وساوس وتفكير دائم بالمستقبل وقلق.. أنقذوني من هذه المعاناة!

0 392

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

مبارك عليكم الشهر، وكل عام وأنتم بخير جزاكم الله خيرا على مساعدة الناس، وجعل ما تقدموه في ميزان حسناتكم، وأتمنى من الله ثم منكم مساعدتي في تشخيص حالتي، وهي:

عندما أكون على موعد في الصباح كسفر أو عمل، فإني لا أنام وأضل أفكر فيها، أيضا أنا حساس، وقلق، ومثالي، هادئ عاطفي لكني إذا حزنت أغضب كثيرا، وأقول كلاما جارحا أندم عليه فيما بعد.

أبالغ في الأمور، وضعيف التركيز، ومتشوق ومتلهف دائما، وأي شخص يمر من أمامي أو خلفي أو بجانبي فإني لابد أن أنظر إليه هذا ما لاحظه علي أحد المقربين.

لا أستطيع النوم بسبب نشاط التفكير المسيطر في كل شيء، بما فيها الأفكار التافهة، ودائما يأتيني تفكير بأني لن أنام مع محاولاتي جاهدا أن أقطع هذا التفكير، وبلا جدوى، جسمي نحيف وانأ متأكد بأنه بسبب النشاط الذي أبذله في التفكير.

أخاف من الفشل في أول ليلة إذا تزوجت؛ لأني أدمنت فترة طويلة على العادة السرية.

أتمنى ألا أكون أطلت عليكم، فقد حاولت جاهدا أن أختصر، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المعتصم بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنك لا تعاني حقيقة من مرض أو علة رئيسية حقيقية، هي مجرد ظاهرة، حيث إن شخصيتك تحمل سمات القلق والحساسية وسرعة الانفعال.

إذن نحن نتكلم عن تركيب نفسي لشخصيتك، ولا نتكلم عن أي اضطرابات في مستوى تفكيرك، أو أنك تعاني من مرض نفسي رئيسي كالاكتئاب أو الذهان، هذا ليس موجودا، هو مجرد قلق، حساسية، والاجترارات الفكرية ذات الطابع الوسواسي الذي تحدث لك هي نتيجة لهذا القلق، وأعتقد أن القلق هو المكون الرئيسي لشخصيتك.

والقلق ليس طاقة نفسية مرفوضة، لأنه هو الذي يحفز الإنسان من أجل الإبداع وحسن التفكير والإنجاز ورفع مستوى الفعالية، لكن إذا طغى هذا القلق على الإنسان، وأصبح ملازما له هو فهنا قد تحدث الإشكاليات.


الذي أنصحك به هو أن تحرص دائما أن تكون معبرا عن ذاتك، أقصد بذلك ألا تترك الأمور الصغيرة دون أن تعبر عنها؛ لأن السكوت والكتمان يؤدي إلى الاحتقانات النفسية الداخلية، والاحتقان النفسي يؤدي إلى سرعة الانفعال والغضب، ويؤدي إلى الندم فيما بعد ذلك، إذا ذكر الإنسان كلاما جارحا للطرف الآخر، وهذا هو الذي يحدث لك.

إذن التعبير عن الذات في حدود الأدب والذوق أولا بأول مطلوب في حالتك، وهذا نسميه بالتفريغ النفسي.

ثانيا: تدرب على الصبر، وهذا مهم جدا، وديننا الإسلامي الحنيف علمنا ذلك، فالتدرب على الصبر أمر مطلوب، فإنما الصبر بالتصبر والحلم بالتحلم والعلم بالتعلم، وأن يكون الإنسان كاظما للغيظ والله يحب المحسنين.

ثالثا: مصاحبة الصالحين من الفضلاء تطوع النفس وتدربها على منهجية هؤلاء مما يجعل الإنسان متعلما للتسامح وتقل حدة الطبع لديه، فكن حريصا على ذلك.

رابعا – وهو مهم جدا – هو أن تمارس الرياضة، وربما تستغرب ما علاقة الرياضة بسرعة الانفعال والغضب؟ .. العلاقة قوية وطيدة، وجد أن الرياضة بالفعل تهذب النفوس، وتطهرها من شوائبها الانفعالية السلبية وحالات القلق والتوتر الذي لا فائدة فيه، فكن حريصا على ذلك.

خامسا: إسلام ويب لديها استشارة – وغيرها كثير – تخص تمارين الاسترخاء وكيفية تطبيقها، وهي مطلوبة جدا ومفيدة جدا في حالتك، فأرجو أن ترجع إليها وتطبق ما ورد فيها، وهي تحت رقم (2136015).

سادسا – ومهم من وجهة نظري – أرجو أن تبحث عن عمل، العمل مهم جدا، والعمل يؤهل الإنسان اجتماعيا ونفسيا، ويعلمه الصبر، ويشعره بكينونة ذاته، فعليك طرق باب العمل وكن جادا وحريصا، واسأل الله تعالى أن يوفقك في أن تتحصل على وظيفة مناسبة.

سابعا: حالتك هذه تستفيد أيضا من مضادات القلق والتوتر، هنالك أدوية بسيطة جدا، عقار يعرف علميا باسم (فلوبنتكسول) ويسمى تجاريا (فلوناكسول) لا مانع أبدا من أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا – وقوة الحبة نصف مليجرام – تناولها بعد الأكل لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعل الحبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة واحدة مساء لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن أخبرناك بتشخيص حالتك، وهي لا تعتبر حالة مرضية، كل الذي بك أن شخصيتك قلقة مما يجعلك تحمل الهموم، خاصة القلق التوقعي عما سوف يحدث، وعظم الصغائر وتتضخم لديك مما تجعلك تنشغل ويضعف نومك ويضطرب تفكيرك.

فما ذكرته لك من توجيهات - إن شاء الله تعالى – سوف يفيدك، أسأل الله أن ينفعك به، وفيما يخص العادة السرية: لا بدأ تتوقف عنها، هي عادة قبيحة مهينة للنفس، تؤدي إلى الانفعالات السلبية، وتؤدي إلى اضطرابات جنسية مستقبلية، وفوق ذلك أولا وأخيرا هي من الفواحش التي حرمها الله تعالى عليك، وإن شاء الله حين تتوقف عنها سوف تجد أنك لن تفشل في الزواج، لأن الزواج أمر مختلف تماما.

الإنسان حين يقابل الزوجة يقابلها في محيط فيه السكينة والأمان والمودة والرحمة، والخيالات الجنسية الطائشة المتعلقة بالعادة السرية ليست هي الخيالات الجنسية حين يجامع ويباشر الرجل زوجته، الفرق كبير وكبير جدا، والإنسان لا يمكن أن يدرك ذلك إلا بعد أن يتزوج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات