أهل خطيبتي السابقة وزوجها يتهمونني بالباطل، فكيف أتصرف معهم؟

0 483

السؤال

السلام عليكم

كانت لي خطيبة فيما مضى، ولم يشإ الله أن يتم الزواج، فأصبحوا يتحدثون عني بالكذب، ويدعون علي ما لم يحدث عند زوجها الذي كان صديقي، فأصبح يتحدث هو الآخر بالكذب، وأنا لا أرد!

هل لي أن أدافع عن نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد عنك كيد الكائدين، وظلم الظالمين، واعتداء المعتدين. كما نسأله تبارك وتعالى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتولاك بعنايته ورعايته، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن الإنسان يؤلمه غاية الألم أن يقول الناس عنه كلاما هو لم يقله، أو يتهموه بفعل أشياء وهو لم يفعلها، خاصة إذا كان هؤلاء من أقرب الناس إليه، ويعرفون عنه معظم الأشياء، ويعلمون أنه ليس كذلك، وأنه مبرأ من هذه الأمور التي نسبوها إليه أو افتروها عليه أمر حقيقة يكون فعلا في غاية الألم، وأنا معك في ذلك، فإن الذي ينبغي عليه أن يكون حافظا للود والعهد، ولما كان من المودة والرحمة إذ به هو الذي يشيع الإشاعات ويفتري الكذب.

وهذا أمر يكون في غاية المرارة على النفس، لأن الأصل فيه أن الناس إذا ما حدث بينهم نوع من التقارب الشرعي ينبغي عليهم لو قدر الله وافترقوا أن يحافظوا على أسرار بعضهم بعضا، لأن هذا التقارب عندما كان قائما هو الذي أدى إلى إخراج مكنونات النفس، وإلى أن يجعل الإنسان يثق بالطرف الآخر، ويظهر له مكنون نفسه وما فيها، أما أن يأتي هذا الطرف الآخر ليتحدث حديثا يشوه صورة الشخص الذي كان في يوم من الأيام من أقرب الناس إليه، فهذا أمر يؤلم النفس غاية الإيلام، ويزعج الإنسان غاية الإزعاج، ولكن ماذا يصنع الإنسان؟

أنت الآن بارك الله فيك – أخي سامح – أمام واحد من اثنين:

الأمر الأول: إذا كنت متأكدا أنك صادق، وأنك لم تفعل هذه الأشياء، وأن الذي يقال عنك إنما هو محض كذب وافتراء، ولديك الأدلة والبراهين على ذلك، وأنك في هذه الحالة أيضا لن تضطر إلى تجريح طرف آخر، وإنما فقط سوف تنفي عن نفسك هذه التهم بالكذب أو غير ذلك، وسوف ترد ذلك بالأدلة والبراهين، فأرى أن ذلك جائز شرعا، {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} كما قال الله تبارك وتعالى.

فإذا كنت واثقا من نفسك وأنك لم تفعل هذه الأشياء فعليك بارك الله فيك ان تتولى الرد عن نفسك بشرطين كما ذكرت: الأول ألا تجرح الطرف الثاني بحال من الأحوال، والثاني: أن تذكر الحقائق والواقع مجردة، وألا تحاول أن تلمز أو تغمز بأحد من الناس.

هذه هي القضية الأولى، وهي الخيار الأول، وهو جواز أن ترد عن نفسك، ومتى يجوز لك أن ترد.

أما إذا كان الأمر قد حدث ولكن الطرف الآخر فهم الكلام فهما خاطئا، وكان الكلام يحتمل التأويل، فأنا أنصح في مثل هذه الحالة بارك الله فيك ألا تتولى الرد عن نفسك، وإنما تترك الأمر لله سبحانه وتعالى، وثق وتأكد من أن الناس مع الأيام سوف ينسون، وأعتقد أننا نعيش جميعا حالات مشابهة لهذا، ولا نرى في ذلك غضاضة أو بأسا أو منكرا.

فإذن أقول لك: إذا كنت واثقا من صدق نفسك وأنك لم تقل هذا الكلام يقينا، وأن هذا محض افتراء وكذب عليك، وأردت أن تدافع عن نفسك، فعليك بذلك كما ذكرت، بشرط واحد: ألا تجرح الطرف الآخر، وألا تسيء حتى وإن أساءوا إليك، فعليك أن تلتزم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها) بل كما قال الله تعالى: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}.

أما إذا كان – كما ذكرت – الكلام قد حدث، ولكن قد فهم بطريقة خاطئة فما عليك إلا أن تقوم ببيان هذا الأمر في حدوده أيضا، أو أن تسكت، إذا كان الكلام قد حدث، ولكنه قد فهم بطريقة خاطئة فأنت بالخيار، إما أن تسكت وتدع الأمر لله تعالى، وسوف ينسى الناس هذا الكلام مع الزمن، وإما أيضا أن تصحح المفاهيم المغلوطة التي قد وقع فيها الطرف الآخر، وتبين لهم أن ما فهموه ليس صحيحا، وليس صوابا، وإنما الصواب والحق هو كذا.

إذن يجوز لك أن تدافع عن نفسك إذا كنت واثقا من نفسك ثقة أكيدة وموثقة، بشرط ألا تجرح الطرف الآخر، وإنما تذكر الحقائق فقط مجردة من أي اتهام لأحد، إن استطعت ذلك فلا مانع من أن تدافع عن نفسك كما ذكرت، وإلا فأنت – كما ذكرت – إذا كان الكلام قد قلته، ولكنهم أولوه بطريقة خاطئة، فعليك أن توضح مكنونات الكلام للناس الذين فهموا هذا الكلام، ولست مطالب أن تبين هذا الكلام للناس جميعا، وإنما للذين يهمهم هذا الكلام، أن تبين لهم الحقيقة حتى يقفوا على الحقيقة ولا يتهمونك زورا أو بهتانا بأنك قلت ذلك وأنت لم تقله.

وفي جميع الأحوال فقد قال الله تعالى: {فمن عفى وأصلح فأجره على الله} وقال: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس}، وقال تبارك وتعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} وقال أيضا: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات