الخوف من يوم القيامة بين الإفراط والتفريط

1 482

السؤال

السلام عليكم.

منذ فترة وأنا أعاني من خوف شديد, لدرجة أني أحس بضربات قلبي من قوتها, وذلك عند ذكر يوم القيامة وأهوالها, وزاد من ذلك عند تصفحي أحد المواقع وذكر أن يوم القيامة هو يوم 21-12-2012 م، واليوم زاد أكثر وأكثر خاصة بعد إعصار ساندي, وخوفي شديد أني سأترك أهلي وأحبائي, مع أني -والحمد لله- مواظب على الصلاة، فما الحل بالله عليكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعاني من مخاوف ظرفية مرتبطة بيوم القيامة، ويظهر أن الأحداث الحياتية والمتغيرات العجيبة –بل علامات الساعة الصغرى الكثيرة التي ظهرت في هذا الزمان– جعلتك تقرب موضوع قيام الساعة لنفسك، لكن بصورة مبالغ فيها أو بصورة مرضية بعض الشيء.

أيها الفاضل الكريم: الساعة والقيامة لا يعملها إلا الله، قال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيما أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها * إنما أنت منذر من يخشاها} وقال تعالى: {قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}. هذا هو الأمر الأول.

والأمر الثاني: حين تقوم الساعة فهي قائمة على كل الدنيا، لست أنت وحدك، يجب أن تتأمل وتتفكر في ذلك، فالأمر على نفس السياق، وهذا أمر ليس بيدك وليس بيد أحد، والأمور التي ليس للإنسان تحكم فيها أو تدخل فيها يجب أن يقبلها ويتخذ التحوطات لها، والتحوطات في مثل هذه الحالة هو على الإنسان أن يعمل لما بعد الموت وأن يعمل لمثل هذا اليوم، {يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشة أو ضحاها}. هذا هو المطلوب وهذا الذي يقابل به هذا الأمر.

أما إعصار ساندي وقبلها توسونامي وغير ذلك مما نشاهده من كوارث فكلها أمرها إلى الله, تعامل مع الموضوع على هذا الأساس، وعش حياتك بصورة طبيعية.

قوة ضربات القلب ناتج من شدة القلق والخوف, الإنسان لديه دفاعات فسيولوجية – أي جسدية– وكذلك دفاعات نفسية، الدفاعات الفسيولوجية: الإنسان حين يواجه مصدر خوف ما إما أن يواجهه وإما أن يهرب منه, إذا واجه الإنسان حيوانا مفترسا إما أن يهرب منه وإما أن يقتله، وهذا كله يتطلب تحضيرا جسديا ونفسيا، هذا التحضير يتم بصورة إرادية عن طريق الجهاز العصبي اللاإردي، بمعنى أن الإنسان حين يكون عرضة لهذا الموقف يقوم جهازه العصبي بالتحفز التام، وتفرز مادة تسمى بالأدرينالين، هذه المادة تؤدي إلى قوة ضربات القلب وسرعته، والسبب في ذلك أن الجسم في حالة التحفيز –خاصة العضلات– تحتاج لكميات كبيرة من الدم, وكميات كبيرة من الأكسجين حتى تكون في أنشط حالاتها، لذا يقوم القلب بواجبه تماما من أجل تحضير الإنسان جسديا وكذلك نفسيا, فإذن هي عملية فسيولوجية تامة وليس أكثر من ذلك.

أنا أرى أن تفهمك لما يحدث لك من تغير فسيولوجي سوف يساعدك تماما في قبول تفسير آليات المخاوف.

أيها الفاضل الكريم: موضوع المعرفة بيوم القيامة وتصفح المواقع والحقائق ليس مرفوضا، لكن أرجو أن تقرأ عن يوم القيامة من المصادر المعتمدة والمعتبرة، وأن تسمع لكلام العلماء، وتذكر الموت وتذكر يوم القيامة فيه خير كثير للمسلم، لأن الغفلة موجودة، والإنسان يتمادى ويشطح شطحات غريبة جدا في سلوكه، ويفتقد الوازع في بعض الأحيان، أما تذكر القيامة وتذكر الموت فأعتقد أنه محفز إيجابي جدا للإنسان، فمن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، يصبح الإنسان منضبطا في سلوكه، وأعماله ويفعل ما يرضي الله تعالى، مع القناعة القاطعة أن الأمر كله بيد الله وهو أرحم الرحمين.

هذه لا جدال حولها، ولا تتحمل أي نوع من المناقشة أو الإضافات أو شيء من هذا القبيل، فتعامل مع الأمر على هذه الشاكلة، وأنت -الحمد لله تعالى- مواظب على الصلاة، ولا بد أنك أيضا من الذين يستمعون إلى المحاضرات التسجيلية من العلماء متى وجدت فرصة لذلك، هذا كله يساعدك -إن شاء الله تعالى– ويدعم إيمانك تماما.

لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، هي مجرد قناعات وتفهم، هذا هو الذي تحتاجه، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يكتب لنا وإياك دوام العافية وحسن الخاتمة، وأمنا وأمانا في الدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات