العصبية الزائدة والتوتر الداخلي المستمر... وكيفية علاجه

2 765

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الدكتور محمد عبد العليم، تحياتي الطيبة لكم.

أنا شاب أعاني من حالة نفسية عصبية انفعالية توترية، وهي أنني أكون كثيرا عصبيا جدا من داخلي وكأني قنبلة موقوتة، ولكنها غالبا تنفجر داخلي وليس على الناس الذين يثيرونني باستفزازهم، أشعر أني أدمر نفسي بعصبيتي، حتى وإن كنت على حق أحيانا لا أستطيع أن أدافع عن نفسي، ويجف فمي ولساني بشدة، وأشعر أنني سأنهار تماما، ولا أستطيع حتى الكلام!

هذه الحالة منذ سنين عندي، جربت معها أشياء كثيرة وأدوية مثل مضادات الاكتئاب كالبروزاك واللسترال ولم تنفعني، أحيانا عندما أكون عصبيا أشعر أنني أريد أن أتشاجر مع الناس لأي سبب تافه كان أم كبير، ولكنني لست عدوانيا أصلا على الإطلاق، وأحترم نفسي جدا عن أي مهاترات، وفي العمل كثيرا ما تشاجرت مع الكثير من زملائي إذا قال لي كلمة لم تعجبني مثلا، ومع رؤسائي لأسباب أحيانا تستحق، وأحيانا أخرى لا تستحق حقيقة، ولكنها العصبية والنرفزة والتوتر الزائد الذي أنا فيه لأسباب غير واضحة.

كثيرا ما قال عني زملائي أنني "تنشن أو متنشن أو بأفش مرة واحدة" وبعض أصدقائي يقولون عني أني شخص مزاجي متقلب "moody" إما رايق ومرن ومسترخي أو عصبي ومتنرفز ولا أطيق أحدا، ولا حتى نفسي، وهذا هو المزاج السائد عندي!
فأرجو من حضرتك تحليل هذه الحالة النفسية، ووصف العلاج الدوائي والسلوكي الناجح والمناسب لها من خلال خبرة سيادتكم الكبيرة، ومن خلال علاجكم لحالات أخرى مشابهة لحالتي؛ لأن علاج هذه الحالة يمكن أن يغير حياتي فعلا إلى الأفضل.

ولكم مني جزيل الشكر والعرفان وكل عام وأنتم طيبون.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الباحث حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن سرعة الإثارة والانفعال ربما تكون جزءا من البناء النفسي للإنسان، وكما تعرف أن الناس تتباين وتختلف في سجاياها وسماتها، والقلق مطلوب كمحسن للدوافع النفسية، لكن بالتأكيد إذا زاد عما يجب فهو مشكلة حقيقية.

من الواضح أن عصبيتك منشأها ربما يكون التكوين النفسي لشخصيتك، وفي ذات الوقت سرعة الإثارة تؤدي إلى احتقانات نفسية، وكما تعرف مثل ما تحتقن الأنف تحتقن النفس وأيضا، وكلاهما يمكن أن يعالج.

عليك أيها الفاضل الكريم أن تتبع الآتي:
أولا: نصيحتي الأساسية لك هي أن تضع نفسك دائما في موضع الشخص الذي غضبت أنت في وجهه، حاول وبنوع من التفكير المعرفي أن تنقل نفسك هذه النقلة.

ثانيا: درب نفسك بأي وسيلة تراها واجعل لنفسك شعارا (أريد أن أكون من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) ضع هذا أمامك، وسر على هذا الدرب.

ثالثا: أرجو أن تطبق ما ورد في السنة النبوية المطهرة حول كيفية صرف الانتباه عن الغضب وعلاجه، والغضب نار يطفأ، ويطفئ بالصبر، ويطفئ بصرف الانتباه، ويطفئ بالوضوء، فحين تأتيك مشاعر تغيرات فسيولوجية أولية والتي تظهر في شكل تحفز عضلي في الجسم، هنا غير مكانك، وغير وضعك، إن كنت جالسا فقم، وإن كنت قائما فاجلس، واتفل على شقك الأيسر ثلاثا، وهذا نوع من صرف الانتباه عظيم، وأكثر من الاستغفار وجرب أن تتوضأ مرة واحدة، وصل ركعتين.

بمعنى أنني أريدك أن تطبق هذا العلاج تطبيقا كاملا ولو لمرة واحدة، وكما ذكر لي أحد الأخوة – وذكرت هذا المثال سابقا – أنه غضوب جدا وسريع الانفعال، وحين طبق ما ورد في السنة النبوية المطهرة ولمرة واحدة فقط بعد ذلك أصبح حين تأتيه بوادر الغضب يتذكر ما أوصانا به المصطفى - صلى الله عليه وسلم – دون أن يطبقه، وهذا يجهض لديه تماما نوبة الانفعال والغضب.

رابعا: أريدك أن تمارس الرياضة، الرياضة مهذبة للنفوس، وبالفعل تطفئ نار الغضب.

خامسا: أرجو أن تطبق تمارين الاسترخاء، هذا دائما نرشد به، لأن أسسه العلمية مثبتة وقوية جدا من حيث الفائدة، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع لها.

سادسا: عليك بالتفريغ النفسي، والتفريغ النفسي هو أن يعبر الإنسان ما بداخله أولا بأول، ولا يترك الأمور البسيطة خاصة غير المرضية للتكاثر وتكثر وتؤدي إلى الاحتقان والاحتقان يؤدي إلى الانفعال والغضب.

سابعا: حاول أن تكثر تعاملك مع أشخاص لا يمكن للإنسان أن يعبر عن غضبه بانفعالية شديدة أمامهم، مثل إمام المسجد، من هو أكبر منك، من الجيران، الوالدين، وهكذا، إذن حين تبني هذا النوع من العلاقة سوف تتكون لديك صورة للتعامل الإنساني أفضل، وهذه تساعدك كثيرا.

ثامنا: أود أن أصف لك دواء بسيطا، قد تكون سمعت عنه في مصر، وهو يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال) دواء جيد جدا لمثل هذه الحالات، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عنه وتتناوله عند اللزوم، وأقصد بذلك: حين تحس أنك قلق أو انفعالاتك زائدة تناوله بجرعة حبة واحدة لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام، ثم توقف عنه، والجميل جدا في الموتيفال أنه دواء لا يتطلب أن نلتزم بالنمط العلاجي المعروف وهو أن تبدأ بجرعة تمهيدية ثم جرعة علاج ثم جرعة توقف، هذا شيء جيد وممتاز جدا في الموتيفال، أضف إلى ذلك أن قيمته المادية بسيطة جدا.

ونرجو الاطلاع على هذه الاستشارات حول علاج العصبية والغضب سلوكيا: 276143 - 268830 - 226699 - 268701.

أسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، ولا تنسى الدعاء في هذه الأيام الطيبة، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات