لا أدري إن كان حبي لصديقتي نفاق أم غيرة... أرشدوني!

0 448

السؤال

السلام عليكم
سؤال أظنه غريب من نوعه!
باختصار: أنا لدي صديقة لن أقول مقربة، بل هي توأم روحي، أحبها كثيرا، فقد التقينا في جلسات لحفظ كتاب الله، والآن نحضر دورس العلم سويا، وعاهدنا أنفسنا أن نجتهد في العبادة حتى نفوز بظل الله، ولكن ما يقلقني أنه كلما تقدم شخص لخطبتها أشعر بشيء غريب وكأنها غيرة أو خوف من أن أفقد صديقتي الوحيدة، وأنا والله أحبها، وأدعو لها بالزوج الصالح قدر ما أدعو لنفسي بالنجاح في دراستي؛ فأنا في السنة النهائية من الطب، مع العلم أني كلما تقدم إلي رجل مناسب عرفتها عليه؛ لأني غير مستعدة للزواج، وقد صارحتها بهذا، وقالت لي أن ما أشعر به هو شيء طبيعي؛ لأن علاقتنا قوية.

أريد أن أعرف تفسير ما أشعر به، هل أنا أنافق بحبي لها بهذا الشعور؟
أرجوكم أنا حائرة أرشدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ layla حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الجميل وهذه المشاعر النبيلة، وهنيئا لك ولها بهذه الصداقة التي قامت على كتاب الله وعلى التعاون على البر والتقوى، وهكذا ينبغي أن تكون الصداقة، فإن كل صداقة لا تقوم على الدين والتقوى تنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}، والمتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة.

نسأل الله أن يجمعكم بهذا الحب وبهذا التآخي تحت ظل عرشه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وقد صدقت وأحسنت عندما قالت لك: (هذه مشاعر طبيعية) والدليل على أنك ولله الحمد ناصحة أنه عندما يأتيك خاطب تعرفيه عليها، وتتمنين لها الخير، وتتمنين لها كل توفيق في حياتها، والمشاعر والانقباض الحاصل أمر طبيعي، فالإنسان يخاف أن يفقد مثل هذه الصديقة، أو أن تتغير الأمور، والأمور فعلا تتغير؛ لأن المرأة إذا تزوجت أصبحت في وضع آخر، من أن الرجل يدخل في حياتها، والشرع يطالبها أن تجعل الزوج هو رقم واحد، فأولى الناس بالمرأة زوجها، كما أن المتزوجات لهن هموم مختلفة قد لا تتاح لهن ما كان يتاح قبل الزواج، ولذلك أيضا من المهم أن نتهيأ لمثل هذه المرحلة، سواء بالنسبة لك أو بالنسبة لها، ولكن استمرار المشاعر النبيلة والدعاء والحرص على الخير والاستمرار في الطاعة، هذا كله يبشر بخير.

ونحن سعداء حقيقة بهذه المشاعر التي بينك وبينها، وبهذا التفاهم، ونعتقد أن ما يحصل أمر طبيعي، وطبعا الغيرة أيضا موجودة والتنافس موجود بين الصديقات، ولكن إذا كانت المشاعر إيجابية، إذا لم تتحول المشاعر إلى حقد، أو تمني زوال نعمة، أو تمني موت الصديقة، أو تمني أن تفقد هذا الخير، لكن أنت بالعكس ولله الحمد كلما جاءك خير وددت لو أنك قدمته لها، وبالفعل تحولي لها ما يأتيك من خير، ونسأل الله تعالى أن يديم بينكما هذه المشاعر النبيلة، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

فلا تنزعجي مما يحصل، وتابعي هذه المشاعر حتى لا تتحول إلى سلبية، وأظهري الفرح لكل توفيق تناله، لكل زوج يطرق بابها، وسلي الله لها دائما التوفيق والنجاح في حياتها، وننصحك دائما بأن تكون لك دائرة أوسع من الصديقات، فإذا كانت العبرة بالصلاح فالصالحات ليست واحدة، حتى لا يتأثر الإنسان عندما يفقد الصديقة الواحدة بالنسبة لك.

وكذلك ننصحها أيضا بأن توسع الدائرة، فالمؤمنة تحب أخواتها وتنتقي منهن لا أقول صديقة واحدة وإنما صديقات، حتى يكون لها بدائل، وحتى تستطيع أن تتواصل، لأن الإسلام يريد لدائرة الأخوة والصداقة أن تتسع، والصداقة الصادقة هي ما كانت في الله ولله وبالله وعلى مراد الله تبارك وتعالى، وأحسب أن العلاقة المذكورة مما ترضي الله تبارك وتعالى، فاجتهدوا في ترميمها، وتقيدوا في هذه العلاقة بما يرضي الله تبارك وتعالى، واجعلوا التعاون على البر والتقوى، ولتحب إحداكن لأختها ما تحب لنفسها، ومثل هذه المشاعر عندما تأتي ينبغي أن تقف عندنا طويلا، بل هي خاطرة ندفعها ونحولها إلى مظهر إيجابي، ونجتهد في الدعاء بالخير لمن نزلت عليه نعمة من نعم الله تبارك وتعالى، ولا مانع أن نسأل الله من فضله، ونقول: (يا من أعطيت فلانة زوجا أعطني شهادة، يا من أعطيت فلانة مالا أعطني ولدا) كما فعل نبي الله زكريا {هنالك دعا زكريا ربه} قال: (ربي، يا من تعطي مريم بلا حساب، يا من أعطيت هذه المسكينة، {هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} ) وهذه هي الغبطة، وهي تمني مثيل النعمة، والمؤمن إذا وجد نعمة تنزل على أخ أو أخت له يشكر الله عليها، يظهر الفرح بها، ثم يسأل الله من فضله، يرفع حاجته إلى الله، سواء كانت شبيهة أو حاجة مختلفة، يرفعها إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، إلى من يقضي الحاجات سبحانه وتعالى.

نسأل الله لكم التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يكتب السلامة للوالدة، وأن يسعدك ببرها، وأن يعينك على إكمال الدراسة، وأن ينفع بك البلاد والعباد، وأن يهيأ للصديقة – ولك أيضا – الزوج الصالح، ونكرر شكرنا لك تواصلك مع الموقع، وسنكون سعداء إذا استمر التواصل أو عرضت مزيدا من التفاصيل، ونسأل الله التوفيق للجميع.

مواد ذات صلة

الاستشارات