكني اعتدت عليها, حتى أن ناسا كثيرين تحرشوا بي, وكنت أبكي وأكتم في نفسي, وكل دقيقة أدعو الله أن يميتني ويرحمني, ولكن ليس هناك استجابة, وأنا أكبر إخوتي, ولم أتكلم مع أحد عن حالي أبدا, حتى أمي, من أجل أن لا أصغر في نظر أحد, أو ينظر لي بعطف وحسرة, معتكف ليل نهار في البيت, في غرفتي, حتى نسيت الكلام, وعندما أذهب لأي مكان تظل كل الناس تنظر كثير لي.

والله لولا أن قتل النفس حرام ماكنت ترددت ولو لحظة.

آسف للإطالة, ولكني أول مرة أتكلم مع أحد, وهناك الكثير والكثير, ولكني اختصرت تجنبا للإطالة, والثقة في النفس معدومة عندي, أريد حلا, وأنا أعرف أنه ليس هناك حل, أرجو الاهتمام, وشكرا جدا جدا جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فنحن نقدر تماما رسالتك هذه, وكمية الألم النفسي الذي تمر به، وأعتقد أن الأمر كله يتعلق بأفكار اجتماعية يروج لها في بعض الأحيان، ولا شك أنها خاطئة تماما، وبكل أسف يتم قبولها في بعض الأحيان، وتجدها – أي هذه الأفكار, وهذه الأوصاف التي تطلق على البعض – متجذرة وسط فئات معينة من الناس، نرى أنهم على خطأ تام، والذي يحكم على الناس بأشكالهم, ويتعامل بالطريقة التي ذكرتها مع الآخرين لا شك أنهم على خطأ, وعلى خطأ جسيم.

الذي أريد أن أقوله لك هو: إنك محتاج أن تجلس مع نفسك، وأول أمر تبحث فيه هو قضية أن شكلك مثل شكل البنت, أنا أعتقد أن هذا مفهوم خاطئ تماما؛ لأن الرجل له ما يميزه, والبنت لها ما يميزها من ناحية الشكل، من ناحية الصوت، من ناحية طريقة اللبس، وهذا نسميه بالجندرية، فالجندرية هي عملية مكتسبة في معظمها، والجندرية لا نعني بها ذكرا أو أنثى، إنما نعني بها التطبع وانتهاج طريق الحياة الذي يدل على الجنس.

فقضية أن شكلك مثل شكل البنت، هذا الفكر يمكن أن تعدله، ويدعم ذلك بأن تكون حريصا في طريقة لبسك، في طريقة كلامك، في طريقة حركتك، في إطلاق لحيتك، وهذا من وجهة نظري يجعلك تحس أنك بالفعل رجل، ومن ناحية الجندرية تسير على نفس النمط الذي يسير عليه الذكور.

فالمفهوم من وجهة نظري – أي المفهوم الذي روج له من قبل البعض الذين ينادونك: كيفك يا عسل؟ وهذا الكلام الفارغ وغير المقبول – كان له وقع شديد عليك، وأنت أصبحت تبني قناعاتك على مثل هذا الكلام غير الحكيم وغير الرزين الذي يقال.

فسر على المنهج الذكوري، وأنت - الحمد لله تعالى - رجل، وتغاض تماما عن ما تسمعه من بعض الأشخاص الذين يفتقرون للضمير والمسؤولية.

والأمر الثاني هو: لابد أن تكون صحبتك من الخيرين، فكن حريصا بأن تكون مع الأفاضل من الشباب المتدينين الملتزمين، الذين يتمتعون ببر والديهم، وحسن الخلق، وحسن المعشر، وهؤلاء - الحمد لله - كثر، فعليك بأن تكون صحبتك من هؤلاء, فهذا مهم، والرفقة مهمة، والإنسان عليه أن ينظر إلى من يخالل، وأنت بالذات محتاج لهذا الأمر حاجة شديدة، وإن شاء الله تعالى سوف تجد أن سلوكك بدأ يتعدل بصورة إيجابية جدا.

ثالثا: قضية التحرشات والامتهانات بكل أسف موجودة في المجتمع، لكن أعتقد أن لديك القدرة, ولديك الإمكانية الذكورية التامة لتقهر مثل هؤلاء الذين يتحرشون بك, بل يجب أن تصدهم صدا قويا وحازما، ولا تلتفت لما يقولون.

الذي يشغلني تماما أني أخاف أن تكون لك مساهمات فيما يحدث لك، وأرجو أن تسامحني في ذلك؛ لأن كثيرا ما يكون التساهل وموضوع الرفقة الخاطئة هي أحد الدوافع والأسباب التي تجعل بعض الشباب ضحية للتحرشات, أو يأتيهم الشعور الانهزامي بأنهم لا يقومون بدورهم الذكوري القيام الكامل.

رابعا: نصيحتي لك أيضا: أن تكون لك أنشطة مناسبة مع عمرك, ووضعك النفسي والاجتماعي، فمثلا حاول أن تمارس الرياضة، والرياضة الجماعية مثل كرة القدم، فهذه فيها خير كثير جدا لك.

خامسا: أرجو أن تتواصل مع أحد المشايخ، مثلا إمام مسجدك، فسوف يوجه لك الكثير من النصح حول هذا الموضوع، وسوف يفتح قلبه وعقله لك، ويعطيك التوجيهات، حتى فيما يتعلق بمظهرك, فيما يتعلق بالرفقة, وهذا كله مهم وضروري جدا.

سادسا: أرجو أن توجه طاقاتك النفسية نحو الاجتهاد في دراستك, وفي التعليم، وهذا هو الذي يقوي ثقتك بنفسك.

وأخيرا: والذي أرجوه منك هو:
1) أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية.
2) أن تتخلص من الفكر التلقائي السلبي.
3) أن تتبع النهج الذي وضحته وفصلته لك في النقاط السابقة.
4) أن تدير وقتك بصورة صحيحة.
5) أن تجعل لحياتك هدفا, ولابد لهذا الهدف أن يكون هدفا ساميا، والخيارات أمامك موجودة في هذا المجال.
6) الثقة في النفس تأتي من خلال الأفعال وليس المشاعر، وإذا اتبعت ما ذكرناه لك فإن شاء الله سوف تكون بخير.
7) أرجو ألا تردد مع نفسك, وما ختمت به رسالتك وهو (نفسي في حل ولكني عارف أنه مفيش حل، أرجو الاهتمام) هذا تفكير خاطئ، هذا تفكير سلبي، هذا تفكير انهزامي لا يليق أبدا بشاب مثلك, صحح مفاهيمك, وإن شاء الله تعالى تبني فكرا جديدا يقوم على الثقة, وعلى الرجولة, وعلى آمال الشباب, وطموحات الشباب، انظر الآن حولك ماذا يفعل الشباب في عالمنا العربي والإسلامي؟

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات