قلق دائم وخوف من الموت، كيف أدفعه عن نفسي؟

0 661

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 26 سنة، أعمل في مكة المكرمة، منذ شهر تقريبا استيقظت في الصباح أحسست بدوخة شديدة، فظننت أني أموت، فأيقظت زوجتي وأخبرتها أني أموت، وأخذت أردد الشهادة، وبقيت هذه الدوخة تلازمني لفترة، إلا أنها انقضت، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من خوف شديد من الموت، خصوصا الموت المفاجئ، ولي قريب مات بشكل مفاجئ، ومنذ يوم موته لا يكاد يفارقني، لأن كل الناس تشبهني به.

أخذت أبحث حتى هداني الله إلى موقعكم المبارك والمحترم، جزى الله القائمين عليه خير الجزاء، فعلمت أني أصبت برهاب الموت -الحمد لله- لم تعد تصيبني نوبات الهلع وما يصاحبها من أعراض ولكن يصيبني الآتي:

- قلق دائم وتوتر وضيق في الصدر.
- نظرة متشائمة جدا للحياة، ونظرة ألم إلى طفلي الرضيع وأنه سيتربى يتيما، وأقول لنفسي: ما فائدة العمل إذا كنت سأموت؟
- أرى صورا وأشكالا غريبة عندما أغلق عيني، لا أرى أحلاما، ولكن عند إغلاق العين في اليقظة.

أخذت سيبرالكس، إلا أنه أتعبني فأخذت سيروكسات، وكان جيدا، ولكني أحسست أن السيبرالكس أفضل وأقوى، فرجعت إليه، فما الجرعة المناسبة لي؟

تقربت إلى الله كثيرا، وأديت عمرتين -والحمد لله- لكن هناك وسواس أيضا لا يفارقني، خصوصا في الدين، أخذ يصول ويجول برأسي بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، فأقول: آمنت بالله، لكني أخاف جدا من لقاء الله، لا أدري أهو خوف من الله، أم خوف من الموت، تطمئن نفسي أن الله رحمته وسعت كل شيء، لكني أخاف من النار ومن عقاب الله جدا، أريد أن أتدين وألتزم وأحس بقربي من الله، كما كنت سابقا، أحس بفرحة عندما أصلي، أحس بحب الله عندما أتقرب إليه، لكنى لم أعد أحس بهذه الأشياء، أريد التقرب إلى الله عن حب وعن أمل، لا عن خوف من الموت أو عن مرض، كمن إذا أصابتهم مصيبة لجأوا إلى الله، فإذا صرف عنهم نسوا الله -والعياذ بالله-.

أعينوني أفادكم الله، وآسف على الإطالة، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأتفق معك أن النوبة الحادة التي أصابتك هي نوبة هلع أو فزع، وبعد ذلك أتت تبعاتها لتظهر أعراض ما يمكن أن نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وهذه الحالة الأخيرة إفراز طبيعي جدا لنوبات الهلع؛ لأن نوبة الفزع – أو الهلع – هي تجربة نفسية خاصة جدا تعلق بذهن صاحبها، ويعيش الإنسان تحت ما نسميه (القلق الاستباقي) أو (القلق التوقعي).

والحالة عامة أنا أود أن أطمئنك حولها، حقيقة هي مزعجة، ويجب أن نقتنع بذلك، لكنها ليست خطيرة، والإنسان يمكن أن يتواءم معها تماما، وإن شاء الله تعالى تذهب وتزول تماما.

العلاج الدوائي ضروري لهذه الحالات، والأدوية كثيرة (السبرالكس – الزيروكسات – الزولفت) وهنالك دراسات الآن تشير أيضا أن حتى (البروزاك) وكذلك (الفافرين) مفيدة جدا في هذه الحالات. المهم هو أن يلتزم الإنسان بالجرعة، أن يصبر على الدواء، ويكمل مدة العلاج، وأن تكون لديه إرادة التحسن والإصرار عليه.

السبرالكس يفضل أن تصل جرعته إلى عشرين مليجراما يوميا على الأقل. أنت الآن إذا كنت على عشرة مليجرام استمر عليها لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما، تناولها يوميا، وهذه يجب أن تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أريدك أيضا أن تدعم السبرالكس بعقار (إندرال) والذي يعرف علميا باسم (بروبرالانول) والجرعة هي عشرة مليجرام يوميا لمدة أسبوع، ثم اجعلها عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الإندرال، لكن استمر في الإستالوبرام (السبرالكس) بنفس الصورة التي وصفناها لك.

الفكر الوسواسي السلبي يجب أن يحقر، ويجب أن تغلق عليه الطريق من خلال التجاهل والتحقير، وعدم التفاعل الحواري مع الفكر الوسواسي، هذا مهم جدا.

أريدك أيضا أن تطبق تمارين الاسترخاء، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) تطبيق هذه التمارين بشيء من الحرص والجدية والإجادة مفيد جدا، فأرجو أن تستعين بهذه التمارين.

أنت لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، لديك الذرية، لديك الأسرة، فتح الله عليك أبواب الخير بأن تكون في مكة المكرمة، والتزامك الديني – ما شاء الله تبارك الله – ممتاز، وأسأل الله تعالى أن يزيدك في ذلك.

أما ما يأتيك من وساوس ومخاوف حول العبادة، فأعتقد أن نفسك اللوامة تجرك جرا، وإن كان بشدة، لكنه مفيد، لأن ذلك سوف يوصلك - إن شاء الله تعالى – إلى النفس المطمئنة، فنفسك اللوامة قوية لكنها لطيفة في ذات الوقت، فأبشر أبواب الخير – من وجهة نظري – مفتوحة أمامك، تدخل وتلج من أي باب من أبوابها، ومن جانبي أسأل الله لك التوفيق والسداد، والصحة والعافية.
________________________________________

انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
تليها إجابة الشيخ موافي عزب، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
________________________________________

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء. كما نسأله تبارك وتعالى أن يربط على قلبك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هذه الأشياء التي وردت برسالتك مزعجة بل في غاية الإزعاج، لأنها تكاد أن تكون قلبت حياتك رأسا على عقب، وجعلتك تعاني قدرا من التوتر والقلق وعدم الراحة، وزاد الأمر علة، هذا الوسواس الذي جاءك في ثوابت العقيدة، وأصبح يصول ويجول في عقلك، ولكن الله تبارك وتعالى لطف بك بأنه أكرمك بالإقامة في بلده المبارك بجوار بيته العتيق (مكة المكرمة) وأكرمك الله تبارك وتعالى بأداء العمرة والصلاة في المسجد الحرام، وبدأت تتقرب أكثر إلى الله تعالى، وما زلت تحتاج أيضا إلى أن تتقرب أكثر وأكثر.

أحب أن أقول لك: لقد أكرمك الله تبارك وتعالى أيضا بالدخول إلى هذا الموقع والاطلاع على بعض مهارات العلاج وكيفيته وآلاته، وها هو الأخ الفاضل (محمد عبد العليم) المستشار النفساني العالمي، قد أكرمك الله تبارك وتعالى بإجابته عن سؤالك، فهذه كلها من علامات محبة الله تبارك وتعالى لك، ورضا الله تبارك وتعالى عنك، أن ييسر لك الوصول إلى حلول سريعة ولم يجعلك عاجزا عن مواجهة تلك الأشياء، والحمد لله أيضا أن الله خفف عنك بعض الأعراض.

إلا أني أقول أنك في حاجة - رغم ذلك كله - إلى رقية شرعية، لأن هذه الأمور المفاجئة تلفت الانتباه حقا، فإن الأمراض العضوية – كما تعلم – تحتاج إلى وقت حتى يشعر بها الإنسان، أما هذه الأمراض التي تكون سببها الشيطان فإنها تكون ما بين عشية أو ضحاها، فلقد نمت نوما طبيعيا بلا مشاكل، وإذ بك تستيقظ في الصباح وتشعر بأشياء لم تكن تشعر بها من قبل، فهذه المقدمة بهذه الطريقة تدل على أنه لعل هناك نوع من الاعتداء الشيطاني عليك.

ولذلك أنصحك بأن تقوم برقية نفسك رقية شرعية إن استطعت إلى ذلك سبيلا، وأنت في بلد الله الحرام مما لا شك فيه أن معدل الإيمان مرتفع، وأن رحمات الله تبارك وتعالى تتنزل على البيت العتيق وحوله بطريقة لا تحدث في أي بقعة في أرض الله تعالى، ومن هنا فإني أقول: نستغل هذا الجو الإيماني الراقي والرائع في تقوية هذا الجانب وفي الأخذ بأسباب العلاج لهذه الأمراض النفسية التي وردت في رسالتك، فعليك أن تقوم برقية نفسك إن استطعت إلى ذلك سبيلا، وإن كانت زوجتك تتمتع بقدر من الجلد ورباطة الجأش فمن الممكن أن تقوم برقيتك بانتظام ولو أكثر من مرة في اليوم، لأنك تحتاج فقط إلى رقية شرعية بها تتخلص من تلك الأمور السلبية كلها - بإذن الله تعالى – إضافة إلى الدواء الذي وصفه لك الاستشاري النفساني.

إذا لم تتمكن من ذلك لا بنفسك ولا بزوجتك فمن الممكن أن يقوم أحد من الصالحين من أئمة المساجد أو غيرهم ممن يقيمون معك على أرض مكة المكرمة برقيتك، وتستطيع أن تشرب ماء زمزم بنية الشفاء، واعلم أن هذا أمر مجرب، أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم – وجربه الملايين من المسلمين في قضاء الحوائج، عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ماء زمزم لما شرب له) ولذلك أنصحك بالإكثار من شرب ماء زمزم بنية الشفاء من الأمراض كلها، فإن ماء زمزم إذا صدقت نيتك سيكون أعظم من أي دواء تتعاطاه في الدنيا كلها، فعليك أن تكثر من ماء زمزم بنية الشفاء، وعليك بالرقية الشرعية كما ذكرت، ثم عليك بالاجتهاد في المحافظة على الصلوات في جماعة، وأذكار بعد الصلاة، خاصة آية الكرسي والمعوذتين وسورة الإخلاص، كذلك أذكار الصباح والمساء، فإن هذه من أعظم عوامل دفع الشيطان عنك، لأن الذكر حصن حصين، إذا استعمله الإنسان عجز على الشيطان أن ينال منه بأي صورة من صور النيل.

ولذلك عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، خاصة التهليلات المائة في الصباح والمساء: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة، كذلك أيضا: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا ومثلها مساء، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).

اجتهد أن تكون على طهارة معظم الوقت، واجتهد أن تقرأ آية الكرسي كثيرا، وحاول أن تقرأ سورة البقرة في الأيام الأولى ولو بمعدل كل يوم مرة، حتى يزيد عندك معدل الإيمان، وينخفض عندك معدل كيد الشيطان، لأنها حرب كما تعلم، صراع ما بين الحق والباطل، فأنت إذا أديت العبادات بتكثيف وبقوة ارتفع عندك معدل النصرة من الله سبحانه وتعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه.

وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعافيك الله، وعليك أن تعلم أن ما قدره الله كائن، وأن الموت أمر محتوم على كل إنسان – وأنت تؤمن بذلك – ولكن لا يمكن أن يقع أبدا دون إرادة الله تعالى وفي الوقت الذي حدده الله.

كونك تخاف من لقاء الله تعالى هذا شيء طيب، لأن الله قال: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} ولكن فرق ما بين الخوف المرضي والخوف الإيماني، فالخوف الإيماني هو الذي يحبس الإنسان عن محارم الله، أم الخوف المرضي الذي يجعل الإنسان مشلولا مشتتا فهذا من الشيطان، فعليك أيضا كلما جاءتك تلك النوبة أن تقول – كما ذكرت -: (أعلم أن الله على كل شيء قدير، آمنت بالله ورسوله) وبإذن الله تعالى سوف ترى العافية في أقرب وقت.

أسأل الله لك العافية التامة والشفاء العاجل، وأن يرد عنك كيد الشيطان، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات