أبي لا يصلي ويتلفظ بالكثير من الموبقات، فكيف أنصحه؟

0 448

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماذا أفعل إذا كان أبي يسب الدين والرب، ولا يصلي، ويعاملنا معاملة سيئة للغاية، هل أسكت عنه وأكون شيطانا أخرس؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك -أيها الابن الكريم– ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا الوالد، ولا يخفى عليك أن الشريعة تأمرنا بالإحسان للوالد مهما كان على درجة عالية من السوء، بل حتى لو كان مشركا بالله، وقدوة الناس في هذا هو خليل الرحمن حيث قال: {يا أبت لا تعبد الشيطان}، {يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن}، {يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك} ذلك اللطف البديع في تقديم النصيحة للوالد، ومع ذلك فإن والده قال له: {لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا} لم يقابل هذه القسوة وهذه الشدة بمثلها، وإنما قابلها باللطف فقال: {سلام عليكم سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا * وأعتزلكم}.

فالإنسان عليه أن يجتهد في النصح، ويبالغ قبل ذلك في الدعاء واللجوء إلى الله من أجل أن يصلح له الوالد وأن يصلح له الوالدة، ثم بعد ذلك يقدم بين يدي النصيحة صنوفا من البر والإحسان.

نحن نريد أن يرى منكم هذا الوالد نهاية البر، نهاية الإحسان، كمال أخلاق المسلم، ثم عليكم أن تطيعوه في كل ما يأمر به، إلا إذا أمر بمعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (سبحانه) فإذا امتثلتم صورة البر المثلى جاء في ذهنه جمال الدين وكمال هذا الشرع، فأحب هذا الدين وتمسك به. هذه نقطة أرجو أن تنتبه لها وتهتم بها غاية الاهتمام.

كذلك أيضا ينبغي أن تتفادوا أسباب غضب هذا الوالد، حتى لا يسوء خلقه ويقع في هذه الأمور المهلكة الخطيرة، فتفادوا الأمور التي تثير غضبه، والأمور التي تدفعه إلى السب، ثم علينا أن نبحث عن أسباب هذه المعاملة النفسية، فلا بد أن تكون لها أسباب، وإذا كنتم تميلون إلى الوالدة وتهملون الوالد فلا يشاور ولا يحاور، فإن هذا قد يكون سببا كبيرا من أسباب هذه المعاملة السيئة، ودائما الأولاد عندما يبلغون مرحلة البلوغ، من طبيعة الولد أن يميل إلى أمه، وعند ذلك يأخذ الوالد منه موقفا، ويشعر أن الجميع أهمله، وإذا كان له بنات فغالبا البنات يميلون إلى الأب وقد تغضب الأم، وتظن أن بناتها تركوها وأنهم يقدمون الوالد.

طبعا الشريعة تأمرنا ببر الأم وتأمرنا ببر الأب، (أطع أباك ولا تعص أمك) كما قال مالك –رحمه الله تعالى– ولذلك ينبغي أن تكون هذه الرسائل واضحة، وأرجو أن تنصح وتواصل النصح، لكن بالأسلوب الذي أشرنا إليه، تختار الوقت المناسب، والكلمات المناسبة، والألفاظ المناسبة، المدخل المناسب إلى قلبه، تقدم بين يدي ذلك البر، وإذا غضب تخرج من الحجرة وتتركه، ثم تعيد الكرة بين الفينة والأخرى، ثم تبين له أنكم ستكونون سعداء جدا إذا صلى وسجد لله تبارك وتعالى، وتبينون له أنكم سعداء به، فقد صرف وأنفق وتعب من أجل أن تكونوا كما أنتم الآن، تشكروا له هذا المعروف، وتطالبوه أن يكمل هذا الخير بتاج من الصلاة، بتاج العودة إلى الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحه، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأرجو أن تتذكر أن النصح للوالد والوالدة يختلف عن الآخرين، فينبغي أن يكون في غاية اللطف، ولو فرضنا أنه لم يستجب فهذا لا يبيح لنا العداوة له، بل كما قال الله: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} لكن: انظر بعدها {وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي}.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا الحرص، ونتمنى أن تتواصل معنا بمزيد من التفاصيل لتجد مزيدا من التوجيهات، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونحن في الخدمة، وبارك الله فيك.

مواد ذات صلة

الاستشارات