زوجي كثير اللعن والسب فكيف أتعامل معه؟

0 582

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أم ولي 3 أبناء, البكر ولد عمره 14 سنة, والأوسط عمره 10 سنين, والأصغر عمره 7 سنين, ونحن في البادية, ولدينا أغنام, ابني البكر يعمل دائما مع أبيه في رعاية الأغنام بدون كلل أو ملل, لكن أباه عصبي بشكل لا يطاق, يكون هادئا, وفجأة يغضب, ويلعن ابني وأولادي, حتى أنا يلعنني.

حتى إنه يهول الأمور بشكل كبير جدا, مثل (أن ابني كان يحمل كأس ماء, فسكب منها قليلا, فقال له أبوه الله لا يوفقك, ويقول اسكبي كل الكأس) مع العلم أن ابني البكر متفوق جدا في دراسته, ويحافظ على صلاته, حتى إن ابني من سوء معاملة أبيه له لا يمر عليه يوم إلا وقد أهانه أبوه, حتى إن ابني أصبح لا يعامل أباه جيدا من شدة ظلم أبيه له, وأنا أخاف عليه من العقوق, فهل دعوة الأب مستجابة؟

إضافة: فأنا زوجة ملتزمة والحمد لله, سواء بالدين أو بالأخلاق الحميدة, وزوجي مقصر معي جدا في حقي (معاملة - احترام - تقدير) وقد خدمت أمه على أكمل وجه, وتوفيت وهي راضية عني, وعندي له بنت من زوجة ثانية, أتتني وعمرها 12 سنة, وقد ربيتها أفضل تربية, وعاملتها على أحسن وجه, ولكن سبحان الله لا أقابل بمثل ما أعامل, وهو يفضلها كثيرا عن أخواتها.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر شحاده حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعينك على الصبر، وأبشري فإن العاقبة للصابرين، وحقيقة نحن نستغرب من سوء معاملة هذا الرجل، ولكن نسأل الله أن يعوضك خيرا وبرا في هؤلاء الأبناء، وأن يجعلهم قرة عين لك، واعلمي أن من يفعل الخير ويفعل المعروف لا بد أن يجد الجزاء عند الله تبارك وتعالى، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وسيأتي اليوم الذي يعرف هذا الرجل فيه فضلك وقيمتك، وإن لم يعرف فلا ضير، فإن الله تبارك وتعالى يجازي على مثقال ذرة من الخير.

أما مسألة اللعن -والعياذ بالله- فلا يجوز للمسلم أن يتلفظ بها ويستمر عليها، فلعن المسلم فسوق وقتاله كفر، كما جاء عن النبي –عليه صلاة الله وسلامه– واللعن لا يجوز حتى مع الحيوان, ومع الأشياء، فكيف بالإنسان، كيف بالأبناء، الذين ينبغي أن ندعو لهم لا أن ندعو عليهم، ندعو لهم بالخير، لأن الدعاء على الأبناء مخالف لهدي النبي -عليه الصلاة والسلام– ولنهيه عندما نهانا أن ندعو على أنفسنا, أو على أموالنا, أو على أولادنا إلا بخير، ولذلك نتمنى من الله تبارك وتعالى أن يتوب على هذا الرجل.

ولكنا نريد أن نسأل: هل هذا الرجل يستخدم هذا اللعن مع الناس؟ هل اعتاد هذا في أهله وقبيلته؟ هل نشأ على هذه المسألة؟ يبدو الأمر كذلك، ولذلك في كل الأحوال فالأمر يحتاج منك إلى صبر، ويحتاج منكم إلى تذكير، ونتمنى من الأبناء الكرام أن يتفهموا هذه المسألة، طالما كان الولد متميزا ومصليا، فينبغي أن يحتمل من والده، فإن الوالد إذا أخطا فلنفسه، ولكن ما ينبغي أن نعامله بالقسوة، بل ينبغي أن ننصح له، وندعو له، لأن هذا الشرع الحنيف يعطي الوالد منزلة رفيعة، حتى لو دعا الوالد ولده إلى الكفر، فإنه لا يطيعه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

لكن بعدها قال الله: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} ، {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، لكن ليس معنى ذلك أن يقابل بالشتم والإساءة، وإنما {وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي}.

ولنجعل قدوتنا الخليل –عليه وعلى رسولنا صلاة ربنا الجليل– الذي قال له أبوه: {لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا} لم يرد عليه بالشتائم, ولا بالسب, ولا برفع الصوت عليه, ولا بالاستهجان, ولا بالنظر إليه بحدة، إنما قال: {سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}, وذاك الأب كان على الشرك والكفر بالله تبارك وتعالى، أما هذا الأب فهو مسلم لكنه واقع في المعاصي.

من هنا ينبغي أن ننبه هذا الابن الكريم إلى ضرورة ألا يقابل الوالد بمثل ما يفعل، وإنما يحسن إلى والده، ويصبر عليه، وأرجو أن يجد منك التشجيع على ذلك، فإن هذا فيه صلاح له، وفيه أيضا إصلاح للوالد عندما يصبر عليه ويحسن معاملته، ويحتمل أذاه، وعلينا أيضا أن نتفادى الأمور التي تثير غضب الوالد، حتى لا يظل في غضب دائم علينا، ونجتهد دائما في أن نؤدي ما علينا من الواجبات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا.

وأنت -إن شاء الله تعالى– على خير طالما أحسنت لأمه حتى ماتت, وهي عنك راضية، وأحسنت لابنته، ولن يضرك هذا الذي يحدث، لكن يضر نفسه، وأرجو أن تربي أبناءك أيضا على حب هذه الأخت، لأنها أخت لهم، وهي بحاجة إلى إخوانها أيضا في مستقبل أيامها.

استمري على ما أنت عليه من الخير، ولا تحملي إساءة الزوج أو تقصيره على مواجهة تقصيره بتقصير ومقابلة إساءته بالإساءة، ولكن اعلمي أن ما عند الله خير وأبقى للأبرار، وأن ما عند الله خير للمتقين، والعاقبة للمتقين، فاثبتي على هذا الدرب، واصبري، واعلمي أن الصبر مر لكن العاقبة للصابرين، لكن ثمرة الصبر طيبة، فاتقي الله في نفسك، وواصلي هذا الطريق، رغم الصعوبة ورغم ما يواجهك, إلا أنك إذا تذكرت لذة الثواب ستنسين ما تجدين من آلام، كما قالت المرأة الصالحة: تذكرت لذة الثواب فنسيت ما أجد من آلام.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يرزقنا جميعا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا، وحاولي دائما البحث عن إيجابيات في هذا الرجل، وتنميتها، والفرح بها، والتعامل معه انطلاقا منها.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات