المشاعر السلبية تغزوني منذ أن بدأت أفكر بمشروعي الخاص، فما رأيكم؟

0 318

السؤال

أنا شاب في مقتبل العمر, من أسرة متوسطة الدخل, أسعى دائما للحصول على المال وتحسين مستوى معيشتي, وأنجح في أغلب الأعمال, وأشعر أن الله ينظر إلي، كأنه يشعرني بأنه وراء نجاحي، وأنا الآن أسعى إلى تأسيس عملي الخاص -بإذن الله- ولكن ينقصني الدعم والتحفيز النفسي والديني؛ لأن المشاعر السلبية بدأت تتسلل إلى نفسي منذ أن بدأت أفكر بالمشروع, وقد حاولت التأثير عليها بقراءة قصص النجاح, ولكني أشعر أن التأثير الديني والإلهي في قلبي أقوى, وكلما أشعر أن الله معي أنجح, والمشكلة أني الآن أشعر أحيانا أن الله لن يوفقني, وأن مكاني ومستواي قد اختير لي, وعندما أخطئ أحيانا أو حتى من دون سابق إنذار أشعر أن الله لن يوفقني, ولن يساعدني, وأن هذا قضائي وقدري, مع العلم أني لا أفرق بين القدر والدعاء.

نعم أنا أخطئ, ولكني ملتزم, وأحافظ على الصلاة دائما, وأفضل علاقة في حياتي علاقتي مع ربي؛ حيث إنني أحيانا أختلي بنفسي, وأشعر أني أشكو همومي له جل جلاله, فأرجو منكم توضيح النقاط المجهولة بالنسبة لي, ومساعدتي وتحفيزي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك - أيها الابن الكريم – ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وقد أسعدتنا بهذا الارتباط والثقة في الله تبارك وتعالى، ونحن على ثقة ويقين أن من يرتبط بالله ويثق في الله وينتظر المعونة والتأييد من الله تبارك وتعالى لا يمكن أن يهزم أو يخذل، وأن المشاعر السالبة - التي تأتيك - أرجو أن تتعوذ بالله من الشيطان الذي همه أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله.

ولا يخفى على أمثالك أن القضاء والقدر ليس عذرا للإنسان في أن يقعد عن اتخاذ الأسباب، فالمسلم يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، والأسباب التي يتخذها الإنسان ويقوم بها هي من قدر الله تبارك وتعالى، والفقيه كل الفقه هو الذي يدافع أقدار الله بأقدار الله تبارك وتعالى، ولذلك هذا الكلام الجميل لابن القيم – رحمة الله تعالى عليه – فأرجو أن تستمر في هذا السعي، وتبذل ما تستطيع من الأسباب، ثم تتوكل على الكريم الوهاب، فإذا جاءتك المشاعر السالبة فتعوذ بالله من الشيطان، وتذكر أن التوفيق بيد الله تبارك وتعالى، وأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، فاحرص على كل أمر يرضيه، وتوجه إلى الله تبارك وتعالى توجه المضطر، فهو الذي وعدنا فقال: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه}.

فتوجه إلى الله بإلحاح، وحاول - كما قلنا – أن تتخذ الأسباب، لأن التوكل على الله تبارك وتعالى لابد أن يسبقه اتخاذ وعمل بالأسباب المعروفة المشهورة التي يقوم بها الناس، فحسن التخطيط، وحسن التدبير، ووضع خطة المشروع، والتنسيق في كل ذلك، كل هذه مطالب شرعية، ثم بعد ذلك يتوكل الإنسان على الله تبارك وتعالى.

وقدر الله تبارك وتعالى وقضاء الله تبارك وتعالى منه الدعاء، ولذلك الدعاء والقضاء يتعالجان بين السماء والأرض، فعليك أن تكثر من الدعاء، والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، وتسأله دائما التوفيق والسداد، فإن الأمر بيده وحده سبحانه وتعالى.

وإذا كان الإنسان الداعي المتوجه إلى الله تبارك وتعالى شديد الثقة في الله تبارك وتعالى فإن الدعاء يرد القضاء، إن كان في الداعي شيء من الضعف فإن القضاء والدعاء يتعالجان بين السماء والأرض، إن كان في الداعي ضعف – المتوجه إلى الله تبارك وتعالى – ونقص فإن هذا الدعاء يخفف أيضا من القضاء النازل، ولكننا في كل الأحوال – ولله الحمد – أنت ذقت حلاوة النجاح، وشعرت بتأييد الواحد الفتاح، فالجأ إلى الله تبارك وتعالى، وعرفت الطريق إلى النجاح فالزم هذا الطريق، واتخذ بعد ذلك الأسباب التي يتخذها الناس.

نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، ونرحب بك في الموقع، ونهنئك هذه الروح والهمة العالية، التي نتمنى أن تستمر عليها، لأن المؤمن دائما المعنويات عنده عالية، وعجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونكرر ترحيبنا بك.

________________________________________________

انتهت إجابة الدكتور أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية، تليها إجابة الدكتور مأمون مبيض، استشاري الطب النفسي:
________________________________________________

شكرا لك على التواصل معنا، وعلى الكتابة إلينا في هذا الموقع.

في الواقع فقد شعرت بأن علاقتك بالله تعالى -ما شاء الله- ليست بالضعيفة، ولا تحتاج منا للتحفيز والمساعدة، طالما أن الله تعالى معك، وكيف تحتاج لأحد طالما كان الله رب السموات والأرض، معك.

إن بعض التردد، وبعض الشك في إمكانية الفشل أو عدم النجاح في المشاريع أمر طبيعي، بل هو من عناصر نجاح المشروع؛ لأن هذا التخوف من الفشل، وطالما هو ضمن الحدود الطبيعية المعتدلة، يساعد في جعلك أكثر انتباها لمخاطر هذا العمل وهذا المشروع، وكي لا تغتر، فتشعر بأنه ليس هناك من احتمالات إلا احتمال واحد، وهو النجاح، ويمكن لهذه الفكرة من توقع النجاح، -والنجاح فقط- أن تكون قاتلة، حيث لا يعود الإنسان ينتبه للمحاذير والمخاطر التي يمكن أن تحيط بالمشروع، والقرآن الكريم يقول لنا في موضوع آخر {وخذوا حذركم}.

توكل على الله أخي الكريم، وكما تفعل الآن، واتخذ الأسباب، وامض على بركة الله، والله موفقك، {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين}.

ودعاؤنا لك بالفوز والفلاح في أمر الدنيا والدين.

مواد ذات صلة

الاستشارات