أحببت شابا، فهل أدعو الله أن يرزقني إياه كزوج أم أحاول نسيانه؟

0 471

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة عمري 17 سنة، أحببت شابا يكبرني بـ 3 سنوات، وهو لا يعلم بذلك، فقد بدأ ذلك منذ سنة ونصف، عندما كنت أراه مع صديقتي، فهو من عائلتها, وكنا نتبادل الحديث دائما، وكنت أكتشف يوما بعد يوم بأنه شخص مميز، وذو أخلاق عالية، ومتفوق في دراسته، وبه مجموعة من المميزات التي تعجبني, وكل هذا يفسر إعجابي وحبي له، مع أنني لا أعلم متى حصل ذلك.

في بعض الأوقات ألوم نفسي على ذلك، وأحاول نسيانه، ولكن دون جدوى، وفي أوقات أخرى أظن أنني استطعت نسيانه، ولكنني بمجرد أن أتكلم معه أو ألتقي به مع صديقتي، أكتشف أنني لم أنسه بعد.

صديقتي هذه مقربة مني جدا، ولا زلت لا أعرف من أين أتتني الجرأة, ولكنني صارحتها بالأمر، وأخبرتني هي أيضا بحبها السري لزميلها في الدراسة، وأثناء حديثنا عن هذا الموضوع، وجدنا مجموعة من النقاط المشتركة بيننا كمحاولة لنسيانها، وحبنا السري الذي لم نختره بإرادتنا، وغيرها من الأمور التي دائما ما كنا نتفق على محاولة نسيانها، والشيء الذي جعلني ألتجئ إليها عندما أكون في حاجة للكلام.

فمرة سألتني صديقتي هذه: إن كنت أستطيع مصارحته بمشاعري تجاهه؟ ولكنني لم أستطع ذلك، وأظن أنه مناف للأخلاق، مع أنها حاولت إقناعي، مستعينة بأن خديجة - رضي الله عنها – أرسلت رسولا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتصارحه بمحبتها له، ولكنني لم أقتنع، لأنه حسب معلوماتي، أنها صارحته في إطار أن يتزوجا إن كان يبادلها المحبة، غير أنني لم أبلغ هذا السن، ولا أفكر في الزواج حاليا، بقدر ما أفكر بدراستي.

والذي يراودني دائما هو: أنني لم أحبه بإرادتي، أو عن اختيار، فأنا لا أدري متى أصبحت أحبه؟ ولا كيف?

فهل أستمر في حبه؟ وأدعو الله أن يرزقني إياه كزوج على سنة الله تعالى ورسوله في المستقبل؟ أم أحاول نسيانه، مع أنني حاولت فعل ذلك سابقا وفشلت?

أتمنى أن تفيدوني في هذا الموضوع، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على حرصك على الخير، ونسأل الله أن يزيدك عفة وطهرا، وقد أحسنت بأنك لم تتهيئي لمفاتحة هذا الشاب في هذا الذي تجدينه في نفسك، ونحن على ثقة أن الذي تجدينه في نفسك لا يزال في دائرة الإعجاب، وأنت لا تعرفين هل هذا الشاب مرتبط أم لا؟ وهل أسرتك ستوافق؟ وهل يمكن أن تقبلي؟ وهل هو مستعد لهذا المشروع؟ وهل أنت مستعدة للزواج؟ ولذلك نحن لا نفضل الدخول في مشروع مثل هذا، ولا مانع من أن ترجعي إلى أسرتك إذا كان ذلك بالإمكان، وأن تكلمي الوالدة لتستكشفي وجهة نظرها وموقفها.

ولكن في كل الأحوال نحن نشجع حقيقة نسيان مثل هذه الأمور، وتفادي مقابلة مثل هذا الشاب، وإذا كانت القريبة تعرف هذا الميل منك، فهذا كاف، وبإمكانها في الوقت المناسب أن توصل هذه الرغبة له ليكون هو المبادر، هذا إذا كان هو يبادلك تلك المشاعر، فقد يكون هذا مجرد إعجاب، وقد يكون هذا ميل، وقد يكون هذا حب من طرف واحد، وقد يكون الطرف الثاني مرتبط، وقد يكون الطرف الثاني لا يشارك في نفس المعنى، وقد يكون مجرد إعجاب، ولكن ليس عنده رغبة في تطوير العلاقة، أو الامتداد فيها، أو الاستمرار، أو ربما تكون له برامج أخرى.

لذلك أحسنت عندما حرصت على كتمان هذه المشاعر، وعدم البوح بها، والسيطرة عليها، وكتمانها، وتأجيلها، فهذه كلها معان مطلوبة، وهي معان من الأهمية بمكان، وهذا دائما ما ننصح به أبنائنا وبناتنا الطلاب عندما تحصل لهم مثل هذه المشاعر، أن يجتهدوا في كتمها وكتمانها، وأن يتفادوا كل ما يثير ويحيي هذه الكوامن في النفس، وأن ندرك أن الإسلام لا يقبل بأي علاقة ليس لها هدف الزواج، أو لا نعرف أنها ستنتهي بالزواج.

فالإسلام لا يرضى بأي علاقة ليست معلنة شرعيا، وحتى مثال خديجة هو إعلان، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك ذهب إلى أعمامه، وهي ذهبت إلى أعمامها، وأكملوا هذا المشوار، وهذا الدور الذي قامت به نفيسة مع خديجة - رضي الله عنها وأرضاها - يمكن أن تقوم به الصديقة، وليس من الضروري أن تقول له: (هي تريد أن تتزوجك، أو كذا)، ولكن تقول: (هي معجبة بك، أو هي معجبة بالأدب الذي عندك، والأخلاق التي فيك)، وهذا كاف في هذه المرحلة، أن يدرك هذا الجانب، وقد يعطي عبارات تدل على أنه يشارك في الاهتمام.

ولكن نحن نريد دائما مثل هذه العلاقات أن تكون بعلم الأهل، وتحت سمعهم وبصرهم، ولا نريد أيضا لفترة الخطوبة، أو مثل هذه العلاقات أن تتمدد، أو يكون لها عمر طويل، وسنوات طويلة، بل نريد من الإنسان إذا تهيأ للزواج، أن يبحث عن الفتاة الصالحة، ثم بعد ذلك أن يتقدم لأهلها، ويأتي البيوت من أبوابها، ويطلبها من أهلها، فإن حصل الوفاق والتوافق، وطلب الرؤية الشرعية والنظرة الشرعية، وبعد ذلك وجد الميل المشترك، والاهتمام المشترك، وحصل التوافق، فعند ذلك نقول: ( لم ير للمتحابين مثل النكاح ).

أما مثل ذلك فهو مجرد إعجاب، والطريق ما زال أمامك طويلا، فإما أن تعلنوا هذه العلاقة بطريقة رسمية، وإلا فليس لكم إلا الكتمان، والصبر، والدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.

وننصحكم بقطع العلاقة؛ لأن هذا سيؤثر على مستوى الدراسة، وسيؤثر على الحالة النفسية أيضا لكل طرف، لأن كل لقاء سيجدد هذه المشاعر، وهذا كله سيكون على حساب قضايا أخرى، فلا أعتقد أنك مهيأة للدخول في مثل هذه المرحلة، وعندما تتهيئي، أرجو أن تكون البداية بعلم أهلك وبإشراكهم، ويمكن أن يكون لهذه الصديقة دور في إتمام هذا الموضوع، وفي إيصال الفكرة التي عندك إلى الطرف الآخر، أو لمحارمه - يعني أخواته -، وهذا الذي نفضله إذا لم يكن لها محرما، وهو ألا تتواصل هي أيضا معه مباشرة، لأنه إذا كان ليس من محارمها فهو أجنبي، وإن كان من أقربائها ومن أهلها، والأجنبي عندنا هو كل شاب يجوز له أن يتزوج من هذه الفتاة، فهذا يعتبر أجنبيا.

والشريعة لا تقبل التوسع في العلاقات مع أشخاص أمثال هؤلاء، الذين يعتبرون من الأجانب من الناحية الشرعية، إلا في إطار الرباط الشرعي، أو إلا في إطار علاقة معلنة وشرعية كالخطبة.

ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير، ولا مانع - كما قلنا - من اللجوء إلى الله أن يهيأ لك الارتباط به أو بغيره من الصالحين إن كنت تريدين، فهذا باب يفتحه الله تبارك وتعالى، والدعاء هو العبادة، وهو أساس التوفيق والخيرات، فكوني على صلة بالله، واجتهدي في طاعة الله، واجتهدي أيضا في غض البصر، والبعد عن مثل هذه المواطن، لأنك قد تثيرين نفسك بقضايا أنت في غنى عنها، على الأقل في هذا الوقت.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات