رغم تفوقي فأنا محتارة بين دراسة الطب أو غيره!

0 541

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة مصرية, أنهيت دراستي بتفوق في الثانوية العامة, وحصلت على مجموع عال يؤهلني لدخول كلية الطب, وأبي يريدني أن أدخل كلية الطب, ويلح على في ذلك بشدة, ولكني لا أرغب فيها, لأنني لا أعرف ماذا أريد, وهذا يؤرقني بشدة, وأرغب في تخصص أكون فيه نافعة لأمتي, فأنا أرغب بشدة في مساعدة أمتي, ونصرة ديني, ولا أعتقد أن ذلك سيتحقق من خلال كلية الطب, كما أني أعتقد أنها غير مناسبة للبنات, وأظن أنني يمكن أن أبذل مجهودا أقل, وأحصل على مستقبل أفضل في أي كلية أخرى.

كما أن كلية الطب تعتمد بشدة على الحفظ, وبرود الأعصاب, والثقة بالنفس, والمهارة في معاملة الناس, وهذا لا يتوفر في, فأنا أشعر أنني سأكون أكثر نفعا لأمتي لو دخلت كلية علوم, أو أي كلية أخرى, رغم أن أبي يؤكد لي أن الطب هو الذي يضمن المستقبل الأفضل.

أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل, فأنا حائرة جدا, وهل حالتي تجوز فيها الاستخارة؟ علما بأني لست حائرة بين كليتين فقط, بل بين جميع الكليات المتاحة, وكيف يكون دعاء الاستخارة في هذه الحالة؟ وهل يجب علي أن أنفذ رغبة والدي بدخول كلية الطب؟ وهل أكون قد ارتكبت عقوق الوالدين إذا لم أفعل ذلك؟ وما هي التخصصات الأنفع والأهم للأمة؟ علما بأن كل ما أتمناه أن أكون نافعة لديني, ومجتمعي.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mimi حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يزيدك تفوقا وتقدما ونبوغا حتى تكوني أقدر على خدمة دينك وخدمة أمتك ومجتمعك.

وبخصوص ما ورد برسالتك –ابنتي الكريمة الفاضلة– فإني أهنئك أولا بنجاحك الباهر في الثانوية العامة، وأسأل الله تبارك وتعالى مزيدا من التوفيق والتميز والغد المشرق في خدمة دينك وأمتك, وخدمة أسرتك أيضا.

وأما عن قضية تخصص الطب الذي كنت ترغبين في دراسته ولكنك متخوفة منه، وهو في نفس الوقت أيضا يوافق رغبات والدك وأسرتك، حيث إن الأسر بطبيعتها تتمنى لأبنائها أن يكونوا في أحسن حال, وأن يكونوا في وظائف مرموقة, وفي مهن مقبولة, وتوفر لهم قدرا من الاستقرار الاجتماعي والمادي.

فمعظم الآباء وأولياء الأمور في معظم بلاد العالم العربي والإسلامي خاصة عندما يجدون في أبنائهم بعض التميز, أو عندما يحصل أحد أبنائهم على درجات عالية؛ فإن أول ما يفكرون فيه إنما هي كليات القمة، وعلى رأس كليات القمة كلية الطب، وأنت تقولين بأنك تخافين إن دخلت هذه الكلية ألا تستطيعي أن تخدمي فيها دينك بطريقة أفضل، رغم أنك لو دخلت أي كلية أخرى تستطيعين أن تضمني فيها مستقبلا أفضل، لأن كلية الطب قد تتخرجين طبيبة عادية وقد لا تتمكنين مثلا من إكمال دراستك العليا، في حين أنه من الممكن أن تدخلي كلية علوم أو أي كلية أخرى -كما ذكرت– وتستطيعين أن تحصلي فيها على درجات متقدمة جدا، وبذلك تتحولين إلى أستاذة في الجامعة.

أنا أقول لك –ابنتي الكريمة الفاضلة– كلامك حق، وهذا الكلام أنا أؤيده، ولكن هذا الكلام لا ينفي ولا يمنع أبدا أن مجال الطب أفضل من أي مجال آخر، لأنك تستطيعين من خلاله أن تخدمي دينك خدمة نادرة ورائعة، ألا وهو التخصص في مجال أمراض النساء، فلعلك لو سألت والدتك من الذي قام بتوليدك في المستشفى لوجدت مع الأسف الشديد أن معظم الذين اطلعوا على عورات النساء كانوا من الرجال، لأن النساء يهربن مع الأسف الشديد من تخصص طب النساء والتوليد، مع أنه تخصص في غاية الأهمية.

بل لعله في مصر بالذات كان إلى عهد قريب جدا المتخصص في أمراض النساء والولادة كانوا هم النصارى، لشيء خفي حقيقة, لعل اطلاعهم على عورات النساء المسلمات، ولعل أيضا الحد من نسل الأمة المسلمة عن طريق إقناع الأمهات والأسر بعدم تكرار الإنجاب، بل لعل بعضهم قد يساهم أحيانا في مسألة إلحاق بعض العاهات أو الضرر في بعض الأطفال الصغار؛ حتى تحدث هناك إعاقة تلازم هذا الجنين فيكون طاقة معطلة، بل الأمر حقيقة كان منذ عهد قريب مزعجا جدا، حتى شاء الله تبارك وتعالى أن يدخل الميدان كثير من المسلمين الملتزمين، ولكن تبقى المشكلة قائمة وهي اطلاع الرجل الأجنبي على عورة المرأة المسلمة المغلظة، وهذا أمر ليس سهلا.

فأنا أرى إذا شرح الله صدرك ودخلت كلية الطب بهذه النية، أن تكوني متخصصة في أمراض النساء والولادة، أعتقد أنك ستحققين خدمة رائعة جدا لدينك وأمتك، يكفي أنك ستسترين عورات أخواتك المسلمات، وأعرف أن هناك أخوات مسلمات ملتزمات عندما تخصصن في هذا المجال, تركن حتى العمل في الحكومة, وفتحن مستوصفات وعيادات خاصة, وقمن الآن بعلاج أخواتهن المسلمات الملتزمات جدا، أقصد المنقبات والمتحجبات، وتفرغن لهذا الأمر، لأنها كما تعلمين زوجة رجل, وأم لأولاد, وهي ليس عندها استعداد أن تضحي بوقتها كله من أجل المستشفى, وكذلك أيضا المبيت في المستشفى بين الرجال، فتركت العمل الحكومي, وفتحت لها مستشفى خاصا، وأصبحت تتلقى الحالات حسب ظروفها، فجمعت بين الحسنيين، بين تربية أسرة صالحة مسلمة، وقيامها بواجبات زوجها، وبين كذلك أيضا الإعانة على ستر عورات المسلمات, والتخفيف عليهن أيضا من حيث الأجرة التي يتقاضاها الكثير من الأطباء بتكاليف باهظة وعالية.

فأنا أرى أن مجال الطب والتخصص فيه (قسم النساء والتوليد) سيكون فيه نفع عظيم عليك، فإذا أردت أن تدخلي الطب فادخلي هذا المجال، أما إذا كنت لن تدخلي فيه, ولن ترغبي فيه؛ فأرى أن تدخلي أي كلية أخرى، لأن عندنا الآن آلاف الطبيبات في مجال الأطفال, والذي تتخصص فيه معظم الأخوات إنما هو مجرد طب الأطفال، وطب الأطفال لا يعاني من مشكلة, بل هناك وفرة في هذا المجال، أما المجال الوحيد الذي لا يوجد فيه وفرة في عالم النساء إنما هو ما يتعلق بطب الجراحة النسوية، أو ما يتعلق بأمراض النساء والولادة.

فالذي أنصح به إما أن تدخلي هذا المجال فعلا بنية خدمة الدين؛ ليكون كلامك صادقا، وإما أن تدخلي أي كلية أخرى، لأنه مما لا شك فيه أن مستواك العلمي وتميزك سوف يمهدك لكي تكوني أستاذة في إحدى هذه الجامعات، وبذلك ستكون مجالات خدمتك لهذه الأمة أوسع، فركزي على الطب في مجال النساء والولادة، إذا لم يتيسر ذلك فلا مانع من الدخول إلى أي مجال آخر ترغبينه، وحاولي إقناع الأسرة بذلك.

أما عن الاستخارة فكما تكون بين أمرين تكون بين أمور أيضا، ولكن تسألي الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للتخصص الذي تخدمين فيه دينك, ويتناسب مع قدراتك وإمكاناتك، ودراسة الطب ليست بهذه الشدة التي تتصورينها، ولكن مستواك العلمي سيؤهلك -إن شاء الله تعالى– لكي تكوني ممتازة, ولكي تكونين نابغة، وبإذن الله تعالى ستلعبين دورا كبيرا في ستر عورات المسلمين.

أسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

ملاحظة: نعتذر عن التأخر في الرد؛ وذلك نسبة لظروف العشر الأواخر من رمضان وعطلة العيد.

مواد ذات صلة

الاستشارات