نظرية دارون... وكيف أدفع الشبهات والوساوس عن نفسي؟

0 456

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أود أن أشكركم على المجهود الرائع الذي تبذلونه في هذا الموقع، وأدعو الله أن يسدد خطاكم دائما.

في الحقيقة لا أدري من أين أبدأ، فمشكلتي متعددة الجوانب، فأنا فتاة في السابعة عشر من عمري، ملتزمة - والحمد لله - ولكني في الحقيقة منذ أن التزمت لم يبق وسواس إلا وعانيت منه، ومنذ فترة بدأت أعاني من كثير من الشبهات والوساوس بعد أن قرأت موضوعا عن نظرية التطور المعروفة بنظرية دارون، فعرفت عنها الكثير، وعرفت أنها أصبحت حقيقة علمية تدرس في الجامعات والمدارس، حيث أثبت العلماء بالأدلة الدامغة صحتها، فقد تم اكتشاف الكثير من أحافير الكائنات الانتقالية، كما في وادي الحيتان الذي اكتشف بمصر، سنة 2005، وبين أن الحيتان كانت ذات يدين، وتعيش على اليابسة، ثم تطورت لتصبح كائنات بحرية.

سؤالي الآن: ما هو موقف الإسلام من هذه النظرية؟
علما أن كثير من العلماء قالوا: إن هذه النظرية لا تعارض الإسلام أبدا، وذكروا بعض الأدلة على ذلك.

فأرجوكم ساعدوني، لا أدري ماذا أفعل؟ فأنا لا أكاد أخرج من وسواس حتى أدخل في آخر، ولا أكاد أدفع عن نفسي شبهة حتى تأتيني أخرى، صدقوني لقد كرهت نفسي، وأنا على هذه الحال منذ سنتين!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونحن سعداء جدا عندما يتواصلن بناتنا الفضليات معنا في مثل هذه الأعمار مع هذا الموقع، ونهنئك على الالتزام، ونبين لك أن الشيطان أصلا لا يأتي إلا للملتزمين والملتزمات، لأن الشيطان قال: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم}، فلا تشتغلي بهذه الوساوس، وتعوذي بالله تبارك وتعالى من الشيطان، وأشغلي نفسك بالمفيد، وبتلاوة كتاب ربنا المجيد، واسأليه الثبات، فإن بيده مقاليد الأمور وحده سبحانه وتعالى.

أما بالنسبة للنظرية المذكورة: إذا كان دارون وأمثاله يصدقون بأن أصلهم كانوا قرودا فنحن لا نصدق ولا نؤمن أن أصلنا كذلك، ونريد أن نقول: إذا كان كذلك فلماذا لم تتطور بقية القرود الآن لتصبح من بقية البشر والإنسانية؟

يعني إذا كان القرد قد تطور إلى إنسان، فلماذا لا تتطور بقية القرود الموجودة إلى الآن، وإلى أن يرث الله ومن عليها؟ لماذا تظل قرودا الآن؟

لكن لو قلنا أن الإنسان نفسه في حجمه وطوله فهذا صحيح، فآدم عليه السلام كان ضخما، وطوله ستون ذراعا، ونوح عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وبعد ذلك بدأ الإنسان يقل في حجمه، ويقل عمره، فنحن أقل الأمم أعمارا، وأصغر الأمم أحجاما، وهذه أمور متفق عليها.

ولكن الله تبارك وتعالى خلق الكائنات كائنات، وتتطور في نفسها من صغر إلى كبر في حجمها وطولها، وفي أشكالها، حتى الخراف الآن في كل بلد، البلاد الباردة لها شكل معين، والصوف يزداد عندها، وبلاد أخرى خلاف ذلك، فأشكالها تختلف حسب البيئة، لها تأثيرات كبيرة جدا أيضا على الإنسان، والله تبارك وتعالى هو الذي خلق هذه الكائنات كلها، فهو خالق الكائنات، وخالق هذا الإنسان، وقد قال سبحانه وتعالى: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يشمي على رجلين ومنهم من يشمي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير} سبحانه وتعالى.

وهؤلاء يريدون أن يصلوا إلى أن الكائنات تطورت، حتى يقولوا: أنها خلقت نفسها، ونحن نؤمن بأن الله خالق، وأن الله خلق كل شيء، وخلق الإنسان في أحسن تقويم، ما قال خلقته قردا ثم تطور فأصبح هذا الإنسان الذي يمشي على رجلين، يتكلم، ويفهم، ويدير هذا الكون، والقرود وغيرها من الحيوانات غير مؤهلة للقيام بهذه الأدوار، وقد قال الله تعالى: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}، وقال: {وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين}، ما قال قردا، قال: {بشرا}، وقال: {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا}، ما قال قردا، إنما قال: {الإنسان}.

وهذه النظرية الذين قالوا إنها لا تعارض الإسلام، لا أدري لماذا قالوا هذا الكلام، بينما هي تعارض ثوابتنا، فالله يقول: {خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}، والله خلق آدم، ونفخ فيه من روحه سبحانه وتعالى، وسفينة نوح معروفة كان فيها هذه الكائنات، وفيها هذه الحشرات، وهذه الحيوانات، قال تعالى: {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك}.

فإذن هذه الأمور ينبغي ألا تشغلي نفسك بها طويلا، وطبعا هي لم تصبح حقيقة، فلا تزال نظرية، وإذا أصبحت حقيقة علمية فسيكون هناك شأن آخر، ولكن هذا من المستحيل، لأنها تخالف ما فطر الله تعالى عليه الخلق، ولأنها طالما قابلة للأخذ والرد، وهنالك من يرفضها، فمعنى ذلك أنها لا زالت نظرية ضالة، ولم تصبح حقيقة علمية، فأي شيء يتحول إلى حقيقة علمية لا يمكن للصحيح المنقول أن يعارض الصحيح المعقول، ولكن طالما وجد من يخالف، ووجد من يناكف، ووجد من يرفض هذه النظرية – وهم الأغلبية، وهم الذين على الصواب، حتى في الغربيين الذين عادوا إلى صوابهم – يرفضون هذه النظرية، التي يصر عليها بعض الناس على أن تدرس، وعلى أن تعرض بهذه الطريقة.

فلا تشغلي نفسك بمثل هذه الوساوس، ودائما فالأمور العلمية أيضا نحن - ولله الحمد - منهجنا واضح،{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}، فأي إنسان يدعي ادعاء يجب أن نسأله ما البرهان الذي لا مآخذ عليه، فإذا توصلنا للحقيقة، فنحن أولى الناس بالحقيقة، وأولى الناس بكل حكمة نأخذها من أفواه كل أحد حتى من يعادينا، إذا قال الصواب فنحن معه، ولكن إلى الآن حتى أهل النظرية المدافعين عنها لا يملكون ردا لكثير من الشبهات الواردة تجاه هذه النظرية، والإسلام دين يريد حقائق علمية ثابتة، دين بحث، وبرهان، ووصولا إلى الحقائق، ليس دين إغماض نظر وسير خلف أي نظرية مهما كانت هذه النظرية التي وضعها البشر، أو وصلوا إليها، لأنها طالما هي نظرية ففيها أخذ ورد وتتغير، وسيأتي من ينقضها، وسيأتي يثبت فشلها، ولكن عندما تتحول إلى حقيقة علمية، فنحن أولى الناس بها.

لست أدري ما هي بقية الوساوس، ولكن نريد منك إذا جاءتك مثل هذه الوساوس أن تقولي: (الله أعلم)، وتعوذي بالله من الشيطان، وتقطعي هذه الخواطر، ولا تلتفتي إليها، وأن تشغلي نفسك بالمفيد، وألا تقفي طويلا عند هذه الوساوس التي يريد الشيطان بها أن يشوش عليك، ونحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة، كون الشيطان لم يستطع أن ينال من فتاة ملتزمة إلا أن يشوش عليها، ويوسوس لها، وهذا في حد ذاته انتصار ونعمة أرجو أن تشكري الله تبارك وتعالى عليها، وسوف نكون سعداء بتواصلك مع الموقع، وحبذا لو عرضت الشبه والوساوس التي جاءتك تفصيلا، حتى تكون الرؤيا بالنسبة لنا واضحة في نوعية الوساوس التي تأتيك، هل هي وساوس فقط علمية أم أمور متعلقة بالحياة أم أنها أمور تتعلق بالعبادات؟

أرجو أن يصلنا تفصيل، ونحن سعداء بتواصلك مع الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات