البعد عن الوطن وصعوبة التواصل مع الأهل ثبطا همتي للعمل

0 353

السؤال

أعاني من مشاكل نفسية؛ بسبب بعدي عن بلدي، وأهلي، فلدي تعلق شديد ببلدي، وأنا مسافر منذ شهرين ونصف إلى مصر، وقد تحول ذلك التعلق إلى هوس شديد بالأهل والبلد، وأنا غير قادر أبدا على التواصل مع الآخرين، ودائما ما أميل إلى التشاؤم حول موضوع العودة للبلد، فأنا من سوريا، وعندما أسأل أي أحد متى ستكون نهاية المأساة في سوريا ورجوعنا للبلد؟ يقول لي مثلا: 5 أشهر أو 6 أشهر، فتزداد حالتي النفسية، مما أثر على نشاطي اليومي؛ حيث لا أقدر على العمل بسبب حالتي النفسية.

وعندما كنت في سوريا كان كل شيء مؤمنا بالنسبة لي، فوالدي - أطال الله عمره - وفر لي كل شيء، ولم يطلب مني أن أعمل، وإنما أن أتفرغ للدراسة، وقد أخرجني والدي من البلد بسبب الأحوال التي فيها، وقد دفع النقود التي معه رغم حاجته لها من أجل نجاحي في المستقبل، ويريد مني شيئا واحدا فقط هو: أن أعتمد على نفسي، وأنا أشعر بالذنب الشديد؛ لأني غير قادر على القيام بما يطلبه مني، وقد سبب لي ذلك اكتئابا، وخاصة في أوقات الظهر، والعصر، وفي الصيف تزداد هذه الحالة، وكلما زادت تصبح قدرة العمل عندي معدومة تماما، وأشعر وكأن الدنيا كلها مغلقة أمامي، فأرجوكم ساعدوني بأي طريقة؛ لأغير شخصيتي، فأنا أشعر بأنها شخصية ضعيفة، مع أن لدي قدرات كثيرة - والحمد لله - فإن لم تتغير حياتي؛ ستذهب عني فرص عمل خيالية كثيرة، لا قدر الله.

كما أني أشعر بالإحراج؛ لأن هناك من هم أصغر مني سنا يقومون بالعمل، وأنا عمري 23 عاما وغير قادر على العمل بسبب حالتي النفسية، وعدم قدرتي على الاندماج في المجتمع، فأرجوكم أن ترشدوني لأي علاج يمكن أن يحسن من حالتي البدنية والنفسية، وهل هناك علاج متوفر في مصر لمثل حالتي إذا لم يكن العلاج متوفرا لديكم؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا، وقلوبنا وأرواحنا معكم في سوريا لما تعانونه على أيدي الظلمة.

يمر الإنسان أحيانا في ظروف صعبة وقاسية، كالحرب، أو العدوان، أو الزلزال، أو غيرها من الكوارث، ومن ثم قد يشعر ببعض المشاعر السلبية كالتي وصفت في سؤالك، وقد يسأل نفسه لماذا أنا أشعر بهذا.

أرجو أن تتذكر أن ما تشعر به هي مشاعر إنسانية نفسية طبيعية، ورد فعل لأحداث غير طبيعية كالقتل والاعتقال والتشريد.

فارفق بنفسك، وقدر كيف أنك اضطررت والآلاف المؤلفة غيرك ممن ترك العيش الآمن، بالإضافة إلى الغربة عن البلد والأهل، وأن تجد نفسك في مجتمع آخر بعيدا عن شبكة العلاقات الاجتماعية التي اعتدت عليها، وتجد نفسك تتألم للأحداث اليومية التي تصلك عن أهلك وبلدك، وتسأل نفسك ماذا يمكن أن أعمل؟

حاول أن تتواصل مع بعض الشباب في مصر ممن يحاولون تنظيم بعض الأنشطة الإغاثية لعون إخوانهم في سوريا، وفي البلاد المجاورة كالأردن، ولبنان، وتركيا، ومصر طبعا.

ومهما كان العمل التطوعي صغيرا وبسيطا، فإنه سيحول الانزعاج عندك، والمشاعر السلبية إلى طاقة إيجابية، مما يعزز عندك ثقتك بنفسك.

فالموضوع ليس موضوع مرض نفسي، وليس موضوع حبوب للعلاج، وإنما محاولة للتكيف مع هذه الأحداث الأليمة، والمرحلة الصعبة التي يمر بها الشام الحبيب علينا جميعا.

خفف الله عنك، وعجل ربي الفرج عن أهلنا في سوريا، فقد طالت المعاناة، والعالم يتفرج!!

وبإذن الله تعالى نسمع أخبارك الطيبة وأنت تكمل دراستك الجامعية في سوريا، فهي تحتاج لطاقات الشباب لإعمارها من جديد.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات