أخي إذا أراد شيئا يسألني بالله أن أعطيه.. كيف أتعامل معه؟

0 420

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين، ونفع بنا وبكم، ورزقنا وإياكم حسن الخاتمة، وكل عام وأنتم إلى الله أقرب، وعلى طاعته أدوم.

أتمنى لكم دوام الصحة والتوفيق، استشارتي عبارة عن نقطتين: لدي أخ يصغرني بأربع سنوات تقريبا.

1- دائما إذا أراد مني شيئا يقول بالله عليك؛ لأنه يعلم أني بفضل الله لن أرده؛ لأن هذا من تحقيق التوحيد المستحب، لكنه يستخدمها لصالحه.

المشكلة أنني لو رفضت طلبه، وقلت له هذا من تحقيق التوحيد المستحب؛ لأنك لم تطلب ما لك فيه حق، أخشى أن يستهين بها بعد ذلك، فإذا سأله أحد بالله، لا يعطيه.. هو يفهم هكذا.

لا أدري ماذا أفعل معه؟ أرشدوني جزيتم الجنة.

2- دائما يحرص على إرضاء أختي التي تكبره بـ6 سنوات تقريبا؛ لأنه يعلم أنها تحضر له الألعاب، وهذه الأشياء، بالإضافة إلى أنها إذا فعل أدنى شيء -لا يليق- معها فنادرا ما تسامحه في وقتها، بل لا تعطيه أدنى اهتمام، لكن أنا لست كذلك، إذ أنني أشعر بالشفقة، ويأتيني في نفسي من يقول سامحي، إنه أخوك الأصغر ..و..و.. وأجد نفسي قد ضاقت؛ لأني أسأت خلقي عليه، مع أنه ربما أكون أنا على صواب 100% وهو المخطئ 100% ، ومع ذلك أجد ضيقا في نفسي؛ لأني مازلت سيئة الخلق.

لا أدري لماذا عندما أتحدث إليه مدة طويلة أشعر بالضيق؟ لأنه ربما يضطرني إلى قول كلام يحوي معنيين مثل كلمة (راعنا ) التي نهانا الله عز وجل عن قولها، ومن ناحية أخرى .....لا أجد وقتا لأحمل له لعبة مثلا أو شيئا ممتعا الحاسوب في غالب الوقت لا يستجيب بالإضافة إلى أنني نادرا ما أجد له شيئا، أنا لا أدري هل العيب في أنا، أم فيه أم ماذا؟

أرشدوني جزيتم الجنة، أعتذر عن الإطالة، جزاكم ربي خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابنة عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجعلك من الداعيات إليه على بصيرة، وأن يزيدك توفيقا وسدادا وصلاحا واستقامة، وأن يجعلك سببا في هداية أهل هذه البلاد وإخراجهم من الظلمات إلى النور، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة (ابنة عائشة رضي الله عنها) – فإنه مما لا شك فيه أن أسلوبك أسلوب رائع، وحقيقة أنا سعيد بمثل هذا التميز القيمي والأخلاقي والعقدي، خاصة وأنك في بلاد المهجر، بعيدة عن مهد الإسلام الأصلي، إلا أن الله تبارك وتعالى من عليك ببيئة طيبة وأسرة فاضلة وظروف مناسبة، استطعت من خلالها أن تتميزي في عقيدتك، وأن تتعرفي على بعض المسائل الدقيقة في علم التوحيد، خاصة العبارات التي قد لا ينتبه لها السواد الأعظم من المسلمين ككلمة (راعنا) أو غيرها من الكلمات المهجورة التي نهانا عنها الله تبارك وتعالى وحذرنا منها.

وفيما يتعلق بقضية أخيك الأصغر منك، فإنه مما لا شك فيه أنه ما زال حدثا صغيرا، فهو الآن في الحادية عشر من عمره، وما زال طفلا، فهو الآن يخرج من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة الرجولة المتقدمة - أو ما يعرف في بلاد الغرب بمرحلة المراهقة – وهو في هذه المرحلة يحاول أن يحقق لنفسه – كما ذكرت – ما يريده، ولذلك يستغل فرصة حرصك على عدم مخالفة رغبته، خاصة عندما يستحلفك بالله تعالى فيقول لك (بالله عليك) أو كذا أو كذا، وأنت تستحين فعلا ألا تعطينه حتى لا يتجرأ على هذه الكلمة وحتى لا تفقد معناها في حياته.

أنا أقول: رغم أن وجهة نظرك وجهة نظر جيدة إلا أنها في الواقع ليست متزنة؛ لأنها تغلب جانبا، وتنفي جوانب أخرى من المهم أن يتعلمها كل إنسان في الحياة، فإن الله تبارك وتعالى خلق الظلمات والنور، وخلق الشمس والقمر، وخلق الليل والنهار، وخلق الذكر والأنثى حتى نستطيع أن نتميز الفوارق بين الأشياء، فالخير والشر معلوم لله تبارك وتعالى، ولذلك استعمل القرآن الكريم أسلوب الترغيب والترهيب، لماذا؟ لأن الترغيب في بعض المواطن يكون له دوره (حقيقة) في تقويم سلوك الإنسان وإعانته على الطاعة، والترغيب يكون كذلك، ولقد استعمل القرآن الأسلوبين في التعامل مع الناس، سواء كانوا من الصالحين أو من غيرهم.

ولذلك علينا أن نبين له بدلا من الاستجابة الدائمة لمجرد أنه يقسم بالله تعالى فتعطينه ما يريد، بيني له أن هناك أشياء ينبغي ألا نحلف بالله تبارك وتعالى فيها، لأن كلمة (بالله عليك) كأنه يقول (أقسم بالله عليك)، وليس كل شيء يستحق القسم، فبدلا من أن تستجيبي له حتى لا تفقد هذه الكلمة عنده، أرى بأن تقولي (لا تحلف بالله تعالى أصلا)، وحاولي معه أن يتوقف عن هذا الأسلوب، لأن هذا الأسلوب فيه نوع من الابتزاز الشرعي، ويضعك في حرج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أوصانا بقوله: (من سألكم بالله فأجيبوه) فمعنى ذلك أنه كلما قال (بالله عليك) عليك فعلا أن تجيبيه التزاما بهدي النبي - عليه الصلاة والسلام – وهذا في الواقع على هذا الإطلاق ليس صحيحا، ولذلك بدلا من ألا نعطيه ما يريد فعلينا أن نمنعه من الحلف أصلا، وأن نقول له (إن الله أعز وأجل من أن تقسم به على هذه الأشياء البسيطة التافهة؛ لأن في هذا نوع من التهاون بالحلف بالله تعالى).

ولذلك كان كثير من السلف لا يحلف بالله لا صادقا ولا كاذبا، فكان لا يحلف بالله مطلقا، حتى وإن كان صاحب حق يضيع ولا يقسم بالله تعالى، حتى لا يعرض لفظ الجلالة للامتهان بطريقة لا تراعي تعظيم الملك سبحانه وتعالى، امتثالا لقوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا}

ولذلك عليك بارك الله فيك – ابنتي الفاضلة – أولا أن تمنعي أخاك من الحلف مطلقا، وحاولي معه في تغيير هذا الأسلوب الذي نشأ عليه، وقولي له (إن هذه الأمور لا ينبغي الحلف بها أبدا، وأنك لو أقسمت بالله بعد ذلك لن أعطيك شيئا) وفعلا كلما قال (بالله عليك) قولي له (لن أعطيك شيئا، لأننا اتفقنا على ألا نقسم بالله إلا عند الحاجة، وهذه ليست حاجة، وإنما أنت تطلب مني، فإن كانت ظروفي تسمح أعطيتك، وإن كانت لا تسمح ما أعطيتك، وهكذا تمضي الأمور، أما أن تحلف على كل شيء بهذه الطريقة، ففي هذه الحالة لن أعطيك ما تريد).

بيني له بهذه الطريقة بأن هذا الأمر لا ينبغي، ولا يليق ولا يجوز، وبذلك تخرجي نفسك من هذا المنعطف الصعب، ومن هذا الإلزام، وكونك تحاولين معه إرضائه وتحرصين على إسعاده وإدخال السرور عليه هذا شيء طيب، ولكن أيضا أرجع فأقول: استعمل الله الترغيب والترهيب؛ لأن كل شيء في موضعه مناسب، وكونه يغضب إذا لم تلب طلباته: ينبغي أن يعلم أن هناك لحظات نقول فيها نعم، وهناك لحظات ينبغي أن نقول فيها لا؛ لأن هذه تربية، وأنت الآن تساهمين في تربية أخيك مع الأسرة، فينبغي عليك أن تعينيه على أن يفرق ما بين الخطأ والصواب، وأن تبيني له أن الحلف بالله تعالى لا ينبغي أن يكون بهذه السهولة؛ لأن هذا فيه امتهان، ويتنافى مع تعظيم الله تعالى، وقد يضطر الطرف الآخر إلى ألا يستجيب لك، فبهذه الطريقة تكون قد أوقعته في حرج، قولي له (لا تحلف مطلقا) وحاولي معه، واجعلي الرحمة في مكانها، واجعلي الشدة في مكانها، حتى يفرق أخيك ما بين الصواب والخطأ.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا وإياك في الدين، وأن يجعلنا هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات