أعيش في كل دقيقة كأنها آخر دقيقة من عمري، فهل من مخرج؟

0 380

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
أسأل الله لكم السداد والصلاح، وأتمنى أن تساعدوني لأنني في حالة حرجة جدا.

كنت أعاني من تبدد الذات منذ أربع سنوات تقريبا، ولقد أخذت عدة أدوية مضادة للاكتئاب، وقد تحسنت -بفضل الله- وانقطعت عن شرب الدواء منذ رمضان، فقد كنت في أتم الصحة -ولله الحمد-.

ولكن مند شهر عاودتني الحالة ولكن بشكل كبير، وظننت أنها ستمر، ولكنها زادت عن حدها، وجاء معها وسواس الخوف من الموت بطريقة جدا صعبة، فأصبحت أتعذب في كل ثانية ودقيقة، فأنا أعاني من عدة أعراض جسمانية، مثل: الارتجاف في الجسم بالكامل، القيء، والبرودة في الأطراف، وقلة الأكل.

وقد ذهبت إلى الطبيب، وأعطاني دواء زناكس 0.5 ملغ، وفليوكست 20 ملغ، فهل هذا دواء مفيد في هذه الحالة؟ فلم أعد أريد شيئا من الدنيا سوى أن أرتاح، فحتى عملي صرت آخذ إجازات لعدم التركيز فيه، وحتى خطيبي أفكر في الانفصال عنه، فعرسي قريب جدا، فكيف أبدأ حياة جديدة وأنا أعيش في كل دقيقة كأنها آخر دقيقة؟!

لا أعرف ماذا أقول؟ فالحالة في قمة الصعوبة، وأحيطكم علما بأنه كان لدي مس، وذهبت لأحد الرقاة، وتكلم الجني، ولكن منذ تلك الرقية وحالتي من سيء إلى أسوأ، وصرت أسمعه كل يوم عبر جوالي قبل أن يأتيني الخوف من الموت، فهل يمكن أن يكون تعذيبي له هو السبب في هذا الخوف؟ لأني صرت أنفر وأخاف من سماع الرقية، وحتى الدعاء لا أستطيع أن أدعو كثيرا، وذلك لأن الخوف يذكرني بعذاب الله، وأنه لن يغفر لي معصيتي، ولا أتذكر سوى أن الله شديد العقاب، ويزداد خوفي.

فأرجوكم أفيدوني، وجزاكم الله خيرا، وأسأل الله لكم السداد والتوفيق والدعاء لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غزلان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعانين من حالة بسيطة إلى متوسطة من قلق الوساوس الاكتئابي، وأعراضك تعقدت قليلا بل تضاعفت نسبة للمفاهيم السائدة -والتي أثرت عليك– حول المس والجن، نحن نؤمن بوجود العين والسحر والجن، لكن نؤمن أيضا أن الله تعالى هو الحافظ، وأن الله سيبطله، وأن الإنسان لا يحتاج أبدا أكثر من أن يتيقن بأنه في حفظ الله وفي حرزه، ويكون حريصا على أذكاره، وأن يوقن بأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطئه لم يكن ليصيبه.

لا بد أن تصححي مفاهيمك حول هذا الأمر -أيتها الفاضلة الكريمة-.

أما بقية الأعراض فعلاجها سهل جدا، وهي أن تستمري على جرعة الـ (وفليوكست) والذي أعتقد أنه الـ (فلوكستين)، وربما تحتاجي أن ترفعي الجرعة إلى أربعين مليجراما –أي كبسولتين– في اليوم، لأن هذه الجرعة هي الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة شهرين على الأقل، بعد ذلك تخفضي الجرعة مرة أخرى إلى عشرين مليجراما يوميا.

أما بالنسبة للزاناكس: فأنا أفضل ألا تتناوليه لأكثر من أسبوعين، حيث إنه دواء جيد وفاعل، لكن قد يتعود عليه الإنسان بسرعة.

الأمور العلاجية الأخرى هي: أن تستعدي للزواج، وهذا حدث كبير وطيب وجميل، وأن تصرفي انتباهك تماما عن هذه الأعراض، وأنت الحمد لله تعالى لك تجارب إيجابية قبل ذلك مع العلاج، وكل المطلوب منك هو أن تحفزي نفسك تحفيزا إيجابيا، حيث إنك مقدمة على الزواج، وأعراضك هذه بسيطة، وتجربتك السابقة مع العلاج كانت إيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الدكتور أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك –ابنتنا الفاضلة– ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يستخدمك فيما يرضيه، وأن يكتب لك السلامة والطمأنينة، هو ولي ذلك والقادر عليه.

إنك على خير، والذي منحك العافية في المرأة الأولى سيعطيك العافية الآن، فلا تحملي نفسك فوق طاقتها، واعلمي أن الإنسان لن يموت إلا بأجله، وأنت -إن شاء الله تعالى– يطول عمرك، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن طال عمره وحسن عمله، فلا تعطي الأمور أكبر من حجمها، وتوكلي على الله تبارك وتعالى، واعلمي أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاطمئني، واشغلي نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الطمأنينة وراحة البال لا تنال إلا بذكر الله والإنابة إليه، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

قد بحث الناس في المشارق والمغارب عن الطمأنينة والراحة والسعادة فلم يجدوها، لأن مكانها واحد، لا توجد إلا في رحاب الإيمان والذكر لله تبارك وتعالى، فاشغلي نفسك بذكر الله، وأكثري من دعوة يونس -عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه-: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} كما قال قائل السلف: فإني وجدت الله في عقبها يقول: {فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}.

ثم تعوذي بالله من الشيطان الذي يأتي لك بالوساوس، وهم هذا العدو أن يحزن الذين آمنوا، ولكن {وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله} وكيد الشيطان ضعيف، فتوكلي على الله تبارك وتعالى، والجئي إليه، وتضرعي إليه، واشغلي نفسك بالمفيد، وتجنبي الخلوة فإن الشيطان مع الواحد، واجعلي كتاب الله جليسا وملازما لك، فإنه جليس لا يمل، وصاحب لا يغش، واعلمي أن مثل هذه الأمور هي أيضا سحابة صيف ستمضي، لكن لا تعطي الأمور أكبر من حجمها، ولا ترجعي إلى الوراء، قدمي الفأل الحسن على التشاؤم.

واعلمي أن الله تبارك وتعالى بيده الشفاء وحده سبحانه وتعالى، وأرجو أن تستفيدي من نصائح دكتورنا الفاضل –دكتور محمد– فهو من المختصين الكبار في هذه المجالات، فانتفعي بنصحه، وهوني على نفسك، واعلمي أنك -إن شاء الله تعالى– ستعودين للعافية وللخير.

ونسأل الله أن يطيل أعمارنا في طاعته، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات