هل ممارسة العادة في ليل رمضان يفسد الصوم؟

0 988

السؤال

السلام عليكم

عمري 14 سنة، وأنا مدمن على العادة السرية، وأمارسها في ليل رمضان، هل صيامي مقبول، وهل تسبب العادة السرية تشوهات في الوجه؟

أرجو الجواب على السؤال في أقرب وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونسأل الله لك السداد والرشاد، ونذكرك بأننا في شهر رمضان الفضيل، نسأل الله أن يتقبل منا ومنك، وأن يعيد علينا وعليك الصيام أعواما عديدة وسنوات مديدة في طاعته، وأن يجعلنا جميعا ممن طال عمره وحسن عمله.

وأرجو أن يعلم -ابننا الفاضل- وكل مسلم أن رمضان وقت فاضل في ليله ونهاره، وأن عبادة الله لا تعرف المواسم، فرب رمضان هو رب شعبان، ويخطئ الإنسان حين يظن أنه ينبغي أن يطيع الله في النهار فإذا جاء الليل يعصي الله تبارك وتعالى، والمسلم الذي ترك طعامه وشرابه لله دليل على أن عنده إرادة يستطيع بها أن يتخلى عن المعصية، لذلك قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} ولذلك قال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، ويستطيع بإرادته هذه أن يبتعد عن كل ما يغضب الله تبارك وتعالى، فاستخدم هذه الإرادة التي ثبتت بصومك وتركك للطعام والشراب، استفد من هذه الإرادة في تركك لهذه المعصية التي لا يرضاها ربنا العظيم سبحانه وتعالى من عباده، لا في ليليهم ولا في نهارهم.

واعلم أن الإنسان عندما يخلو مع هذه العادة السيئة يخلو من الناس جميعا لكنه يعصي الله، والله ناظر إليه، لكنه يعصي الله والله مطلع عليه، لكنه يعصي الله وهو يعيش في أرضه ويأكل من رزقه، وهو لا يستطيع أن يخرج عن ملكه، فاجتهد في إنقاذ نفسك بترك هذه العادة التي لها أضرار كبيرة جدا على صحة الإنسان, وعلى شكل الإنسان, وعلى حياة الإنسان, وعلى علاقات الإنسان الاجتماعية، وعلى مستقبل حياته الأسرية والزوجية.

والأخطر من هذا هي أنها معصية تغضب الله -تبارك وتعالى-، وليت الذي يفعل هذه المعصية يعلم بقوله تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} وليته يعلم بقوله تعالى: {ألا يعلم بأن الله يرى} وليته يعلم بقوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} وليته يعلم بقوله تعالى: {إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون} وليته يعلم بقوله: {إنه عليم بذات الصدور} وليته يعلم بقوله تعالى: {وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى}.

فاجتهد في تركها، وأنت كما قلت تركت الطعام والشراب لله -تبارك وتعالى-، وما من معصية إلا ولها آثار خطيرة على وجه الإنسان، كما قال ابن عباس: (فإن للمعصية ظلمة في الوجه، وضيقا في الصدر، وبغضا في قلوب الخلق، وضيقا في الرزق) فإن الإنسان يحرم الرزق بالذنب يصيبه، لذلك اجتهد في ترك هذه المخالفة، وابتعد عن كل ما يغضب الله تبارك وتعالى، واعلم أن الإنسان لا يقع في هذه المعصية إلا إذا خلا بنفسه، فاعلم أن الإنسان عندما يختلي بنفسه يكون الشيطان هو الثاني، واعلم أن الذئب إنما يأكل من الغنم القاصية البعيدة الشريدة، واعلم أن الشيطان من الإنسان أقرب وهو من الاثنين أبعد.

واعلم أن الإنسان لا يفعل هذه المعصية إلا إذا أطلق لنفسه الشهوات والنظر في الغاديات والرائحات، فغض بصرك، واعلم أن الإنسان لا يقع في هذه المعصية إلا إذا كان في غفلة عن ذكر الله تعالى وطاعته، فلا تكونن من الغافلين، واحرص على أن تنام على ذكر الله، وأن تستيقظ على ذكر الله تعالى، وكذلك احرص على ألا تذهب إلى فراشك إلا وأنت جاهز للنوم، إلا وقد أصبحت مستعدا للنوم مباشرة، ولا تبقى كذلك في فراشك بعد أن تستيقظ من نومك، فإن هذه الأوقات دائما تأتي فيها مثل هذه الوساوس السيئة.

وهذه العادة كما قلنا لها أضرار كذلك اجتماعية فهي تجعل الإنسان ينطوي ويهرب من الناس، ويهرب من مواجهتهم ويبتعد عنهم، وهي كذلك عادة تجعل الإنسان أيضا متبلد الذهن، تؤثر على ذكائه، وتؤثر على تفكيره، وتولد عنده تأنيب الضمير، وتولد عنده الانطواء والانكماش عن الناس، وكما قلنا الإدمان عليها يجعل الإنسان عاجزا عن ممارسة حياته الزوجية عندما يتزوج، لأن متعته تكون في هذا الشيء الذي يجلب له أضرارا خطيرة جدا, ويؤثر على مستوى أدائه للحلال، فإن للمعصية شؤما، وإن المعصية خصم على سعادة الإنسان.

فسارع بالتوبة، وسارع في الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، واعلم أن الله تبارك وتعالى يمهل ولا يهمل، وأنه سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية، ونشكر لك هذه الروح التي دفعتك للسؤال، والتي جعلتك تستفسر عن هذه المسألة، فاستفد من جوانب الخير في نفسك، واغتنم فرصة الصيام، وتذكر أنك في زمان فاضل، بل في ليال مباركة فاضلة جدا، نسأل الله ألا يحرمنا خيرها وخير ما فيها وخير ما بعدها.

وبلا شك أن الإنسان إذا تاب وترك هذه المخالفة فإنه يبلغ العافية، ويجد أثر ذلك في حياته، ويجد أثر ذلك أيضا في عقله وفي حياته من أولها إلى آخرها، فإن للمعاصي شؤما، ولها آثار خطيرة، وكذلك التوبة لها ثمار طيبة مباركة، فاقصد التوجه إلى الله, وأخلص الطلب بالتوفيق والتأييد، وتب إلى الله تبارك وتعالى، واعلم بأنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، وأنه ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا برحمته الواسعة، فأدخل نفسك في رحمة الرحيم الرحمن، واحرص على كل أمر يرضيه -تبارك وتعالى-.

ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونكرر شكرنا لك على التواصل مع هذا الموقع، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات