هل تربية خالتي لأمي أثرت عليها؟ أرجو الحل؟

0 397

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي 21 سنة، ومشكلتي أنه لا يوجد اتفاق بيني وبين والدتي، وأحس كثيرا
بالجفا من ناحيتها، وكلمتها كثيرا ولكنها لا تريد أن تتغير، ومعاملتها معي غير عن معاملتها لأخواتي الصبيان، فهي تعاملهم أفضل بكثير، وعلى العلم إن والدتي لم ترى والدتها لأنها توفيت عندما ولدتها.

أصبحت أشعر بعزلة، لقد مللت من الكلام معها، وتوقفت عن الحديث معها بخصوص هذا الموضوع، وكثيرا ما أتمنى الموت، وأنام أغلب الوقت، أريد أن أعرف المشكلة، هل هي عندي أم عندها، أنا فعلا تعبت، وخائفة من حساب ربنا لي لأجلها.

ودائما هي قلقة مني، مثلا عندما نكون جالسين وسط أناس، دائما تفتخر بأخي الكبير وتمدح فيه كثيرا، وهذا الشيء يضايقني لأني أشعر أنها تقصد هذا، وما أريد قوله إن هذه المشاكل ليست من فترة قريبة، بل المشاكل هذه من سنين ولم تنحل إلى الآن.

فقدت الثقة في نفسي وفي الناس، وهي لا تريد أن تراعي مشاعري، أريد حلا ضروريا، وللعلم إن خالتها هي التي قامت على تربيتها منذ زمن، هل فعلا التربية هذه هي التي أوصلتها لتعمل هكذا معي؟

أرجوكم أريد حلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دنيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يذهب عنك هذه الضغوط، وأن يمن على أمك بالاعتدال والإنصاف في التعامل معك، وأن يوفقها لإعطائك حقك الشرعي من الاهتمام والتقدير وتبادل العواطف والمشاعر، والقيام بدورها الذي ينبغي أن تقوم به من زرع الثقة فيك والإحسان إليك وعدم التفرقة بين وبين إخوانك.

وبخصوص ما ورد برسالتك من أنه ليس بينك وبين والدتك اتفاق من فترة طويلة، وتشعرين بالجفا من ناحيتها، وحاولت أن تكلمينها كثيرا في أن تغير معاملتها معك، ولكن للأسف دون جدوى، وفي نفس الوقت أيضا إذا زرتم أحدا فإنها تفتخر بأخيك الكبير وتمدح فيه، إلى غير ذلك من الأمور التي قد تثير لديك بعض الغيرة وعدم الراحة والضيق، وذلك نتيجة أنها تغدق وتغرق في وصفها لأخيك بطريقة مستفزة، في حين أنها لا تتكلم معك كلمة واحدة تنم عن محبة أو تقدير أو احترام.

وتقولين بأن التي ربتها قد تكون خالتها – كما ذكرت – ولعلها قد أثرت بتربيتها في أمك، وتسألين: هل من الممكن أن التربية تؤدي إلى هذه النتيجة؟

أقول لك – ابنتي الكريمة الفاضلة دنيا – إنه مما لا شك فيه أن أمك ضحية تربية غير كاملة وتربية غير موفقة وتربية قاصرة، لأنه لا يوجد أم في العالم لا تحب أبنائها أبدا، حتى وإن كانت ستفرق بينهم إلا أنها تحرص كل الحرص على أن تعطيهم جميعا قسطا وافرا من المحبة والاحترام والتقدير، فلعل أمك نظرا لعدم وجود أحد معها وفقدها لأمها وهي ما زالت في ساعاتها الأولى أدى إلى أنها تعرضت لنوع من التهميش، خاصة وأنها عندما كانت عند خالتها، لعلها لاحظت خالتها تركز على أبنائها أكثر منها فأهملتها، مما أدى إلى جفاف عاطفتها وإلى برود مشاعرها، وإلى شعورها بنوع من الدونية والانعزال، هذا الأمر ما استطاعت أن تتخلص منه في حياتها معكم وفي حياتها الزوجية الجديدة، مما ترتب عليه هذه المعاملة التي تعانين أنت منها.

ولذلك أتمنى فعلا أن تنظري إلى أمك بهذه النظرة على أنها ضحية تربية غير موجهة وغير مرشدة وغير صائبة، وأنها تفعل ذلك رغما عنها وليس بإرادتها، وأتمنى أن تلتمسي لها العذر بارك الله فيك، وألا تتكلمي معها بعد ذلك، وأن تدعيها وشأنها، لأن بعض الناس أحيانا مع كثرة الإلحاح والمتابعة قد يتمرد الشيطان في داخله وقد يدفعه إلى الإصرار على المضي في الطريق الخطأ، ولكن ما دمت حاولت معها مرات ومرات ومرات حتى عجزت، فأنا أرى أن تتوقفي عن معاتبتها تماما، أو عن توجيه اللوم لها، أو عن الكلام معها في هذا، لا من قريب ولا من بعيد، واتركيها وشأنها لله تبارك وتعالى، وتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء، وحاولي أن تركزي أنت على نفسك وعلى ما يصلحك وعلى ما يعود عليك بالخير، وهذا ليس معناه التمرد عليها، وإنما أيضا طاعتها مطلوبة، واحترامها مطلوب، ولكن كما ذكرت إغلاق هذا الباب أعتقد أنه قد يكون من الحكمة ومن الحسن ومن المفيد، ما دام لا يؤدي إلى نتيجة مثمرة.

وأنا أقول: إني أكاد أجزم بأن أمك ضحية تربية خاطئة، ترتب عليه هذا الميل الشديد تجاه أخوك وأيضا عدم إعطائك حقك الشرعي الذي ينبغي أن تقوم به كأم عادلة أو منصفة.

توجهي إلى الله بالدعاء أن يصلحها الله تبارك وتعالى، وأن يصلح ما بينك وما بينها، لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - .

عليك بارك الله فيك بالاجتهاد في الطاعة والعبادة والأنس بالله تعالى، إذا كانت الأم قد تخلت عنك أو تخلى عنك الناس فاعلمي أن الله يحبك، وأن الله يفرح بتوبتك ورجوعك إليه، وأن الله يفرح بصلاتك وعبادتك رغم أنه غني عنها، فحاولي أن ترتبي علاقتك مع الله في أفضل صورة، وحاولي أن تطمئني في صلاتك، وحاولي أن تبكي بين يدي الله في السجود، وأن تقولي (ما لي أحد سواك يا الله، فلا تتخلى عني يا أكرم الأكرمين) وتسألي الله تعالى أن يرزقك حبه جل جلاله، كما أمر الله نبيه محمد - عليه الصلاة والسلام -، ويا ليتك تحافظين على الصلاة في أوقاتها، مع أذكار الصباح والمساء، وورد من القرآن الكريم يوميا، والإكثار من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – وأنا واثق إن شاء الله أنك سوف تتحسنين.

كما أتمنى أيضا أن تربطي نفسك ببعض الأعمال الاجتماعية الشرعية، كحضور بعض الندوات أو المحاضرات أو الدروس التي تلقى هنا أو هناك في منطقتك وفي أماكن وجودك، فهناك مساجد فيها نشاط نسوي رائع، وهناك أخوات فضليات اقتطعن من أوقاتهن لخدمة المسلمات، سواء كان في مجال تحفيظ القرآن الكريم، أو رعاية الأيتام، أو المراكز الطبية، أو المستشفيات، أو حضور دروس ومحاضرات وندوات، هذه كلها مجالات رائعة، أتمنى أن تربطي نفسك بمنظومة من أخواتك الصالحات، من الممكن أن تجدي فيهن عوضا كبيرا عن أمك - بإذن الله تعالى -.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على طاعته ورضاه، وأن يمن عليك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته ورضاه، عاجلا غير آجل.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات