هل سيلازم مرض الاكتئاب من يصاب به، أم سيشفى المريض منه نهائيًا؟

0 784

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 19عاما, وهذه قصتي, وأرجو تقييم حالتي جيدا.

تركت المدرسة في عمر 15 عاما, وعملت في معمل, ولكني لم أكن سعيدا في العمل, وكنت أحس أني ضعيف الشخصية, وفاشل في حياتي, من خلال أهلي وأخي الذين كانوا يقولون لي: "أجدب أو ملطوش" أو لا أعرف أن أتكلم, وفي نفس الوقت كنت لا أتغيب عن العمل, وكنت سعيدا في عملي, وكنت أضحك مع العمال, وعندما كنت أخرج مع أصدقائي كنت أتحسس من كل كلمة يقولونها لي مثل: "حمار أو أجدب" وكانت على سبيل المزح, وكنت أمزح معهم أيضا.

ومرت الأيام, وكنت أحيانا أبكي بالليل دون علم أهلي, ولم أكن أفضفض لأحد من أهلي, وبعد سنتين من عملي - وكانت حياتي شبه طبيعية - صرت أحس بإحساس غريب وهو عدم التركيز, وصعوبة عمل الأشياء, وكأن شيئا يعيقني, وبعد عذاب استمر قرابة الشهر قلت لأمي: إني أحس بهذا الشعور الغريب, فقالت: إنه وهم, وعليك أن تنسى, وأن لا تفكر فيه, وسيذهب وحده, وبعد شهر من معاناتي قرأت عن علامات الاكتئاب, واكتشفت أني أعاني بعضا منها, وهي صعوبة في عمل الأشياء, وعدم التركيز, فذهبت إلى طبيب نفسي, وقال لي: من الواضح أنك تعاني من الاكتئاب, وأعطاني "زيرابين وزولو سير" حبة صباحا وحبة مساء, وكنت سعيدا أني عرفت ما هو مرضي, وسأشفى منه.

وبعد 4 أيام تحسنت من ناحية التركيز, وبعد يومين من التحسن هبط مفعول الدواء, وبعد 15 يوما ذهبت إلى طبيبي النفسي, وقلت له: لماذا لم أتحسن وأشف منه؟ فقال: إن الحالة تحتاج وقتا, وبعد مرور شهر تقريبا ذهبت إلى طبيب - ليس نفسيا – عنده معلومات عن هذا المجال, وأخبرته بقصتي, فقال: من الواضح أنك تعاني من الاكتئاب, ووصف لي "زولفت" حبة كل مساء, وأحسست أنه عرف حالتي, وأني أعاني من حالة اكتئاب خفيف, وأني سأتعالج, وبالفعل رجعت إلى البيت سعيدا, وبعد يومين من أخذ الزولفت تحسنت من ناحية التركيز, وكنت سعيدا لتحسني, وأني سأتعالج تدريجيا, وبعد يومين من التحسن انخفض مفعول الدواء, وتضايقت كثيرا, فذهبت للطبيب, فقال: إن الدواء لم يأخذ مفعوله بعد, ويحتاج إلى 10أيام, مع العلم أنه قال لي: إنك بعد أسبوع ستتحسن, وأخبرته أني أريد أن أتعافى منه, فقال: إني سأتعافى, وإني أعاني من الاكتئاب الخفيف, وقال لي: يجب أن تعاشر الأصدقاء.

وبعد 10 أيام رفعت الجرعة إلى حبتين, ولكني لم أتحسن, وبعد مرور شهر, قال لي: إنك لست مقتنعا أن لديك اكتئابا خفيفا, وأعطاني اسم طبيب نفسي لأذهب إليه, وأستمع إلى تشخيصه, وذهبت إليه, وقال: إني أعاني من عسر مزاج, وأعطاني "دولوكستين وليثو كير ", وقال: بعد أسبوعين ستتحسن, وقد تناولت الدواء قبل شهر ولم أتحسن, فماذا أفعل؟

وأريد أن أعرف:
قرأت أن أدوية الاكتئاب لا تعالج الاكتئاب من جذوره, وإنما تخفف من أعراضه, والباقي على المريض من خلال معاشرة الأصدقاء, وإقامة الصلوات الخمس, وتلاوة القرآن, والتفكير الإيجابي.

لماذا لم أتحسن وقد كنت مواظبا على العلاج؟ وكان الطبيب يقول لي: إني أعاني من اكتئاب خفيف, وكنت آتي إليه وأطرح عليه مشكلتي, وهذه نقطة إيجابية.
ما هي حالتي: هل هي اكتئاب خفيف, أم عسر مزاج, أم حالة أخرى؟

قرأت أن من يعانون من الاكتئاب لا يشفون نهائيا, وتبقى أعراض المرض معهم بنسبة قليلة, ويتأقلمون معها فهل أنا منهم؟

قال لي الطبيب: إن اكتئابك بنسبة 1 من عشرة وسيتعالج, وأنا أذهب إليه كل 15 يوما, لإطلاعه على آخر المستجدات, وأرتاح قليلا, وأحس أني تحسنت قليلا, وبعد يومين تتراجع حالتي, فأصبح أفكر في المرض, وأني لم أشف منه, وأنه سيلازمني طول العمر, وأحيانا أفكر أني أعاني من الاكتئاب الخفيف, وأنه سيذهب مع الأيام من خلال العمل, وعدم التفكير فيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

الشيء الجميل أنك قد قمت بعرض حالتك على الأطباء المختصين, وأنا من ناحيتي أقول لك - وحسبما ورد في رسالتك -: إنك تعاني من قلق اكتئابي بسيط, ولا أعتقد أنك تعاني من اكتئاب مطبق, وإنما هو قلق اكتئابي, والطبيب الذي ذكر لك أنك تعاني من عسر في المزاج أعتقد أنه على حق تماما, وهذا يقصد بها القلق الاكتئابي, وهي درجة أقل كثيرا من الاكتئاب الشديد المطبق.

أخي: أهم وسائل علاج الاكتئاب النفسي, بل من أهم وسائل هزيمته هي: أن يفكر الإنسان إيجابيا، فالاكتئاب يسلط عليك الكثير من الأفكار السلبية التلقائية, ومن هنا يطبق على الإنسان، ولكن متى ما رفض الإنسان هذه الأفكار, وبنى أفكارا إيجابية, وكان فاعلا ومتواصلا مع أهله وأصدقائه - كما ذكر لك الطبيب - ويحرص على بر والديه, وأن يجعل لحياته معنى, وذلك من خلال البحث عن العمل في مثل حالتك بعد أن توقفت عن الدراسة، وكذلك الاطلاع، والاطلاع ليس من الضروري أن يكون للكتب الأكاديمية ، فالمعرفة يمكن أن يستفيد منها الإنسان طول حياته.

فيا أخي الكريم: أرجو أن تغير حياتك على هذا النمط الإيجابي, وممارسة الرياضة تعتبر أيضا أساسية وضرورية جدا فكن حريصا عليها, ولا بد أن تكون لك إرادة قوية في إدارة الوقت، وضع خارطة زمنية أمامك تدير من خلالها وقتك، ولابد أن تكون هنالك برامج محددة يجب أن تنجز أثناء اليوم، وهذا يعطيك شعورا بالرضى, ويعطيك الفعالية, ويعطيك شعورك بقيمتك الأساسية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا شك أنه مهم, وأنا أعتقد أن عقار لسترال, والذي يعرف باسم سيرتللين هو دواء جيد جدا, لكن جرعتك كانت صغيرة, لذا لم تكن الاستجابة جيدة، أما بالنسبة للدولوكستين فهو دواء ممتاز, ويعاب عليه – فقط - أنه ربما يكون مكلفا بعض الشيء, فإن استطعت أن تحصل عليه, فارفع الجرعة إلى ( 60 ) مليجراما واستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، وسوف تجد إن شاء الله تعالى فيه فائدة كبيرة جدا, خاصة إن قمت بتطبيق النصائح السلوكية التي ذكرناها لك.

حالتك إن شاء الله تعالى لن تلازمك طول العمر أبدا، فلا تكن سلبيا في تفكيرك, فما بك سوف يذهب - إن شاء الله تعالى – وإدارتك لوقتك مهمة جدا في هذا السياق.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات