رغبتي في الزواج شديدة، فما نصيحتكم؟

0 488

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 21، أريد أن أتزوج، طلبت أبي وأمي أن يزوجوني وعمري كان 15 سنة، وأنا حينها لم أكن أعرف للحرام طريقا، وغرقت في بحور الحرام، وتركت الصلاة وكل يوم أبكي على الفراش ندما، لأني لست متزوجا .

قال الله : (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وأنا لم تنهني! فقلت لا صلاح لي إلا بالزواج، وهناك حديث يقول: ( ولكنهم كانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)

ماذا أفعل؟ هل علي الانتظار إلى أن أتخرج من الجامعة؟ هذا يعني عصيان الله عز وجل 3 سنوات أخرى، مع العلم أن أبي وأمي ليس لديهم مال كاف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ثامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابننا الكريم – ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يستخدمنا وإياك فيما يرضيه، وقد سعدنا - ابننا الكريم – بهذه الاستشارة التي تدل على روح طيبة -ولله الحمد- وعلى نفس لوامة، وعلى شعور بالخطر، والشعور بالخطر هو البداية الصحيحة للتصحيح والعودة إلى الله تبارك وتعالى.

أرجو أن يعلم - ابننا الكريم – أن الله تبارك وتعالى أولا قال للذين لا يستطيعون النكاح ولا يتمكنون منه: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} فهذه رسالة أولى نوجهها لك، لأنك توجهت إلينا بهذه الاستشارة التي سعدنا بها وبما فيها من مشاعر نبيلة، وبخوف من الله تبارك وتعالى، نتمنى أن يتحول إلى عمل ليكون سببا لبعدك عن العصيان وبعدك عن كل ما يغضب مالك الأكوان الذي يعلم السر وأخفى.

قد أحسنت وصدقت فإن أسوأ الناس هم أصحاب ذنوب الخلوات، الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، لكنا نحمد لك هذا الشعور، ونشكر لك هذه النفس التي تعينك على الخير، ونتمنى أن تستجيب لداعي الخير في نفسك بعد أن تستجيب لداعي الشرع الذي يدعوك إلى الله تبارك وتعالى، وإلى البعد عن كل أمر يغضبه تبارك وتعالى.

لا يخفى عليك - ابني الكريم – أن المعاصي ليست طريق السعادة، بل هي شؤم، بل هي أحزان، بل هي آلام، وأنت جربت هذا وشعرت بالألم، ولذلك قال ابن القيم: (لا يستمتع العاصي بعصيانه لله إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب)، وأرجو أن تواظب على الصلاة، وتحرص على أن تخشع فيها، وأرجو ألا يحملك ذلك على تأخير الصلاة وترك الصلاة؛ لأن المريض إذا ترك الدواء فكيف يبلغ العافية؟! فالصلاة هي دواء من الأدوية العظيمة، وعليك أن تحافظ عليها في كل الأحوال، وتحرص على أن تخشع في صلاتك، فاجتهد في أن تغض البصر، وفي أن تبتعد عن مواطن الشر، هذا ما نقوله لك، واستعن بالله تبارك وتعالى في كل ذلك.

أما بالنسبة للوالد والوالدة وبالنسبة لنا كمجتمعات فإننا نقصر في حق شبابنا، وكما قال الشيخ ابن العثيمين – رحمة الله عليه –: (على الوالد إذا وجد سعة أن ييسر مهر بناته وأن يعين أولاده الذكور على الزواج)، وهذا أمر ينبغي أن يعلم به الوالد وتعلم به الوالدة، ومن العجيب والجميل لهذا الشيخ – رحمة الله عليه – أنا وجدناه يقول: "إذا تهاون هؤلاء في هذا الأمر - كما يقول بعض الآباء والأمهات: دعه يصبح رجلا، يكون نفسه – قال: فإن وقع بعد ذلك في عصيان كانوا شركاء في المعصية".

لذلك أرجو أن تنقل لهم هذا المعنى العظيم من أجل أن يعاونوك على الحلال ويسهلوا لك أمر الزواج، حتى يحصل ذلك ينبغي أن تجتهد في أن تغض البصر، في أن تبتعد عن مواطن الشر، في أن تبتعد عن رفاق السوء، في أن تراقب الله تبارك وتعالى في سرك وعلانيتك، وأرجو أن تشغل نفسك بالجد وطلب العلم، وتستجيب لقول النبي - عليه الصلاة والسلام – وتوجيهه: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

نحذرك أيها الابن الكريم من التهاون مع المعاصي والمضي فيها، فإنها سبب لسلب السعادة للإنسان حتى بعد أن يتزوج، ألم يقل ربنا تبارك وتعالى مهددا من يعبث بالأعراض: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} هذا فيمن أحب ووافق، فيمن سعد بسماع أخبار انتشار الفواحش، فكيف بمن أشاع؟ وكيف بمن انغمس فيها؟

إننا نريد أن ننبهك وأنت --ولله الحمد- مستيقظ، والدليل على هذا هو هذه الاستشارة، ونتمنى أن تستمر معك حالة اليقظة والخوف من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يهدي الوالد والوالدة، وأرجو أن تطلب معاونة الدعاة والفضلاء والعقلاء من أجل أن يسعوا في إقناع الوالد والوالدة، حتى يرتبوا لك أمر الزواج، وليتهم علموا أن في ذلك خيرا لك ولهم، بل في ذلك خير لك حتى في مستقبلك العلمي، فإن الإنسان إذا تزوج استطاع أن يركز في دراسته وينجح في حياته، بتوفيق الله تبارك وتعالى.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وندعوك إلى توبة عاجلة، وندعوك إلى صفحة جديدة عامرة بالطاعات، ثم بالتوجه إلى رب الأرض والسموات، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات