الوساوس القهرية والحالة التي أوصلتني إليها.

0 375

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في 18من عمري، أشعر أني دائما في حالة اكتئاب وضيق، بدأت معي المشكلة في الصلاة والوضوء أوسوس وأشك، حتى انتقلت إلى الطعام، أفعل أشياء غير منطقية، مثلا إذا وضعت الحقيبة هنا أشعر بالتشاؤم فأغير مكانها، عندما أذهب إلى شراء الطعام آخذه ثم أقوم بإرجاعه، حتى أني الآن أمسح وأكتب دائما، أشعر بتأنيب الضمير على أشياء مضت، أحيانا أشعر بالتأنيب من لا شيء، أحيانا أشعر بالتبلد، وأحيانا أبسط الأشياء تثير نرفزتي، في حالة كسل وخمول دائم، انعزلت بعد أن كنت اجتماعية، أصبحت كثيرة النسيان، وعديمة التركيز، أسأل نفسي لماذا أعيش، لماذا آكل؟

تأثر مستواي الدراسي، أنا مقبلة على مرحلة جامعية ولست متحمسة كباقي من هم في عمري.

وأخيرا أصبحت أستسهل فكرة الانتحار، تعبت فما الحل؟

أرجو الرد سريعا وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالة الوساوس تؤدي كثيرا إلى عسر في المزاج، وتؤدي أيضا إلى شعور بالكدر، والشعور بالكدر يفقد الإنسان التركيز، ويجعله لا يتلمس حياته بصورة صحيحة، ويكون تشاؤميا حول الحاضر والمستقبل، أعتقد أن هذا هو الذي تعانين منه، أي أن الوسواس القهري أفضى إلى أعراض اكتئابية، وهذا يمكن علاجه تماما.

أنا أنصحك حقيقة بالذهاب لمقابلة طبيب نفسي، تحتاجين لجلستين أو ثلاث، ويتم أيضا إعطاؤك بعض الأدوية مضادة للوساوس، وكذلك محسنة للمزاج، هذا هو الأفضل، وحقيقة مثل هذه الحالات تعالج وتعالج بسهولة شديدة جدا، لكن الأحسن أن تكون تحت إشراف طبي نفسي مباشر.

بالنسبة لفكرة الانتحار: أنا لا أعتقد أبدا أنك سوف تقدمين على هذا العمل الفظ والقبيح، وذلك لأنك أولا مسلمة، وديننا ينهانا تماما عن ذلك بل يحمينا منه، ولذا الدراسات كلها تشير أن نسبة الانتحار وسط المسلمين -الحمد لله تعالى- هي الأقل في العالم، هذه نعمة كبيرة جدا.

ثانيا: بعد أن يتحسن مزاجك من خلال العلاج سوف تتلاشى هذه الفكرة تماما.

ثالثا: يجب أن تتذكري الأشياء الطيبة والجميلة في حياتك، فأنت على بدايات أعتاب سن الشباب، لديك طاقات نفسية، لديك طاقات جسدية، المستقبل -إن شاء الله تعالى- كله لك.

أنصحك بتحقير الأفكار الوسواسية تحقيرا كاملا، وأن تصرفي انتباهك عنها من خلال توزيع وقتك وإدارته بصورة جيدة، ولا تتركي للفراغ أبدا أي مجال ليجعل الاكتئاب والوسواس يتسلط عليك.

نصيحة مهمة جدا وهي: أن بر الوالدين هو مفتاح الخير للإنسان في الدنيا والآخرة، أعرف أنك حريصة على هذا الأمر، لكني أريد أن أذكرك به أيضا، لأن في هذا خيرا كثيرا لك.

عليك أيضا بالرفقة الصالحة الطيبة، تخيري الفتيات الصالحات الممتازات، وسوف تجدين منهن الدعم والمساندة والاستبصار.

يجب أن تمارسي تمارين رياضية، الرياضة هي أفضل معالجات للكسل والخمول، وإذا أردت أن تقومي أيضا بإجراء فحص عام للتأكد من مستوى الدم، هل هنالك فقر في الدم؟ هل هنالك ضعف في مستوى الهرمونات؟ هذه كلها فحوصات بسيطة جدا -وإن شاء الله تعالى- تجدينها كلها جيدة، فقط ذهابك إلى طبيب الأسرة سوف يطمئنك ويطمئننا نحن كذلك.

بالنسبة للذهاب للطبيب النفسي -أكرر- أرى أنه مهم، وإن كان هنالك صعوبة في ذلك اشرحي الأمر لذويك -لأهلك- وأنك تعانين بالفعل من وساوس قهرية مع اكتئاب، وقد أشرنا لك بالذهاب إلى الطبيب النفسي، وإن وافق الأهل فهذا أمر جيد، وإن لم يوافقوا فطبقي ما ذكرته لك من إرشاد، لكنك تحتاجين لتناول دواء مضاد للاكتئاب والوساوس، وفي مثل هذه الحالة الدواء الذي نفضله والذي أثبت جدارته وفعاليته عقار يعرف علميا باسم (فلوكستين) ويعرف تجاريا باسم (بروزاك) والجرعة المطلوبة صغيرة جدا في حالتك وهي كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة عشرون مليجراما، ومدة العلاج في حالتك هي أربعة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن الدواء.

يتميز الفلوكستين بأنه غير إدماني، غير تعودي، وسليم جدا، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وهنالك أشياء أخرى كثيرة جدا، مثل تكثيف الأنشطة الاجتماعية، الاطلاعات والقراءة غير الأكاديمية، مشاهدة البرامج الطيبة، الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، الانخراط في أي عمل اجتماعي أو ثقافي، مشاركة الأسرة وأخذ المبادرات الإيجابية، أشياء طيبة وجميلة وسهلة جدا، وممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة هو أمر مهم وممتاز، ويجعل الإنسان -إن شاء الله تعالى- يتحسن نفسيا قبل أن يتقوى جسديا.

أنا متأكد جدا أنك لو أخذت بما ذكرناه لك في هذه الاستشارة سوف تصلين -إن شاء الله تعالى- إلى الصحة والتعافي التام.

ونرجو الاطلاع على هذه الاستشارات حول تحريم الانتحار والتفكير فيه: 262983 - 110695 - 262353 - 230518.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات