جسمي منهار ويداي ترتعشان ولا أستطيع العمل .. فما توجيهكم؟

0 533

السؤال

منذ عامين ونصف وأنا أعاني من مرض لم أعرف له دواء، وخصوصا في الأيام الأخيرة حيث أصبحت لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة، ولا حتى الخروج إلى الشارع، ومن الأعراض التي أعاني منها كثيرا: أن فمي أصبح يجف من الخارج مما أثر على تواصلي مع الآخرين.

والمشكلة الأخرى: أن يداي أصبحتا ترتعشان بشكل دائم، وأصبح جسمي منهارا، وليس لدي الطاقة الكافية للعمل، والدراسة، وتزداد نبضات قلبي، وأتنفس بصعوبة، وقد فكرت في الانتحار، ولا أحب الأماكن المزدحمة بالناس، ولا أستطيع النظر في وجوههم.

أرجو مساعدتي من فضلكم؛ لأني أمر بأوقات عصيبة، والسبب في ذلك أنني تشددت في الدين على يد جماعة متشددة، ولم أتمتع بمرحلة المراهقة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ othmane حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد اطلعت على رسالتك، وأنت تعاني من حالة من حالات قلق المخاوف تسمى بـ (برهاب الساحة)، ورهاب الساحة هذا يسبب كل الأعراض التي ذكرتها، ويجد الإنسان صعوبة كبيرة في الخروج من المنزل أو الذهاب إلى المدرسة، ولا يحس بالطمأنينة والأمان إلا في رفقة آخرين، كما أنه يتجنب الأماكن المزدحمة، وفي بعض الأحيان يكون رهاب الساحة مصحوبا بنوبات خوف شديد، وتسارع في ضربات القلب، وهذا نسميه بـ (نوبات الهرع أو الفزع).

أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك ما يدعوك للتفكير في الانتحار، هذا تفكير لعين، استعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، فالحياة طيبة، وحالتك سوف يتم علاجها علاجا تاما.

موضوع التشدد في الدين: قطعا لا أحد ينصح به، ولكن أيضا التهاون في الدين أمر مرفوض، وعليك أن تأخذ الدين من مصادره الصحيحة والسليمة، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه قال -صلى الله عليه وسلم- : "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.

الذي أريد أن أدعوك إليه هو أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا إذا كان ذلك ممكنا، لأنك في حاجة لعلاج دوائي، هنالك أدوية متميزة جدا لعلاج هذه الحالة، والدواء الذي نفضله يعرف علميا باسم (سيرترالين)، واسمه التجاري (زولفت) و (لسترال) وربما يكون له مسميات أخرى تجارية في المغرب، فأرجو أن تذهب إلى الطبيب، وإن لم تتمكن من ذلك حاول أن تتحصل على هذا الدواء عن طريق الصيدلية، أو عن طريق طبيب عمومي إذا كانت الوصفة الطبية مطلوبة.

الجرعة هي: أن تبدأ بحبة واحدة – وقوة الحبة خمسين مليجراما – تتناولها ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك تجعلها حبتين ليلا – أي مائة مليجرام – تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة بعد ذلك إلى حبة واحدة ليلا، وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا من أفضل الأدوية التي سوف تحسن مزاجك، وسوف تقلل كثيرا من الخوف والرهبة، وبعد ذلك يجب - حقيقة - أن تدفع نفسك لتتواصل اجتماعيا، وتذهب إلى مدرستك، وتزور أصدقائك وجيرانك، وتحرص على صلاة الجماعة في المسجد، كما أنه لابد أن تمارس رياضة، وأفضل أنواع الرياضات في مثل حالتك هي: الرياضة الجماعية، وأعني بالرياضة الجماعية أن تمارس رياضة مع مجموعة من الشباب مثل: كرة القدم مثلا.

كن حريصا أيضا على حضور الأنشطة الثقافية والاجتماعية والأعمال الخيرية، فلاشك أنها مفيدة ونافعة جدا.

إذن: أنت تعاني من رهاب الساحة، والذي وصفناه لك هي طرق العلاج المعروفة، وإن قابلت طبيبا نفسيا أيضا سوف تجد مساعدة منه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ / موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
++++++++++++++++++++++++++++++

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك في دراستك، وأن يرزقك الأمن والأمان والاستقرار، والسعادة التامة في الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هذه الأعراض التي وردت في رسالتك أعراض مزعجة، وأنها فعلا تستحق الانتباه والتركيز، ولذلك نشكرك على تواصلك معنا، وحسن ظنك بهذا الموقع الإسلامي المتميز، ولعل - أخي الفاضل - الدكتور محمد عبد العليم قد وصف لك دواء، وإن شاء الله سوف تتحسن به كثيرا؛ لأن الدكتور محمد عبد العليم من أفضل الإخوة المستشارين في هذا المجال، وهو رجل موفق ومسدد – كما نحسبه والله حسيبه – فعليك باستعمال الدواء الذي نصحك به، وكذلك عليك مراجعة الطبيب حتى تستطيع أن تعرف الحالة التي لديك بالتحديد والدقة، لأننا نتكلم مع رسالة، والرسالة كما تعلم مقتضبة ومختصرة، أما الطبيب النفساني فإنه قطعا سيفتح معك حوارا موسعا حتى يستطيع أن يحدد المرض الذي لديك، ويصف لك الدواء المناسب - بإذن الله تعالى -.

إلا أن هناك أيضا بجوار هذا العلاج الدوائي علاجا ربانيا، هذا العلاج هو الأصل والأساس، لأنك تعلم أن الله قال: {وإذا مرضت فهو يشفين} والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الطبيب هو الله)، فالله - تبارك وتعالى - هو الذي خلق الداء وخلق الدواء، وهو يعلم ما يصلح الإنسان وما يفسده؛ ولذلك نرجع إلى الله - تبارك وتعالى - وبالدعاء قد نحقق ما لا يحققه الدواء وغيره، إلا أننا نعالج؛ لأن هذا من باب الأخذ بالأسباب التي أمرنا بها الشارع الحكيم.

ولذلك أنصحك – بارك الله فيك – بعمل الرقية الشرعية، لاحتمال أن يكون هذا الذي عندك له علاقة بشيء من المس أو العين أو الحسد أو غير ذلك، فأنا أنصح بعرض نفسك أيضا على أحد الرقاة الشرعيين الثقات، لعل الله - تبارك وتعالى - أن يجعل شفاءك في الرقية، والرقية كما تعلم مجموعة آيات من كلام الله تعالى، ومجموعة أدعية من هدي النبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم – وتمت تجربتها عبر تاريخ المسلمين، وثبتت فعاليتها - بفضل الله رب العالمين -.

فعليك بالرقية الشرعية لاحتمال أن يكون هناك نوع من الاعتداء الجني عليك، وبذلك يصرف الله - تبارك وتعالى - عنك هذا الأمر كله ببركة الرقية.

كما أنصحك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها - خاصة أذكار الصلوات ما بعد الصلاة - حافظ عليها - خاصة آية الكرسي - كما أوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء؛ لأن هذه كلها عوامل دفع، وعوامل منع، وعوامل تحصين، والله - تبارك وتعالى - عندما تلجأ إليه فإنه لا يستطيع أحد أن ينال منك أي شيء - بإذن الله تعالى – أو أن يلحق بك أي مكروه، فعليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وعليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء – خاصة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم - ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، وكذلك: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا ومثلها مساء، وكذلك التهليلات المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحا ومثلها مساء.

وأما قضية أنك انتسبت إلى جماعة متشددة، فأعتقد أن هذا الأمر لا علاقة له بتفكيرك في الانتحار؛ لأن فكرة الانتحار فكرة شيطانية يقذفها الشيطان إليك حتى تتلقفها، ولعلك أن تتجاوب معها فتلقى الله - تبارك وتعالى - على غير الإسلام، وتظل مخلدا في النار – والعياذ بالله تعالى – إلى ما شاء الله.

ولذا أنصحك -بارك الله فيك- أولا: أن تترك هذه الجماعة المتشددة ما دمت تقول بأنها متشددة، وعليك بالتزام الجماعات المعتدلة، فالجماعات المعتدلة عمرها أطول، ونفعها أعظم، وبركتها أتم وأشمل، فعليك بالجماعات المعتدلة: التي تمارس الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في المساجد، وتلقي الدروس والمحاضرات، وتعقد الندوات، وتوزع الكتب والأشرطة، وغير ذلك من الجماعات المرنة التي تتعامل مع الواقع بنوع من الواقعية وعدم التشتت أو التنطع، لأنك تعلم أن هناك في كل شيء متشددون، وهناك متهاونون.

نحن نقول: الأولى الوسط، فلقد قال الله تبارك وتعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}، فعليك بالبحث عن الجماعة المعتدلة الوسط، التي تعين الناس على طاعة الله - تبارك وتعالى - وتساعد في تصحيح معتقدات الناس، وتساعد كذلك في تصحيح أنماط السلوك، والمحافظة على أخلاق الإسلام التي هي من أعظم ميزات الإسلام الذي تميز بها هذا الدين العظيم.

إذن: عليك بهذه الأشياء، كما أضيف إليها – وأوصيك بذلك – الدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- أن يشفيك وأن يعافيك، وأن يوفقك في دراستك.

كذلك الإكثار من الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم– بنية الشفاء والتعافي من هذه الأمراض التي شكوت منها، وأكثر من الاستغفار والتوبة، وأبشر بفرج من الله قريب.

حاول أن تقاوم هذه السلبية التي في نفسك، وأن تعلم أن السلبية لا يترتب عليها إلا سلبية أشد منها، فاجتهد - بارك الله فيك - في المقاومة، وحاول أن تذهب إلى المدرسة، ولو مع شيء من المشقة والمعاناة، وكذلك الذهاب إلى المسجد؛ لأن هذه المقاومة سوف تعطيك قوة - بإذن الله تعالى – وتدفعك إلى الأمام.

ثم اعلم أن فكرة الانتحار فكرة سلبية قاتلة، وأنك تخرج من مشكلة إلى مشاكل لا حد لها ولا نهاية، خاصة وأن المنتحر – والعياذ بالله – يخلد في النار إلى ما شاء الله تعالى.

أسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات