الصرع دمر حياتي وشخصيتي وجعلني أفكر بالانتحار .. أرجو المساعدة

0 454

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية: أنا أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع والمفيد.

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما، أصبت بمرض الصرع منذ طفولتي منذ أن كان عمري 5 سنوات، وظللتت أتناول العلاج حتى عمر 18 سنة وشفيت منه.

لكنه - للأسف - عاد لي وأنا بعمر 21 سنة، وكنت وقتها بالجامعة، وكم كرهت نفسي!
ومنذ ذلك الوقت وأنا أكره نفسي لأبعد الحدود، وأحيانا أشعر برغبة كبيرة بالانتحار، لكن خوفي من الله, وأن أخلد في النار منعني، وما زالت أفكار الانتحار تراودني، وأتخيل أني ألقي بنفسي من أماكن عالية كثيرا.

الآن أشعر بأني فاشلة جدا، حتى إنني كرهت أهلي وأمي, ولم أعد أكلمهم كثيرا، وبدأت أبتعد عنهم، وأعود من عملي فقط لأتناول طعامي، ومن ثم أنام، كل هذا لأني أتناول الدواء، وأشعر بأن دوائي ومرضي دمرني، وأصبحت عصبية لأبعد الحدود، ومزاجية جدا لدرجة أني أبكي أحيانا وأنا بمكان عام.

كم أشعر بأن الله لا يحبني، وأني تعيسة جدا، وأشعر بالفشل، أحسد أي شخص يموت، وأحيانا أقول: لماذا لم يخترني الله لكي أموت بدلا عن هذا الذي مات!

أصبحت أعيش في عالم خيالي، وأتخيل نفسي مع أشخاص آخرين وأكلمهم، وأحيانا تأخذني الأفكار إلى أن أفكر بالجنس، وأني أنام معهم وأمارسه معهم.

أنا أتناول الدواء منذ سنة وسبعة أشهر، كنت بالبداية آخذ دواء ( كونفلكس )، وقبل 7 أشهر غير الطبيب لي العلاج، وأصبحت أتناول تيجرتول عيار 500 مرتين يوميا، لا أعرف ماذا أفعل؟ وكيف أغير من نفسي، وخصوصا أني خائفة من أن يتطور بي الحال أكثر من هذا؛ لأني بدأت أصبحت أبتعد عن إخوتي المتزوجين، وأخاف بأن يعلموا بأني مريضة؛ لأني أخفي مرضي عنهم، وأصبحت عندما أجلس معهم أرتجف أحيانا، وأحيانا لا أستطيع الكلام، وأخاف بأن أخطأ بكلامي أمامهم، وأصبحت أخاف من النوم خارج البيت وحدي دون أهلي، حتى لو كنت سوف أزور إخوتي لليلة واحدة.

مررت بحالة أكثر من قاسية، وأشعر بالتعاسة جدا؛ لأن هذا المرض دمر حياتي وشخصيتي، أرجوكم ساعدوني.

كيف أرجع فتاة طبيعية أضحك من قلبي وأشعر بالسعادة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قطرة ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا.

أنا أقدر كل كلمة وردت في رسالتك, وأتعاطف معك جدا، لكن المهنية العلمية في نفس الوقت تقتضي أن أقول لك: إنك بخير، لكنك غير مدركة لذلك، وأخذت الأمور بمنحى سوداوي جدا.

أنت لا تلامين على ذلك أبدا, إنما الذي يلام هو مفاهيمنا الاجتماعية الخاطئة عن مرض الصرع، كما أن بعض حالات الصرع - خاصة إذا كان ناشئا من منطقة في المخ تسمى ( بالفص الصدغي ) - فهنا قد يتقلب المزاج، وقد يصاب الإنسان بشيء من الكآبة والوسوسة، والقلق، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.

العلاج متوفر - أيتها الفاضلة الكريمة - فراجعي الطبيب الذي يشرف على علاجك, والأمر في غاية البساطة، وسوف يضيف الطبيب أحد الأدوية التي تحسن المزاج، وهي كثيرة جدا، وسوف يختار لك الطبيب الدواء السليم، والسبرلكس من الأدوية الجيدة جدا، وأنا متأكد أن كل هذا الكرب والكدر والنكد سوف ينتهي خلال أسبوعين إلى ثلاثة، ودليلي على ذلك أن العلاقة بين عسر المزاج ومرض الصرع هي أكيدة - كما ذكرت لك في حالات كثيرة - والاستجابة للدواء جيدة جدا.

إذن الحل موجود, وأرجو من الله تعالى أن يكون ذلك سببا في أن يدب السرور والفرح والانشراح إلى نفسك.

ثانيا: أنت - والحمد لله تعالى - فعالة، لكنك قللت من هذه الفعالية بعض الشيء، وأنت لديك عمل، وأنت مؤهلة، وأنت لا يظهر عليك المرض حتى أن إخوتك لا يعرفون بذلك، وإذا كان المرض مرضا واضحا فمهما سعيت لإخفائه فسوف يعرف، وأنا أحد الذين لا أقتنع بأن يخفي الإنسان ما به، لا أقول أن يشيع الإنسان علته ويتحدث، لكن إذا سأله أحد فلا مانع أبدا من أن يذكر ما به إذا رأى في ذلك ضرورة، أما إذا رأى أن الأمر فيه تطفل من الجانب الآخر، فهذا قطعا يجب أن يسكت ويوقف عند حده.

أيتها الفاضلة الكريمة: اجعلي لحياتك معنى، أريدك أن تنخرطي في بعض الأنشطة الخيرية؛ لأن هذه سوف تشعرك بالخيرية والسعادة، وصلي رحمك، وكوني بارة بوالديك، واقرئي المعارف المفيدة للإنسان، وضعي برنامجا لحفظ شيء من القرآن يأتي لك يوم القيامة نورا إن شاء الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، ومرة أخرى أؤكد لك أن العلاج الدوائي سوف يشرح صدرك، ويفيدك فائدة كبيرة جدا، ويزيل هذه المخاوف، والوساوس، والقلق، والاكتئاب.

التقرتول دواء جيد, لكن إذا رأى الطبيب أيضا أن يستبدله بدواء آخر منظم لكهرباء الدماغ فلا بأس في ذلك، ولكنه دواء جيد جدا، وأريد أن أقول لك: إن التطور العلمي - بفضل الله تعالى - يسير بصورة مطردة، حين أصبت بهذه العلة كانت الأدوية التي يتم استعمالها بسيطة جدا (الفانيتون ـــ الباربتون)) وبعض الأدوية الأخرى، والتقرتول كان موجودا، وكم من أدوية جديدة قد أتتنا! وكم هي الأبحاث التي تقام الآن من أجل المزيد مما هو أفضل وأفيد للناس فيما يخص علاجهم.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات