أخاف من الخروج والسفر بالسيارة فما هو أفضل علاج لحالتي؟

0 406

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة مصابة بالخوف من الخروج من البيت بالسيارة، وإذا أخبرني أحدهم أنه يجب أن أخرج فأكون خائفة من الخروج - حتى لو كان الموعد بعد أسبوع -، والحالة هذه بدأت معي منذ المرحلة المتوسطة، لكنها كانت خفيفة، فقد كنت أسيطر عليها، لكنها زادت الآن، خاصة أني انتهيت من دراستي، وأجلس في البيت، ولا أحب الخروج كثيرا.

وأخاف أيضا من السفر بالسيارة، خصوصا أني أجلس في السيارة ثمان ساعات، وهذا صعب جدا، ويكون مصاحبا لهذا الخوف ألم في الصدر؛ فأريد أن أحصل على أفضل علاج؟ وهل الأفضلية للعلاج السلوكي أم الدوائي؟ وما هو أفضل دواء لحالتي؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالتك هذه حالة بسيطة تسمى بالمخاوف البسيطة، وفي ذات الوقت مخاوفك أيضا لها طابع آخر يسمى برهاب الساحة؛ حيث إن الإحساس بالأمان الشديد داخل البيت والإحساس بالقلق والمخاوف خارج البيت – في السيارة أو غيرها –نعتبره جزءا مما يسمى برهاب الساحة.

وكلا الحالتين – أي: الخوف المبسط, ورهاب الساحة – تعتبر حالات متداخلة، وهي بسيطة جدا - إن شاء الله تعالى -.

هنالك دراسة مهمة أشارت إلى أن الذين يعانون من هذا النوع من المخاوف – خمسين إلى ستين بالمائة منهم – كانت لديهم مخاوف أثناء الطفولة، وأعتقد أن هذا الأمر ينعكس عليك حسب ما فهمته من رسالتك.

العلاج - إن شاء الله تعالى - سهل، لكنه يتطلب منك أن يكون لك الدافع والإصرار والهمة العالية لتحقير هذه الفكرة - فكرة الخوف - فإذا كنت خارج البيت فاذكري الله كثيرا، وتذكري دائما أنك في معية الله، وأن السيارة هي وسيلة سخرها الله تعالى لنا لنستفيد منها، ونحن في بعض الأحيان نكره بعض الأشياء، أو نخاف منها؛ لأننا لا نتدبر في فوائدها، وكيف أنها قد سهلت علينا الحياة.

فأريدك أن تحطمي فكرة الخوف من خلال التدبر والتأمل الإيجابي، وفي ذات الوقت الحرص دائما على دعاء الركوب، ففيه خير كثير جدا للإنسان، ويزيل المخاوف.

وهناك نقطة سلوكية أخرى وهي: أن تسألي نفسك لماذا تخافين أنت، وكل الناس تركب السيارات، وكل الناس تركب الطيارات؟!

فعدم قبولك الفكرة، بل تحديها ومناقشتها نقاشا ذاتيا داخليا من خلال ما نسميه (التأمل التحليلي) يساعدك كثيرا.

نحن ننهى أصحاب الوساوس عن النقاش والتأملات التحليلية، لكن في مثل هذه الحالة وهذا النوع من المخاوف لا بد أن يكون هنالك عدم قبول من جانبك، وتحليل للفكرة, ورفضها رفضا باتا، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى – وهذا جزء من العلاجات السلوكية -: يجب أن تعرضي نفسك لمصدر خوفك، فاجلسي في مكان هادئ – في الغرفة مثلا – وتصوري أنك خرجت من المنزل مع أحد أقاربك، وسافرت بالسيارة، وأتاك خوف في بداية الأمر، بعد ذلك رأيت أن الأمر ممتع جدا, وأن خوفك لم يكن مبررا أصلا، وهذا نسميه "التعريض في الخيال"، وهو نوع من العلاج السلوكي.

ثالثا: أريدك أن تقرئي عن السيارات: كيف نشأت؟ ومن الذي اخترعها؟ وكيف تعمل؟ فهذا أيضا فيه نوع من الاقتراب السلوكي، بمعنى أنك تتقربين من مصدر الخوف، وهذا - إن شاء الله تعالى – فيه فائدة كبيرة جدا لك.

النقطة السلوكية الأخرى هي: ضرورة التدرب على تمارين الاسترخاء، في أي نوع من القلق أو الخوف أو الرهاب لا بد أن يدرب صاحبه نفسه على تمارين الاسترخاء، وقد أثبتت جدواها من الناحية العلمية، وموقعنا به استشارة – وغيرها كثير – تحت رقم: (2136015) فأرجو أن ترجعي إليها، وتتطلعي على تفاصيلها، وسوف تجدين فيها - إن شاء الله تعالى – ما يفيدك حول هذه التمارين، وعليك التطبيق.

نقطة أخرى مهمة جدا وهي: صرف الانتباه عن الخوف، فكثير من الذين يقلقون أو يخافون أو يوسوسون حول أمور معينة تجدهم يشغلون أنفسهم بهذا الأمر في أوقات من المفترض أن يشغلوا أنفسهم فيها بأشياء أخرى؛ فالانشغال بما هو مفيد، وإدارة الوقت بصورة طيبة، نعتبره نوعا من صرف الانتباه الأساسي جدا من حيث العلاج السلوكي.

النقطة الأخيرة: توجد أدوية فعالة جدا تساعد في علاج هذا النوع من المخاوف، ونعتبر عقار (لسترال) - ويعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت)، ويعرف علميا باسم (سيرترالين) - من الأدوية المفيدة جدا، والجرعة المطلوبة هي:
البداية: نصف حبة - خمسة وعشرين مليجراما - يتم تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين ترفع الجرعة إلى حبة كاملة – أي: خمسين مليجراما - يتم تناولها ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الطيبة والبسيطة وغير الإدمانية، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية أبدا، وإن أردت أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا، فأعتقد أيضا أن ذلك سوف يكون إضافة علاجية إيجابية جدا، لكن على وجه العموم حالتك نعتبرها من الحالات البسيطة، وأرجو أن يكون لك الدافعية المطلوبة للتحسن وللتغيير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات