هل مشكلتي عضوية أم نفسية أم روحية؟

0 530

السؤال

السلام عليكم

أنا إنسانة ملتزمة -ولله الحمد-، متزوجة ولدي 4 أطفال، لدي الكثير من الأعراض وأريد معرفة إذا ما كانت سيكوسوماتية بحتة أم أن هناك سببا عضويا خفيا أو ربما إصابة بالعين, ولكن قبل طرح الأعراض سأضع بعض المعلومات التي ستفيدكم -بإذن الله-.

1- منذ عامين تقريبا أصبت بنوبات الهلع وتعالجت بفلوكستين ولوراكير مدة 8 شهور وأوقفت العلاج بمعرفة الطبيب، إلا أن النوبات سرعان ما عادت وبدأت في الازدياد تدريجيا حتى أصبحت تأتي في اليوم أكثر من مرة، ولم أتمكن من تناول الأدوية لأنني كنت حاملا، والآن أنا مرضعة وطفلتي عمرها 4 شهور، استعنت بالله وقررت أن أجاهد نفسي -وبفضل الله- تمكنت من التخلص من النوبات منذ شهر تقريبا.

2-إضافة لاضطراب الهلع فأنا أعاني من بعض الاكتئاب ولدي وسواس الموت، وأيضا أصبح لدي وسواس بأنني ربما أكون مصابة بالسرطان -لا قدر الله- أو سأصاب به, وأعاني أيضا من القلق خاصة القلق الاستباقي, وأخاف كثيرا من الظلام ومن الوحدة ومن المقابر والموتى وقصص الموت، وأيضا - بفضل الله- تمكنت من التقليل كثيرا من حدة هذه المخاوف بعد عامين من المعاناة الشديدة، لكنني لازلت أعاني من وسواس الموت فأغلبه حينا ويغلبني حينا - والله المستعان-.

3- منذ زواجي من 9 سنوات وأنا أتحمل أعباء المنزل بشكل كامل، ونادرا ما ساعدني زوجي بل إنني أحيانا أقوم بأمور أكبر من طاقتي وذلك لغياب زوجي الكثير عن المنزل، إضافة إلى أن أطفالي - ولله الحمد- أشقياء وكثيروا الطلبات وعصبيون وعنيدون مما زاد من أعبائي الجسدية والنفسية، والآن أدرس الماجستير فازدادت أعبائي أكثر خاصة بعد أن رزقت بطفلتي أثناء الدراسة، وهي تبكي كثيرا خاصة في الفترة الأخيرة، فأصبحت أحملها بشكل مستمر، فهل أعراضي لأنني أعاني من الإرهاق؟

4- أعاني منذ فترة طويلة من قلة النوم وذلك بسبب اضطراب الهلع، وأيضا بسبب مولودتي التي لا تنام إلا قليلا.

5- منذ مدة ليست بالقصيرة وأنا لا أهتم بأكلي جيدا إما لانعدام الشهية أحيانا، أو لكثرة التعب أو لانشغالي في أمور أخرى، فأقوم بتأجيل تناول الطعام حتى إنني في كثير من الأيام لا أتناول سوى وجبة واحدة في اليوم، علما بأنني مرضعة وطفلتي لا تأخذ الحليب الصناعي.

6- أنا عصبية جدا وأثور لأقل الأسباب، وأحترق من داخلي وأكبت كل شيء لأنه ليس لدي أحد لأبوح له بهمومي سوى الله.

أعراضي التي أعاني منها مؤخرا بشكل شبه مستمر:
1- صداع شديد يأتي كل مرة في مكان مختلف من الرأس.
2- دوخة متوسطة.
3- جفاف في الفم والحلق أحيانا.
4-الشعور بالاختناق وأن شيئا ما بداخل حلقي، وصعوبة التنفس.
5- وخز وآلام في الصدر جهة القلب ومقابلها في الظهر.
6- بعض آلام الرقبة والكتفين.
7- حرارة في البطن أو الظهر.
8- تنميل في اليدين والجنبين.
9- رعشة بسيطة في اليدين عند المجهود.
10- غثيان شديد دون قيء.
11- ثقل أو الشعور بوجود كتلة تحت الحجاب الحاجز وسط البطن تزداد بالوقوف وتقل بالجلوس.
12- تجشؤ والشعور بوجود شيء في المريء فأسحبه فيخرج تجشؤ.
13- تثاؤب بدموع كثيرة.
14- حموضة أحيانا.
15- إمساك مزمن وبواسير أصبحت تنزف في الفترة الأخيرة.
16- التعب من أقل مجهود.
17- أكره بيتي كثيرا وأخاف منه وأستريح خارج البيت.
18- علاقتي بزوجي أصبحت سيئة جدا.
19- كثيرا ما أشعر وكأن أحدا في البيت (شياطين مثلا - والعياذ بالله-)، خاصة في الظلام أو الليل رغم أنني أفتح قناة القرآن الكريم طوال الليل أثناء نومنا يوميا.
20- أنفر تماما من كل ما له علاقة بالجنس لدرجة أنني أصبحت أكره جسدي، وأرفض الاستحمام حتى لا أراه.
21- لازلت مواظبة على صلاتي وعلى الأذكار والتسبيح والاستغفار لكنني عندما اشتد بي وسواس الموت تركت قراءة القرآن (كنت أقرأ يوميا،) والآن بفضل الله نويت أن أعود للقراءة كجزء من محاربة الوسواس.

أجريت صورة للقلب وتحاليل الغدة الدرقية وفحص نظر وقوة الدم وكلها سليمة، الهيموجلوبين 12 وبدأت أتناول حبوب فيتامينات متعددة، وأفكر في استخدام حقن فيتامين ب، أعتذر كثيرا على الإطالة ولكن أردت إفادتكم بكل شيء، فهل معاناتي نفسية بحتة أم بسبب الإرهاق أم قلة النوم؟ أم سوء تغذية؟ أم ماذا؟ وكيف يمكنني مساعدة نفسي لأن جسدي بدأ في الانهيار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام عبد الحليم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونشكر أيضا شرحك التفصيلي لحالتك، وأستطيع وأنا على درجة عالية جدا من اليقين أن أقول لك أنك تعانين من حالة نفسية بحتة، هذه الأعراض التي تعانين منها كلها تشير إلى أنك تعانين من القلق الاكتئابي، والمخاوف والوساوس هي جزئيات لاحقة، حيث إن القلق له عدة صور يمكن أن يظهر بها - أو يظهر في صورتها – ومنها المخاوف والتوترات وكذلك الوساوس.

إذن حالتك نفسية بحتة، أما الإرهاق وقلة النوم فهي نتائج وليست أسبابا، وعسر المزاج الذي لديك واضح جدا، وكانت تبعاته السلبية واضحة أيضا -الحمد لله تعالى- فحوصاتك كلها ممتازة، ومستوى الدم لديك أيضا أعتبره ممتازا، ولا أعتقد أن لديك مشكلة تغذية حقيقية، بالرغم أن شهيتك للطعام قد قلت كثيرا.

فيا - أيتها الفاضلة الكريمة-: نصيحتي لك هي أن تذهبي إلى الطبيب النفسي، وأن تبدئي في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق والمخاوف، وبما أنك مرضع قد يكون عقار (سيرترالين) – وهذا هو مسماه العلمي، ويسمى تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال) وله مسميات تجارية أخرى كثيرة حسب بلد المنشأ أو الدولة التي ينتج فيها – يعرف أنه سليم جدا وفعال جدا، ولا يتعارض مع الرضاعة كثيرا.

فالعلاج في حالتك مطلوب، - وإن شاء الله تعالى- هذه الأعراض سوف تنتهي تماما.

أنت لديك تاريخ إيجابي مع العلاج النفسي، وهذا يجب أن يكون محفزا لك لأن تقدمي على العلاج مرة أخرى، والذي أظنه هو أن شخصيتك في الأصل لديها قابلية للقلق والتوتر، وهذا من الناحية السلبية جعل هذه الأعراض تنمو لديك حتى وصلت إلى مرحلة الاكتئاب، وإذا نظرنا لها نظرة إيجابية – أي لاستعدادك للقلق – كان نتاجه أنك شخصية وإنسانة ناجحة في الحياة، وهذا واضح جدا، فالقلق له جانب إيجابي، لكن حين يشتد ويزداد له أيضا جانب سلبي.

فحالتك - إن شاء الله تعالى – تعالج، فأرجو أن تذهبي إلى الطبيب، وعليك بالتفكير الإيجابي وحسن إدارة الوقت، والتعبير عن الذات، فالاحتقانات النفسية السلبية التي تنتج من الكتمان وعدم التعبير عن الذات لها مضار كثيرة.

اسعي دائما لأن تكون علاقتك مع زوجك الكريم طيبة، وأنا أثق تماما حين ينقشع هذا الاكتئاب سوف تتحسن الأمور بينكما كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
.......................................................................................................
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان/ وتليها إجابة الشيخ إجابة الشيخ موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يشفيك من هذه الأمراض وتلك الأسقام كلها جميعا، وأن يربط على قلبك، وأن يقوي من عزمك، وأن يشد من أزرك، وأن يصلح حالك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فيما يتعلق بالجانب الشرعي: فأنت تعلمين أن الله تبارك وتعالى جعل الابتلاء سنة في هذه الحياة، كما قال سبحانه وتعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} فما من أحد على وجه الأرض إلا وهو مبتلى، إلا أن الابتلاء متعدد متنوع، فهناك ابتلاء بالعطاء، وهناك ابتلاء بالمنع، وهناك ابتلاء بالصحة، وهناك ابتلاء بالمرض، وهناك ابتلاء بالغنى، وهناك ابتلاء بالفقر، وهناك ابتلاء بالزيادة، وهناك ابتلاء بالنقصان، إلا أننا أحيانا لا ننتبه للابتلاءات إلا إذا كانت سلبية، كهذه الأعراض التي وردت في رسالتك.

وأنا (حقيقة) أقول: إن حالتك إنما هي مزيج من هذه الأمور التي ذكرتها في آخر رسالتك، المعاناة النفسية مما لا شك فيه لها دورها، كذلك الإرهاق وضعف بدنك أيضا وقيامك بخدمة زوجك وأولادك مع – ما شاء الله – عددهم، وأيضا عدم راحتك أو أخذ قسط كاف من النوم بسبب الوسواس وكذلك بسبب هذه الطفلة الجديدة.

هذه الأشياء كلها مما لا شك فيه أدت إلى هذه الحالة النفسية التي وردت في رسالتك، وأنت - ولله الحمد والمنة- على خير، لأنك محافظة على طاعة الله تعالى، وأقول: إن قراءتك للقرآن ومحافظتك على الصلاة مما لا شك فيه قد لعبت دورا مهما جدا (حقيقة) في التخفيف من وطأة هذه الأعراض، لأنه لو لم تكوني كذلك (صدقيني) لكانت معاناتك أضعاف أضعاف ما أنت عليه الآن، لأن الله الجليل سبحانه وتعالى جعل العبادات تخفف هذه الأمراض وتذهب هذه الأعراض من فضله تعالى ورحمته، ولكن نظرا لحجم التحديات التي تواجهك فإن الجرعة الإيمانية التي تمارسينها لعلها ليست كافية في رد هذه الأشياء أو التخفيف من حدتها.

ومن هنا فإني أوصيك (أولا) بالاستمرار بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، على أن تكون في أول الوقت.

ثانيا: أوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، وأنت - ولله الحمد والمنة- تحافظين على الأذكار، فهذه أيضا لابد من إضافتها لذلك، المحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، وكذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، وكذلك التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحا ومثلها مساء.

كما أنصح بالإكثار من الاستغفار، وكذلك الإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كذلك أيضا أوصيك بالإكثار من الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يشفيك وأن يعافيك، وأوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – وبالإكثار من قول (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر) كل واحدة ثلاثا وثلاثين قبل النوم والله أكبر أربعا وثلاثين، فإن هذه العوامل كلها مجتمعة سوف تؤدي بصورة أو بأخرى إلى تقوية الإيمان في قلبك، وإذا زاد الإيمان زادت قدرتك على المقاومة - بإذن الله تعالى - .

وأنصحك - أختي الكريمة – بالعلاج والاستجابة والتفاعل مع ما سيرد به الدكتور محمد عبد العليم، لأن الذي تعانين منه ليس فقط خاصا بالجانب الروحي، إنما له علاقة وطيدة بالجانب البدني والجانب النفسي والروحي معا.

كما أتمنى أن تقومي بعمل رقية شرعية، فإن هذه أيضا مهمة للغاية، لاحتمال أن يكون هناك نوعا من الاعتداء الجني عليك، لأن الجن يصنع هذه الأشياء وأضعافها وأكثر من ذلك بمراحل، فعليك برقية نفسك رقية شرعية إن استطعت، أو يقوم بذلك أحد محارمك الذين لديهم معرفة، وإن لم يتيسر فمن الممكن الذهاب إلى أحد أئمة المساجد أو من الدعاة المشهورين عندكم في بلادكم، وهم كثر -ولله الحمد والمنة- في علاج الرقية الشرعية، لعل الله تبارك وتعالى أن يعافيك من هذا البلاء كله، وأن يصرف عنك كل سوء ومكروه بإذنه تعالى، لأن الله تبارك وتعالى جعل في الرقية الشرعية شفاء عظيما وخيرا كثيرا، لأنها مجموعة من كلام الله تعالى وكلام نبيه - صلى الله عليه وسلم – وهي يقينا إذا لم تنفع فقطعا لن تضر.

أسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يشفيك شفاء تاما عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات