عندي اضطرابات في الكلام وأريد التحدث بطلاقة .. فما الحل؟

0 625

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل أن أبدأ بمشكلتي، أحب أن أشكر القائمين على هذا الموقع على جهودهم، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجزيهم خيرا كثيرا.

بداية أنا من المتخرجات من مرحلة الثانوية لهذا العام -بفضل الله وكرمه-.
مشكلتي بدأت تقريبا منذ سنتين، عندما كنت في الصف الأول الثانوي، عانيت من نقص مفاجئ في الثقة بالنفس، ولكنه لم يكن يظهر معي إلا مع أشخاص قلة معينين، وليس الكل فقد كنت جريئة وطليقة اللسان منذ صغري؛ رغم أني كنت أشعر بنقص الثقة أحيانا في صغري، وذلك بسبب حساسيتي؛ لكن لم يؤثر ذلك على شخصيتي وجراءتي ولم يكن يظهر ذلك علي أمام الناس.

لكن في الصف الأول الثانوي أصابني بشكل مفاجئ - كما ذكرت - على نهاية السنة عالجت بعون الله مسألة تزعزع ثقتي بنفسي كليا، ولم أعد أشعر بذلك؛ لكن ما أفجعني أني في الصف الثاني الثانوي وبشكل مفاجئ أصبت باضطرابات شديدة في الكلام، فأحيانا عندما أتحدث أتوقف فجأة عن الكلام بدون سبب، وأشعر أن مخي قد توقف عن العمل، وأنسى تماما ما كنت أتحدث عنه، وأحتاج لوقت لأتذكره، ويحدث لي ارتباك، ويكون كلامي غير مفهوم وغير مرتب، وإذا أردت أن يكون كلامي جيدا وطبيعيا؛ فإنني قبل أن أتكلم مع أحد أفكر في الكلام الذي سأقوله أولا، وأرتبه في مخي، وإذا لم أفعل ذلك يحدث لي اضطراب - أي لا يوجد تلقائية في الكلام - هذا العرض ما زال مستمرا عندي، وقد أرهقني كثيرا، ويصعب علي التركيز وسرعة الفهم.

مع العلم أنني كنت متميزة في التركيز، وسرعة الإدراك والفهم منذ صغري - والحمد لله -، وأيضا فإن حدة هذه الأعراض تزيد وتقل، فعندما تزيد حدتها أشعر، وكأن هناك حبلا يربط لساني عن الكلام، فأجد صعوبة في نطق الكلمات بسهولة، فأخطئ في نطقها، وأحيانا أشعر بثقل في لساني، فلا أحبذ التحدث في هذا الوقت، لأنه يتعبني ويرهقني، وأحيانا أعاني من نفس الأمر في رأسي، فأشعر وكأن حبلا يشد رأسي فلا أستطيع أن أجد الكلمات التي أريدها، ولا استطيع أن أنطق بكلمة تلقائيا؛ لأني أخشى أن تخرج كلمة مختلفة تماما، أو جملة أقولها تلقائيا فتخرج غير مرتبة ومنسقة، لذا يجب أن أرتبها في عقلي وأقرأها أولا.

بعد قراءتي عن التلعثم، وجدت أنه مختلف عما يحدث لي، وأنه على حسب قول الأطباء لا يحدث فجأة، بل هو مرض يبدأ منذ الولادة والصغر فاستبعدته، وقرأت عن شخص يعاني من نفس مشكلتي، فأجد ردا من الطبيب يقول: إن هذه الأعراض قد تكون إحدى سببين: إما سبب نفسي، أو سبب عضوي.

فأما السبب النفسي فاستبعده، وخصوصا بعد أن عالجت ثقتي بنفسي، وعلما بأنه ليس عندي أية مشاكل عائلية أو غيرها -والحمد لله-.

وأما السبب العضوي فلا أعلمه، وأرجو أن لا يكون كذلك!.

بعد أن دخلت السنة الثالثة الثانوية، ومع قراءتي للقرآن، وتفاؤلي بأنه قد يكون ابتلاء من الله، وما علي إلا الصبر، تحسنت حالتي وأصبحت أجبر نفسي على الاختلاط بالناس، وعندما أخطئ بالكلام، أحدث نفسي بكلمات مشجعة، وأعيد الكرة حتى أصبحت أفضل - والحمد لله - لكن الأعراض ما زالت موجودة.

وأكثر ما يزعجني ويحزنني، هو تغير شخصيتي بالكامل، فلا أستطيع أن أتصرف على طبيعتي، أو أن أقول الكلام الذي أريده؛ لأني لا أستطيع التعبير بوضوح وسهولة عن أفكاري.

أريد فقط أن أعود كما كنت، وأتصرف على طبيعتي، وأتحدث بطلاقة وعقلانية وذكاء وإدراك كبيرين!

أرجو أن يجعلك الله سببا في حل مشكلتي، فلا أعرف حتى ما هو هذا المرض! - مع العلم أن أختي الكبرى تعاني من نفس المرض-.

أخيرا أعتذر عن الإطالة، وأسأل الله الشفاء لجميع مرضى المسلمين، ولكم جزيل الشكر والعرفان، وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأود أن أطمئنك؛ لأنني لا أرى أنك تعانين من مرض حقيقي، إنما هي ظاهرة، والظاهرة التي تعانين منها بسيطة جدا، وهي صورة من صور ما يعرف بالرهاب أو الخوف الاجتماعي البسيط، والخوف الاجتماعي ليس من الضروري أن يظهر في شكل شعور شديد بالخوف في المواقف الاجتماعية، إنما يكون هنالك اضمحلال واضطراب في الأداء الاجتماعي مثل الكلام مثلا.

ومعظم هذا التصرف والسلوك يكون في شكل مشاعر، أكثر مما هي حقيقة، أنا متأكد الآن أن أدائك ونضجك أفضل مما تتصورين؛ لكن الخوف هجم عليك حتى وإن لم يظهر عليك داخليا، ومن خلال تأثيره عليك أتتك هذه المشاعر بأنه لديك علة حقيقية متعلقة بطلاقة اللسان.

ولديك جانب وسواسي مهم جدا عبرت عنه حين قلت (أفكر في الكلام الذي سأقوله أولا وأرتبه في مخي، وإذا لم أفعل ذلك يحدث لي اضطراب) هذه نوع من السلوكيات الوسواسية – أي أن يتبع الإنسان نمطا معينا، ويكون له طقوسية معينة يبدأ بها أفعاله، ولا يستطيع أبدا أن يؤدي دون أن يبدأ بهذه الترتيبات أو الطقوسيات – وهذه كلها مرتبطة بحالة القلق البسيطة التي تعانين منه.

إذن حالتك اتضحت، وأنا أود أن أطمئنك مرة أخرى أنها من الناحية التشخيصية لا تعتبر أبدا من الحالات الصعبة، - وإن شاء تعالى - تكون مرحلية، والذي أنصحك به هو أن تكثري من التواصل الاجتماعي، وأن تجلسي مع نفسك جلسات خاصة، تجري فيها حوارات كأنك تخاطبين أحدا، وأخذ هذه التمارين بجدية يساعد الناس كثيرا، وهنالك من نطلب منهم أن يقوموا بتسجيل هذه الحوارات أو حتى تصويرها بالفيديو ومشاهدتها مرة أخرى؛ لأن هذه هي طرق التعزيز السلوكي التي تحسن من الأداء، لمن يشعر أن أدائه ضعيف في شيء ما.

وانتقلي بخيالك، وتصوري أنك تقومين بتقديم عرض معين، أو حديث أمام الطالبات والمعلمات، وشيء من هذا القبيل، هذه وسائل جيدة جدا نتائجها مضمونة؛ لكنها تتطلب الصبر والتطبيق بدقة وجدية وقناعة بأنها مفيدة.

الانضمام لأحد حلق القرآن وتعلمه وحفظه، لا شك أنها تهيئ لك المحيط والجو الذي تحسين فيه بالأمان، وحين يشعر الإنسان بالأمان تأتيه الطلاقة والانطلاقة فيما يود أن يقوله، فكوني حريصة على ذلك.

وهنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، أيضا هي جيدة جدا وفاعلة جدا، ولدينا في إسلام ويب استشارات بها كيفية تطبيق هذه التمارين، وإحداها تحت رقم (2136015) أرجو أن تتطلع عليها، وتتبعين التعليمات البسيطة التي وردت فيها، ويجب أن تقوم بهذه التمارين بصورة متكررة.

ليس لدي ما أقوله أكثر من هذا، وأعتقد أن عملية الثقة في النفس، وهذه الأمور كلها، أتت من قلق المخاوف - هذا الذي أثر عليك -، وبإتباعك لما ذكرته - إن شاء الله تعالى - سوف يزول منك هذا الأمر.

في بعض الأحيان نعطي أدوية مضادة للمخاوف، وهي أيضا فعاليتها مضمونة جدا؛ لكني أرى أن حالتك أبسط، ولا تتطلب دواء في هذه المرحلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات