صرت أخاف من الموت بعد أن فقدت أختي، فما العمل؟!

0 438

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل عامين توفيت أخت لي, كانت صغيرة السن 32 عاما, بعدها بدأت أحس بالضعف والحزن والخوف من الموت, وأصبحت كلما سمعت خبر موت أو وفاة أحزن وأخشى الموت, وقد بدأت أتعب كثيرا, وأحس بضيق في الصدر مما يضطرني إلى الذهاب إلى المستشفى, ولكن الأطباء يقولون لا يوجد لدي أي مشكلة صحية.

قمت بمراجعة طبيب نفسي, ونصحني بدواء الزيروكيات, وبدأت آخذ 3 حبات 25 ملغ, وبدأت بالتحسن, ومن ثم تقليل الجرعات ألى اثنين ثم واحدة, واستمريت على هذه الحالة لمدة 3 شهور, وأنا لا أشعر بأي شيء سيء, حتى قبل أسبوع أتاني خبر أن والد زوجتي تم نقله إلى المستشفى ثم خرج, ثم دخل المشفى في اليوم الثاني, هنا أتاني ضيق في النفس وتعبت, ولكن بأقل من المرات السابقة.

قمت باستشارة الطبيب، فطلب مني أن أرفع الجرعة من حبة إلى حبتين لمدة أسبوعين ثم أراجعه.

أنا أثق بالطبيب لأنه يتابع حالتي وله أكثر من عام, ولكن عندما سألته لماذا نرفع الجرعة؟ لم يجبني إلا بقوله: أسبوعين ونعود إلى الجرعة السابقة.

آمل منك التكرم بالإفادة عن حالتي, وكم من المتوقع أن استمر على الداوء؟ ولماذا تم رفع الجرعة؟ مع العلم أن لي الآن أكثر من 3 شهور وأنا آخذ حبة واحدة فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله لك التوفيق والسداد، والرحمة والمغفرة لأختك.

التعبير عن الأحزان هو ظاهرة إنسانية تتفاوت من إنسان إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر، وديننا الإسلامي لا شك أنه قد علمنا كيفية التعامل مع الأحزان، وأعتقد أنها أعظم مدرسة إنسانية - أي ما ورد في الإسلام وتوجيهاته - .

أرجو ألا تحزن على أنك أصبت بهذا الحزن، لأن من وجهة نظري أن التفاعلات الإنسانية المرهفة من هذا القبيل هي دليل على وجود الرحمة - إن شاء الله تعالى – في نفس الإنسان. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: الإنسان لابد أن يسترجع ويستغفر ويطلب الرحمة للميت، هذا يضعف من عملية التماهي مع الميت، أي أن اقتران فكرة الموت بهذا الميت فقط سوف تضعف إذا استرجع الإنسان وأكثر من الاستغفار، وسوف ينظر الإنسان للموت كشيء عام لن يترك أحدا {إنك ميت وإنهم ميتون}. إذن هنا يكون الموت قد افتقد الخصوصية التي تفكر فيها، أي أن موت أختك دائما كان هو المثير الحزني بالنسبة لك. هذا النوع من التفكير سوف يفيدك كثيرا.

والذي يظهر لي أنه لديك شيء من الاستعداد للتفاعلات النفسية السلبية حين تواجهك بعض الأحداث الحياتية، وهذا - إن شاء الله تعالى – أيضا ليس ضعفا أبدا، إنما هو زيادة في الوجدانية لديك، وهذا أيضا تتغلب عليه من خلال التجلد والاستغفار، وأن تسأل الله تعالى أن يرحم موتاكم وموتانا وموتى المسلمين، وموضوع المرض والمستشفيات أيضا هو جزء من الحياة يجب أن تفكر فيه على هذا النسق، هذه المستشفيات نعمة عظيمة، فيها يتم العلاج، وفيها يقدر الإنسان حتى وإن كان مرضه مرضا لا يمكن أن يبرأ منه.

فلا تنظر إليها كنظرة سلبية أبدا، والإنسان دائما حين يتذكر الأذكار التي وردت في زيارة المريض وآداب زيارة المريض، هذا حقيقة يطمئن الإنسان كثيرا.

أنا لا أعتقد أن لديك مشكلات أساسية، هذه مجرد تفاعلات إنسانية وجدانية، وإن شاء الله تعالى هي دليل عل وجود الخيرية لديك.

بالنسبة للعلاج الدوائي ومنهج الأخ الطبيب الذي يطلب منك أن ترفع جرعة الدواء: في بعض الحالات يأتي عسر المزاج والشعور بالكدر, ويكون سببه الرئيسي متغيرات كيميائية تعلقت بمواد داخل الدماغ تسمى بالموصلات العصبية، قد تكون الأسباب أسباب خارجية مثل حدوث الوفاة مثلا لأحد الأقرباء كما ذكرت، لكن الذي حدث بعد ذلك هو تغير بيولوجي - تغير كيميائي – هذا التغير الكيمائي لا يمكن تصحيحه بصورة كاملة إلا من خلال وسيلة كيمائية، وفي هذه الحالة نعني الأدوية.

أحيانا بعد أن يتحسن المزاج قد يهبط، وهذا الهبوط كثيرا ما يكون مرتبطا بالمزيد من الاضطراب في مستوى الموصلات العصبية، ولذا يلجأ الأطباء لرفع الجرعة مؤقتا. حين ترفع جرعة الدواء مؤقتا هذا - إن شاء الله تعالى – يؤدي إلى تنظيم المنظومة الكيميائية داخل الدماغ، وبعد أن تنتظم يمكن أن يرجع الإنسان إلى جرعته الوقائية، وفي حالتك كانت حبة واحدة فقط.

فلا تنزعج أبدا، - إن شاء الله تعالى – لن يحدث لك أي مكروه، وهذا المنهج العلاجي الذي انتهجه الأخ الطبيب أعتقد أنه مقبول جدا.

بالنسبة لفترة الاستمرار على الدواء هي تتفاوت من إنسان إلى آخر، لكن في مثل حالتك أرى أن فترة ستة أشهر هي فترة معقولة جدا، لكن في نهاية المطاف أرجو أن تسترشد برأي الأخ الطبيب المعالج، لأنه بالطبع هو في وضع أفضل مني، حيث إنه قد قام بمناظرتك وفحصك.

وراجع علاج الخوف من الموت سلوكيا: (259342 - 265858 - 230225).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات