وساوس الموت تلاحقني وتكاد تدمر عقلي.. فمدوا لي يد العون

0 402

السؤال

السلام عليكم

في كثير من الأوقات كنت أريد أن أضع استشارتي منذ أكثر منذ شهر -والحمد لله- أني استطعت.

لن أطيل عليكم، لقد استفدت حق الاستفادة من سعادتكم ومن إجابتكم الرائعة.

منذ سنة ونصف توفي عمي، ومن ثم جدة صديق لي، ومن ثم شاب في نفس سني، ولقد حضرت دفنهم ما عدا الشاب، وكنت أحضر جميع المراسم والمأتم والصلاة على الميت، خلال هذه الفترة كانت وساوس الموت تلاحقني بشكل غريب جدا.

أصبحت أخاف من كل شيء، ولا يأتيني النوم، فأضطر إلى السهر إلى الصباح ليغلبني النوم، وأنظر خلفي دائما، وأنا سائر في الشوارع، وأنا في البيت أيضا.

وسواس الموت دمر عقلي، ولكني استقريت وانتظمت في صلاتي، وأخذت عهدا على نفسي أن لن أفوت صلاة بعد اليوم، -والحمد لله- مازلت أصلي، وسأظل، ولن أفوت ركعة لله، وأعلم أن هذه الوساوس مجرد ابتلاء من الله حتى يذكرني بصلاتي ويرجعني إليها، ومع أني مستمر في الصلاة -والحمد لله- لكن هذه الوساوس
مازالت موجودة، قرأت كتابا عن الرقية الشرعية وعن المس ...... إلخ.

شكيت في أمر المس، وعشت على أني ممسوس، أصبحت أرقي نفسي كثيرا، وأرى أشياء مفزعة في المنام، وأستيقظ باكيا على نفسي، وعلى حالي المكتئب، حتى أني بكيت في صلاتي؛ لأني تعبت من هذه الوساوس راجيا من الله عز وجل أن يخلصني منها .... -والحمد لله- تقل وتزيد، ولكن عندما أفكر بها مرة أخرى تزيد في عقلي، تأتيني هذه الحالة من الهرع عندما أكون جالسا وحدي، أو مع أصدقائي على (الكافتيريا) أو ما شابه، وكذلك وأنا على سفر.

لن أستطع أن أشاهد أفلاما قتالية، أو ما شابه ... عندما أمر من أمام مقابر مثلا أقرأ القرآن لهم، وأمشي سريعا ... وإن استطعت ألا أنظر لها فعلت، أرجو إرشادي، فلقد تعبت وزادت همومي، علما أني مقبل على الزواج.

أشكركم ... وأقسم أني بكيت الآن لأني سعدت بالكتابة، وأعلم أنكم ستفيدوني حتى تزول هذه الوساوس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ midos ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأولا نود أن نهنئك على التزامك بالصلاة، فهذا أمر عظيم يجب الحرص عليه، فالصلاة عماد الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهو رأس الأمر وعموده، وإن شاء الله تعالى تكون لك فاتحة خير في الدنيا والآخرة.

هناك ما يعرف بالروابط أو المثيرات النفسية، وهذه يقصد بها أن الإنسان حين يعرض نفسه لموقف معين قد يكون لذلك إفرازات نفسية كانت لديه في الأصل، لكنها مكبوتة، وحين أتت هذه الفرصة المواتية ظهرت الأعراض.

فأنت حين تحضر الجنائز لا شك أن هذا مثير قوي جدا ليذكرك بالموت، وهذه تذكرة طيبة {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}، {إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} وبعد ذلك بدأت لديك بالفعل عملية الوساوس والمخاوف حول الموت.

إذن هنالك مثير، وهنالك رد فعل ونسميه بـ (رد الفعل الشرطي) فما حدث لك هو أمر طبيعي جدا، أمر كما ذكرت هو ابتلاء بسيط - إن شاء الله تعالى – وفيه تذكرة وعبرة عظيمة لك، هذا من حيث تفسير ما حدث لك.

أما العلاج: فلا تتخوف من الموت فهو خوف مرضي، الموت مخيف لكل إنسان، وكل إنسان يجب أن يتذكره، ومن يغفل عن ذلك فهو مخطئ خطئا جسيما، والنبي - صلى الله عليه وسلم – أمرنا بأن نزور القبور، لماذا؟ (لأنها تذكر بالآخرة) لكن ديننا الحنيف أوضح لنا كل ما يتعلق بأمر الحياة وأمر الموت، وأول ما يطمئن الإنسان حول الموت هو أن يعمل لآخرته، وهذا لا يعني أبدا ألا يعيش الإنسان حياة طيبة في الدنيا، بل على العكس تماما، الحلال أكثر من الحرام، {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة}، وألا ينسى الإنسان نصيبه من الدنيا، مع بذل الجهد في عمل الآخرة، هذا أولا.

ثانيا: أن يدعو الإنسان لنفسه بالتوفيق والسداد، وأن يدعو بكمال الصحة وأن يحفظه الله تعالى، وأن يوفقه لعمل الخير، هذا يصرف عنك الخوف المرضي من الموت أو غيره.

ثالث: تذكر أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم – حين خير بين الحياة والموت آثر الرفيق الأعلى، فلا تنظر للموت نظرة سلبية مرضية، وأنت - إن شاء الله تعالى – بخير.

رابعا: يجب أن تجعل حياتك مفعمة مليئة بالنشاطات، متفائلة، اصرف انتباهك عن التفكير المرضي، وذلك من خلال الجد والعمل واكتساب المعرفة، وزيارة الأرحام، وبر الوالدين، أن تضع نصب عينيك مشاريع وأهداف في هذه الحياة، وتضع الآليات التي توصلك إلى ذلك.

أنا سعيد جدا لأنك مقبل على الزواج، ولا أرى ما يمنعك من ذلك أبدا.

الرقية الشرعية مطلوبة، وإن كان الأمر له علاقة بالعين أو السحر أو المس أو غير ذلك فتذكر أن الله خير حافظا، وعليك بالالتزام التام بأذكار الصباح والمساء.

أنا أرى أيضا أنك سوف ترتاح كثيرا بعد تناولك لأحد الأدوية البسيطة التي يعرف أنها ذات فاعلية كبيرة في علاج مثل حالتك، وفي ذات الوقت - إن شاء الله تعالى – الدواء سليم جدا وغير إدماني، الدواء يعرف تجاريا باسم (فافرين) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين) أرجو أن تتحصل عليه، فهو لا يحتاج لوصفة طبية، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها مائة مليجرام ليلا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم اجعلها خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا من الأدوية الجيدة الممتازة والسليمة جدا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول علاج الخوف من الموت سلوكيا: 261797 - 272262 - 263284 - 278081

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات