رهاب الساحة والخوف من بلع الطعام...الرجاء الإسهاب في ذكر الحل

0 734

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أرجو من إخواني في الشبكة الإسلامية أن يقدموا هذه الرسالة للدكتور محمد بسرعة؛ لأني الآن أعاني جدا, فالله يحفظكم قدموها بسرعة.

إلى الأخ الدكتور محمد عبد العليم - حفظه الله وجزاه الله خيرا- وإلى إخواني في الشبكة الإسلامية حفظهم الله, وبارك الله فيهم, وجزاهم خيرا على ما يقدمون للأمة من خير وعلم.

أخي محمد: أنا أعاني من رهاب الساحة, والخوف من بلع الطعام منذ 8 سنوات, وكنت أتناول مضادات الاكتئاب, وتفيدني بشكل مقبول, والحقيقة أني أكثرت التنقل بين الزولفت, والسيروكسات, والسيبرالكس, فصارت فجأة لا تؤثر في إطلاقا, على الرغم من أني رفعت الجرعة وأطلت مدة العلاج إلى أكثر من شهرين بالنسبة للسيبرالكس, فكنت أتناول حبة واحدة, فزدت الجرعة إلى حبتين لمدة شهرين بلا فائدة, وأيضا تناولت الزولفت حبتين لمدة شهرين بلا فائدة, والسيروكسات حبتين لمدة شهر بلا فائدة, فما الحل؟ وقد قال لي أحد الإخوة: إنه كان يتناول مضاد اكتئاب, ثم لم يعد ينفع معه, وكان يتناول معه المخدرات فتركه لمدة 5 أو 6 شهور فعاد يعمل معه مثل السابق.

أنا - يا دكتور محمد - أتناول حبتين من دواء برومازيبام 6 ملغ, أي 12 ملغ في اليوم, وحاولت كثيرا تركه, ولو بالتدريج, واستعنت بدواء يسمى نوزينان, والأتاراكس 100 ملغ, ولم أستطع تركه لأنه يصيبني قلق شديد عند إنقاصه ولو بجرعة قليلة جدا, فما الحل يا دكتور؟
وهل من دواء مساعد؟ علما أني جربت السوليان, ولكنه سبب لي رهاب الجلوس, بحيث صرت لا أستطيع الجلوس في مكان واحد لمدة دقيقة,
فالرجاء المساعدة؛ لأني أتناول هذا الدواء منذ أكثر من سنة ونصف, وبارك الله فيك.

لمزيد من الإيضاح أقول: أنا أعاني منذ 8 سنوات من رهاب من عملية بلع الطعام, ثم زاد الأمر إلى رهاب الساحة بشكل خفيف, أي في السفر فقط, وأحس أني سأختنق في قاعة المحاضرات, أو في وسائل النقل العمومية, وقد تناولت الكثير من الأدوية, ولكن كانت الفائدة قليلة, فقد تناولت السيروكسات لسنوات, بمعدل حبة كل يوم, والسيبرالكس حبة كل يوم, والزولفت حبتين, والأنافرانيل, وأحسن دواء ساعدني هو السيروكسات, ولكني لم أستطع تحمل الكسل, وكثرة النوم, فهل من حل؟ أرجو أن تعطيني وصفة تساعدني على تخطي الرهاب, وأيضا تساعد على الحالات النفسولوجية, وتكون معقولة الآثار الجانبية, وإن كان السيروكسات هو الحل فكيف أذهب النعاس والكسل؟

أيضا أريد أن تشرح لي العلاج السلوكي المعرفي في مثل حالتي, وخاصة الخوف من البلع, وأرجو أن تعطيني الطريقة بشيء من التفصيل؛ لأن سبب هذه الحالة على ما أظن هو أن بنت خالتي ماتت بسبب غصة من أثر الأكل, وأنا مرضت بعدها بسبعة أشهر.

الرجاء الإسهاب في ذكر الحل, وجزاك الله خيرا, الرجاء المساعدة, بارك الله فيك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد خالدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

أخي الكريم: أرحب بك كتابة, وأسعدني كثيرا مهاتفتك لي أمس واليوم من الجزائر, وبالطبع أنا آسف جدا على التكلفة المالية التي ربما تكبدتها, وأسأل الله تعالى أن يكون النقاش الذي دار بيننا مفيدا, وأن يصب في مصلحتك.

أخي: أنا أقدر تماما حالتك, كما ذكرت لك, وأريد أن أحتم على أمور معينة:

أولا: العلاجات الدوائية إذا لم تفد الإنسان في المرة الأولى, فهذا لا يعني أبدا أنها سوف تفشل في المرة الثانية, وقد شاهدنا من جرب الدواء مرة ومرتين ولم يستفيدوا, لكن بفضل من الله تعالى أتتهم الفائدة في المرة الثالثة, هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: الأدوية حتى وإن لم تفد الإنسان لكنها سوف تمنع التدهور على الأقل, والمنطق يقول: إن هذه أيضا تعتبر فائدة علاجية.

ثالثا: أخي الكريم المرض هو ابتلاء, وإن شاء الله حالتك ابتلاء بسيط, ومهما يطول المرض فنحن نعتبره نوعا من الخبرة, وهذا الكلام قد يكون غريبا, ولكنها خبرة يعتبرها صاحبها سلبية في معظم الأحيان, لكن المؤشرات غير المباشرة تدل أنه قد استفاد من هذه الخبرة, وذلك من خلال تطوير نضوجه النفسي, ومقدرته على التعايش مع أعراضه بمرور الزمن, وهذا في نهاية الأمر يؤدي إلى تطور مهاراته, ومقدراته, وتكوين ما يسمى بالدفاعات النفسية الأفضل.

فيا أخي الكريم: أنت الآن أصبحت ملما جدا بحالتك, وهذا الإلمام في حد ذاته فيه منفعة, وفيه خير, وأنت متعايش مع هذه الأعراض, نعم من حقك أن تحس أنك أفضل, لكن هذا لا يعني أبدا أنك الآن تعيش في حالة سيئة.

يا أخي محمد: أرجو أن تنطلق بفكرك, وأن تكون إيجابيا, وأن تغلق أمام الفكر التلقائي السلبي, وأعني بالفكر التلقائي السلبي أنه فكر مسبق يتساقط على الإنسان, يقبله الإنسان دون أي فلترة, وهذه إشكالية كبيرة, وكثير من الناس تجد أنهم يضعون حواجز نفسية بينهم وبين الفكر الإيجابي, ولكنهم يستقبلون الفكر السلبي بتلقائية شديدة وقبول, واستكانة واستسلام, لا ، الفكر السلبي يجب أن ترفضه, وتبني فكرا إيجابيا, وأنت رجل لديك مقدرات, وأنت رجل في هذه الأمة الإسلامية العظيمة, ولديك أسرة, ولديك مهارات, حتى وإن كانت هنالك شوائب هنا وهناك, فهذا جزء من الحياة, وكثير من الناس استطاعوا أن يحولوا ما هو سلبي إلى ما هو إيجابي.

أخي الكريم: أنا أقول لك: كل الأدوية إن شاء الله نافعة وتساعد, وكما اتفقنا أريدك أن تأخذ تجربة حقيقية مع البروزاك, واتفقنا على جرعة تصل إلى ثلاث كبسولات في اليوم, وقلت: أريدك أن تدعمها بأحد المدعمات كالرزبريدون, أو السيروكويل, أو السليان, لكنك قلت: إن لديك تجارب سلبية مع هذه المركبات, وتجربتك أيضا على الأنفرنيل ليست طيبة, وأنا قلت لك يمكن أن نضيف الأنفرنيل لكنك قلت: إنه غير متوفر في الجزائر, وهذا مستغرب بعض الشيء؛ لأن هذا الدواء من الأدوية القديمة جدا, عموما تناول البروزاك بالجرعة التي ذكرتها لك, ويمكن أن يكون أحد المدعمات مثل عقار: بصبرون, والذي يعرف باسم بصبار, تناوله بجرعة 5 مليجرامات صباحا ومساء لمدة أسبوعين, ثم بعد ذلك اجعله 10 مليجرامات صباحا ومساء, واستمر عليه لمدة 6 أشهر مثلا, ثم يمكن أن يخفض إلى 5 مليجرامات صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، وإذا لم تجد البصبار نفكر -إن شاء الله تعالى- في مدعم آخر إذا احتجت له, لكني أريدك أن تحرص على تناول البروزاك, وأريدك أن لا تستعجل النتائج, وأن تصبر عليه, وأن لا تكون متشائما, وأن يكون لديك المزاج والإرادة التحسنية، والمزاج والإرادة التحسنية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسياق القرآني: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

أخي محمد: حرك هذه الكوامن الداخلية الإيجابية المختبئة لديك, واجعل لحياتك معنى، ومارس الرياضة, واصرف انتباهك من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء, وتطوير الذات وتأكيدها, وبناء المهارات, وتغيير نمط الحياة، وأشياء كثيرة وعظيمة يمكن للإنسان من خلالها أن يصل إلى توافق نفسي كبير جدا وإيجابي مع نفسه, ويصل إلى مرحلة التعافي.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا, وأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات