تعرفت على فتاة وأحببتها, ولكن أمي ترفض زواجي منها .. فما الحل؟

0 758

السؤال



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 21 سنة, وأرغب بالزواج من فتاة بنفس عمري, وهي من تعرفت علي في البداية عن طريق دردشة (البلاك بيري ), فقد أرسلت لي إضافة فقبلت, ولم أكن أدري إن كانت فتاة أم شابا، وهي كذلك عندما أرسلت لي إضافة لم تعلم أني شاب أم فتاة, وقد جرى بيننا تعارف, وبدأنا بالحديث معا، وعندما اتضح لنا أن كلا منا يختلف جنسه عن الآخر بدأنا نحترس جيدا في الحديث, وأن لا يكون بيننا حديث خاص؛ لأن - كما تعلم - دردشة (البلاك بيري) توجد بها قائمة, وفيها أشخاص تتراسل رسائل عامة.

ولم نكن نتحدث كثيرا, وإنما كان الحديث سؤالا عن الحال, وكنا نغيب عن بعضنا من حين لآخر, وقد حصل بعد كل ذلك أن تعلقت بها كثيرا؛ لإعجابي بحديثها معي واحترامها وتقديرها، وكانت مهتمة بي اهتماما شديدا, حتى أنها أصبحت تحادثني ليلا ونهارا, وأنا كنت شديد الحرص أيضا على محادثتها ليلا ونهارا, وكنت أسأل عنها دائما, وكنت أكلمها بكلمات الإعجاب والغرام, ولكنها كانت تقول لي دائما: الله يخليك, لا تقل لي هذه الكلمات, فهذه لا يقولها إلا المتزوجون، ووالله إنها بكلامها هذا كأنما صفعني أحدهم على وجهي, فتنبهت للخطورة التي وقعت فيها -أسأل الله أن يغفر لنا -، ووالله إنها تعلقت بي, وأنا كذلك, وقد استمرت العلاقة 6 أشهر, علما أن هذه العلاقة كانت محادثة كتابية فقط, ولم تتطور إلى لقاءات, ولا إلى محادثات صوتية أبدا؛ فهي فتاة محترمة جدا, ومن بيت محترم جدا, وأنا أيضا من بيت محافظ, ولم أحادث في حياتي فتاة - بفضل الله ومنه علي - ولكنها أول فتاة تعرفت لها.

وعندما زاد بنا الأمر واشتد تعلقنا ببعضنا طرح كل منا على الآخر فكرة الزواج, وأن نقطع هذه العلاقة بالزواج الحلال, وبالطريقة التي يرضى بها ربنا, وكنت كثيرا ما أتردد أن أخبر أمي بهذه العلاقة, وكنت أريد أنها تخطبها لي, وأرغب بذلك بشدة, وأريد أن أصحح خطئي وأتزوجها على سنة الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, لكني خفت كثيرا أن تظن بها ظن السوء, وأن تقول لي بأنها فتاة غير صالحة؛ لأني تعرفت عليها بهذه الطريقة, لكني أخبرتها وبكل جرأة, وعندما أخبرتها صدمت مني كثيرا, وقالت: لن أذهب لرؤيتها, ولن أخطبها لك, ولن نتعرف على أهلها, وكان لرفضها أثر كبير على نفسيتي.

علما أن أمي حجزت لي بنت خالي منذ 3 سنين, عندما كنت في الصف الثالث الثانوي, وكان خالي يريد إقامة زواجنا منذ أن حجزتها لي؛ لأنه يريد الاستعجال بإتمام زواج ابنته, وهي كذلك بعمري, لكن والدتي رفضت, وقالت: عندما ينتهيان من دراستهم الجامعية, وأنا الآن لا أريدها, علما أنها إلى الآن لا تعلم عني شيئا, وهم حجزوها لي لأننا نخفي ذلك عن الفتاة إلى أن تتم موعد خطبتها، وأريد لبنت خالي الخير مع غيري؛ لأني أرى نفسي بأني لست الزوج المناسب لها, ويوجد من أبناء الأقارب من لم يتزوجوا إلى الآن, وأشعر بأنني لا أرغب بالارتباط بها أو بأحد غيرها؛ لأنني تعلقت بالفتاة التي أحببتها, ووالله إني أدعو ربي كثيرا بأن يصرف عني زواجي من بنت خالي, وأن يرزقني بالفتاة التي تعرفت لها.

وعندما أخبرت الفتاة التي تعرفت لها بأن أمي حجزت بنت خالي لي، وأن أمي ترفض الزواج بهذه الطريقة - لا أدري هل سبب هذا الكلام لها صدمة أم لا؟! -قالت لي: إذن: لا أريد قطع رزق بنت خالك, وأرجو نسياني.

علما أنها سبق وأن رفضت اثنين تقدموا لها, ولم تقبل أحدا منهم, وقالت: ربما أكون من نصيبك, ولم تقل هذه الكلمات لي شخصيا, بل نقلتها أختها التي تصغرها سنا لي, ووضحت لي سبب رفض أختها الكبرى لمن تقدموا لها, دون علمها هي بنقل أختها الصغرى هذا الكلام لي.

وعندما أصرت أمي أن أبيع جهاز (البلاك بيري) حتى أقطع علاقتي بها، وقبل أن أبيع الجهاز أخبرتها أني أريد إيميلها, وهي في بداية الأمر كانت رافضة وبشدة أن تعطيني إيميلها, لكني أصررت عليها لكي تخبرني بأخبارها, وهل تزوجت أم لا فيما بعد!!

ووالله إني الآن في حالة يرثى لها, ولا أستطيع نسيانها, فهي تدور في ذهني، حتى أخبرت أختي التي تسكن في المدينة التي تسكن فيها بأن تتعرف على أهلها، لكن أمي رفضت, ولم تجعل أختي تتعرف لهم.

فهل يجوز لي أن أدعو ربي أن تكون هذه الفتاة التي تعلقت بها من نصيبي, وأن يكتب لي فيها الخير والصلاح؟
وما الحل؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد المجيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك - ابننا الكريم - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يستخدمك فيما يرضيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

رغم تقديرنا – ابننا لكريم – لهذه المشاعر التي امتدت – بكل أسف – دون أن يكون لها غطاء شرعي، إلا أننا نريد أن نقول لك: طاعة الوالدة أولى، والسير معها في الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى هو المطلوب، وليس من الضروري أن تتزوج بأي امرأة لا تريدها أنت ولا ترغب فيها أنت، لكن هذه الفتاة التي بدأت معها العلاقة بهذه الطريقة، ثم إنك – بكل أسف – أخطأت حين أخبرت الوالدة عن طريقة التعارف؛ لأنه سيساء بها وبك الظن؛ لأنكم تعرفتم بهذه الطريقة دون علم الأهل, ولم تأتوا البيوت من أبوابها، ولا يعذركم ولا يشفع لكم في ذلك أنكم ما كنت تعرفون، وأنتم بعد أن عرفتم سارت العلاقة في اتجاه غير صحيح؛ لذلك كان من الطبيعي أن ترفض الوالدة, ويشتد عندها الرفض بعد أن أخبرتها بالحقيقة كاملة.

ندعوك الآن إلى أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى، ونحن ندرك الصدمة والمرارة على الطرفين، لكن ما يترتب على الاستمرار في هذه العلاقة من صدمات هي الأخطر وهي الأكبر وهي المرفوضة شرعا؛ لأن الإسلام لا يرضى بأي علاقة بين شاب وفتاة إلا إذا كان هناك غطاء شرعي من ضوابط هذا الدين، إلا إذا كانت العلاقة معلنة، إلا إذا كانت العلاقة توصل حتما إلى الزواج الصحيح، وكل هذه الأمور غير متوفرة؛ لأن كل الأوراق ليست في يدك، والوالدة ترفض مجرد التعرف ,ومجرد الذهاب والسؤال عنهم، ولا نريد منك أن تخسر الوالدة؛ لأن من نجاح الإنسان أن يأتي بامرأة تقبل بها الأم, ويرتضيها هو في جمالها ودينها وأخلاقها؛ لأنه في هذه الحالة يعان بتوفيق الله في أن يؤدي حق الوالدة, وفي أن يؤدي كذلك حق الزوجة التي رضيت بها الأم, أما إذا بدأ الإنسان بهذه الطريقة فإن هذا يجلب له مشكلات ليس لها أول وليس لها آخر.

فإذن: رغم مرارة الكلام الذي نقوله, إلا أننا ندعوك إلى طي هذه الصفحة، وندعو الله أن ييسر لتلك الفتاة الخير، وأن يسعدها في حياتها، وأن يسعدك أنت في حياتك، ولكن هذا الطريق غير مضمون العواقب، ولا نريد لك أن تدخل وتبدأ حياتك بهذه البداية التي فيها مصادمة تامة لرغبة الوالدة, التي ربما تؤيدها الضوابط الشرعية، وتؤيدها العادات المألوفة بين الناس، وتؤيدها ما ينبغي أن يكون من الصواب، فإن الشاب أولا ينبغي أن يأتي البيوت من أبوابها.

الأمر الثاني: إذا ألقى الله في قلبه ميلا إلى فتاة –والفتاة كذلك – ينبغي أن نبدأ أول خطوة بأن ندخل الأهل في الصورة، ويخطئ الشباب عندما يجعلوا الأهل آخر من يعلم ويعرف، وأنت الآن نموذج لمن تفاجأ بأن الوالدة ومنذ ثلاث سنوات تدخر لك بنت الخالة - طبعا نحن لا نوافق على هذا - لكن حتى نبين لك أسباب الرفض، وأن هناك بدائل مطروحة، وما من شاب يذهب للجامعة أو للدارسة إلا والأسرة كلها تكون قد حددت له المسير، علم أو لم يعلم، وهذا قطعا غير صحيح، لكن من حبهم لنا، ومن حرصهم على مصلحتنا، والشاب العاقل عندما يأتي ويضع أهله أمام الواقع، ويقول: (أنا ليس عندي مانع أن تساعدوني في الاختيار), لكن الاختيار الحاصل في النهاية للشاب وللفتاة، فإن الشريعة تجعل أمر اختيار الشاب أو اختيار الفتاة لزوجها – أو العكس –، ودور الوالدين والأهل ما هو إلا دور إرشادي توجيهي, ولا يصح لهم أن يتدخلوا بالمنع أو بالقبول، إلا إذا كان الطرف راضيا، والأدلة على ذلك كثيرة، فهذا الأمر مرفوض بالنسبة للفتى والفتاة، والشريعة تجعل كامل الحق للرجل، لكنها تقول: (فاظفر بذات الدين), وتجعل الاختيار كاملا للفتاة، وعليها أن تختار صاحب الدين (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) فإن لم تفعل فهنا تتدخل الأسرة بالمنع، إذا لاحظوا أن بنتهم رضيت بأن تكون خطيبة أو زوجة لسكران أو حيران أو تارك صلاة أو عاص لله، وعند ذلك يجب أن يتدخلوا ليمنعوها، أما إذا رضيت الفتاة بصاحب دين, وكانت البدايات صحيحة, وجاءها من الباب, وقابل أهلها الأحباب، فلا يجوز شرعا أن يمنع، ولا يجوز شرعا أن نجبرها على رجل كذلك لا تريده، هذا للفتاة، فكيف بالرجل الذي ينبغي أيضا أن يختار الاختيار الصحيح!؟

فإذن: نحن ندعوك إلى أن توقف هذه المسألة عند هذا الحد، وأن تتعظ وتنتبه مستقبلا، وإذا أردت أن تخطب أي فتاة فعليك أن تأتي البيوت من أبوابها، ونتمنى أن تخبر الوالدة أولا، والإسلام لا يعترف بأي علاقة قبل الرباط الشرعي، والحب الحقيقي هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي، أما ما يحدث من علاقات، فهذا مجرد إعجاب، والطريقة التي تحدث بها هذه العلاقات بين الشباب والفتيات طريقة لا ترضي الله تبارك وتعالى، وكذلك العواقب من ورائها ليست طيبة، فانتبه لنفسك، واجتهد في بر هذه الوالدة والاقتراب منها، ولا تجامل في أمر الزواج، وعليك أن تختار الفتاة التي تريدها, لكن بالطريقة الصحيحة، وكما قلت: ابنت الخال معززة مكرمة، لكن الزواج يقوم على التوافق وعلى القبول؛ لأنه تلاق بالأرواح، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف.

وإذا حدث مستقبلا بعد التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى أن تغيرت الصورة، وتهيأت فرص أخرى فهذا أمر آخر، لكن لابد الآن من قطع العلاقة حتى تكون في إطارها الشرعي وفق ضوابط هذا الذين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

أما بخصوص سؤالك: هل يجوز أن تدعو الله بأن تكون من نصيبك؟
فالأفضل أن تدعو الله أن يكتب لك الخير أين ما كان سواء بهذه الفتاة أم بغيرها، لأنك لا تدري أين تكون مصلحتك، وربك هو العالم بها.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل عليك، وأن يسهل على الفتاة، وأن يسخر الوالدة ويسخر من حولك حتى يعينوك على كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى، وستجد هذه الفتاة - إن شاء الله تعالى – من يسعدها، وستجد أنت - إن شاء الله تعالى – من تسعد معها، وأرجو أن تتوب وتستغفر، حتى تمحو آثار هذ الخطأ الذي حدث منك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يقدر لك ولها الخير حيث كان ثم يرضيكما به.

مواد ذات صلة

الاستشارات