وسواس التنفس .. الأسباب والعلاج

0 581

السؤال

السلام عليكم

أرجو أن أجد حلا لمشكلتي عندكم.

عانيت منذ مدة قلقا وهلعا، وبالتحديد منذ عام، ونسيت الموضوع لمدة شهرين، والآن عادت إلي هذه الحالة (الهلع)، فأنا كثير الوسوسة في التنفس، حيت أفكر فيه وأراقبه كثيرا، وأيضا أعاني كثيرا من المشاكل جراء ضيق التنفس هذا، مع العلم أني أعاني أيضا من الغازات، والقولون العصبي، وخوف من الأمراض، وأي شيء يصيب جسدي أراقبه بشدة.

زرت الكثير من الأطباء – خاصة طبيب القلب – وكلهم قالوا بأنه لا يوجد عندي مرض.

أنا أجلس أمام الحاسوب كثيرا؛ لأني أدرس برمجة حاسوب، وكثرة جلوسي على الحاسوب؛ لأتناسى هذه الحالة، أرجو أن أجد علاجا لحالتي، مع العلم أني الآن لا أستعمل أي أدوية؛ لأني لا أثق فيها، وكل طبيب يعطيني دواء مختلفا.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاشم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن نوبات الفزع والهلع والهرع - والتي هي نوع من القلق النفسي الحاد – تترك آثارا وسواسية في نفس الإنسان فيما يتعلق بصحته، وقد تدخله بالفعل فيما يمكن أن نسميه بالمخاوف المرضية التي قد تصل إلى درجة التوهم، وبما أن تسارع ضربات القلب وضيق النفس هي أهم الأعراض الجسدية التي يتحسسها الإنسان، فإن التخوف المستقبلي حول أمراض القلب – والجهاز التنفسي – هو نتاج طبيعي لنوبات الهرع، وذلك من خلال عمليات نفسية تسمى بالارتباط الشرطي، يعني أن التجربة نفسها تظل محفورة في ذاكرة الإنسان وثابتة للدرجة التي توسوس حول هذه الأعراض – أي أعراض التنفس وتسارع في ضربات القلب – حتى وإن لم تحدث مستقبلا.

إذن: أنت الآن تواجه عملية سلوكية مكتسبة، وهي الوسوسة حول التنفس ومراقبته مراقبة لصيقة، ولديك بصفة عامة المخاوف المرضية - كما ذكرت وتفضلت - وأنت ذكرت أيضا أنك تستخدم التجاهل، وأنك تكون مشغولا بموضوع آخر، هذا يلفت نظرك تماما عن هذه الأعراض، وهذا دليل قاطع أنها ليست عضوية أبدا.

الذي ننصحك به هو الآتي: أولا أن تتجاهل عمدا عملية مراقبة التنفس، وقل ذلك لنفسك بوضوح، ومن خلال التأمل أو ما يسمى بـ (التأمل الاستنباطي) أنك تستطيع - إن شاء الله تعالى - أن تقلل من حدة مراقبتك لتنفسك، والتأمل الاستنباطي يتطلب التذكر المعرفي بأن التنفس أصلا هو أمر لا إرادي، هنالك مركز في التنفس في الدماغ، هنالك أعصاب، هنالك عضلات، كلها - بفضل من الله تعالى – تتحرك وتعمل من خلال منظومة مرتبة وبصورة لا شعورية.

والتمرين الثاني وهو مهم جدا هو: التدرب على تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، وتمارين قبض العضلات وشدها، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن ترجع إليها وتطبقها تطبيقا دقيقا، هذه الاستشارة وما تحتويه، سوف تفيدك كثيرا، بل أراها هي بوابة العلاج الرئيسي لك.

ثالثا: صرف الانتباه مطلوب في حالتك، وصرف الانتباه يتأتى من خلال: إدارة الوقت بصورة جيدة، وحسنة، وألا تترك مجالا للفراغ الزمني أو الفراغ الذهني حتى لا تنشغل بأمر التنفس هذا، وفي ذات الوقت يجب ألا يكون انشغالك قضاء ساعات طويلة على الكمبيوتر، فإدمان الإنترنت، وإدمان الكمبيوتر أصبح الآن حقيقة، استعمالك للكمبيوتر، والتعاطي معه يجب أن يكون راشدا، وذلك أن يستعمل لما هو جيد، ولما هو مفيد، وبعدد ساعات محدودة في اليوم، يجب ألا تزيد عن ثلاث ساعات في اليوم بأي حال من الأحوال.

رابعا: عليك بممارسة الرياضة، والتواصل الاجتماعي المفيد.

خامسا: سيكون من الجيد أن تكون لك مراجعات مجدولة ثابتة مع طبيب الأسرة، وذلك من أجل إجراء الفحوصات العامة؛ لأنه لديك استعداد كبير للقلق والمخاوف، فهذه الفحوصات الدورية والتي يمكن أن تكون مرة كل أربعة أشهر (مثلا) سوف تشعرك - إن شاء الله تعالى – بالطمأنينة.

سادسا: العلاج الدوائي، ولكنك ذكرت أنك لا ترغب في استعمال الأدوية ولا تثق فيها، أنا أحترم رأيك جدا، لكني قطعا أخالفه، لأن نوبات الهلع والهرع تستجيب بصورة واضحة جدا لأدوية معينة مثل عقار (سبرالكس) والذي هو غير إدماني وغير تعودي، ويعرف أيضا أنه ذو فعالية عظيمة جدا في علاج قلق المخاوف، وكذلك الوساوس.

أرجو أن تجتهد في دراستك، وتحسن إدارة وقتك؛ لأن هذا من أفضل وأجود أنواع صرف الانتباه عن هذه الأعراض.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات