السؤال
أنا خريج (حاسب آلي) – والحمد لله - سبق وأن عملت في وظيفة لمدة سنة، وكانت خدمة عملاء بالهاتف لعملاء الإنترنت.
كنت أعمل مجبرا، وكنت أذهب من البيت إلى العمل وليس لدي أصدقاء حتى في العمل، فكنت أذهب إلى العمل وأنا حزين، وأخاف من مقابلة أي شخص جديد.
استقلت من عملي، والآن لا أعمل، تأتيني عروض، ولكني أرفضها خوفا من مقابلة أناس جدد، فأنا شخص منعزل أحب الوحدة.
أرجوك ساعدني، أريد أن أتخلص من هذه المشكلة، وأريد أن أعمل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أعتقد أن مشكلتك تتفرع وتنقسم إلى جزئين: الجزء الأول تخوفك من الاختلاط والتفاعل مع الناس، والجزء الثاني: افتقادك الرغبة في العمل.
بالنسبة للموضوع الأول وهو موضوع عدم حب التواصل مع الآخرين: هذا يجب أن تعالج معالجة كلية وشاملة؛ لأن الإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي، يعتمد في حياته على التواصل الاجتماعي، ولا يمكن للإنسان أن يطور نفسه أو مهاراته إلا من خلال هذا التواصل، وترسيخ هذا المبدأ يهم كثيرا، وأنا أراه نقطة أساسية لتبدل من سلوكك الانعزالي، يجب أن تضع برامج يومية تتواصل فيها مع الناس، قم بزيارة أصدقائك وأرحامك، صل مع الجماعة، اخرج من أجل ممارسة أي رياضة جماعية، أو حتى فردية خارج البيت، هذه الطريقة مهمة وأساسية جدا لعلاج الانعزال الاجتماعي.
ولا بد أن تنطلق من خلال فكر جديد يقوم على مبدأ (كيف تضيع هذه السنوات الجميلة في حياتك؟) وأنت لديك قدرات نفسية وذهنية في هذا العمر، لماذا لا تستغلها؟ لماذا لا تكثر من تفاعلك وتواصلك؟ لماذا لا تستثر نفسك اجتماعيا؟
الموضوع الثاني هو موضوع عدم رغبتك في العمل: العمل يجب أن يستشعره الإنسان كقيمة عظيمة، ونعرف أن هنالك أشخاص ليس لديهم رغبة في العمل، وهذا ناشئ من تساهل مع النفس، وعلى العكس تماما هنالك بعض الأشخاص الذين أدمنوا العمل لدرجة أنه يوجد مصطلح انجليزي معروف يشير لهذا المعنى (workaholic) والأشخاص الذين أدمنوا العمل لا شك أنهم أناس إيجابيين، لكن حتى إدمان العمل والإسراف فيه له أيضا سلبيات، وهنالك الإنسان المتوسط ويحب عمله وقيمة عمله، وهذا قطعا هو الأجود.
أنت هنا مطالب بتغيير فعاليتك واستشعار قيمة العمل، والعمل هو قيمة أكيدة للرجل، الرجل لا قيمة له (حقيقة) بدون عمل، مع احترامي الشديد لمشاعرك، من لا يعمل لا يقيم، من لا يعمل لا يعتبر، من لا يعمل لا يتطور، من لا يعمل يبني صورة سلبية جدا عن نفسه في نظر الآخرين.
فيا أخي الكريم: ثبت هذه المبادئ وابدأ في البحث عن عمل مباشرة، مع مراعاة جانب التعريض أو التعرض الاجتماعي الذي ذكرته لك مسبقا.
حتى تقل المخاوف لديك أو أن تذهب للكلية سيكون من الجيد أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف بصفة عامة والمخاوف الاجتماعية بصفة خاصة، الدواء يعرف باسم (زولفت) ويسمى أيضا (لسترال) واسمه العلمي (سيرترالين) يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا، وقوة الحبة خمسين مليجراما، تناولها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر.
هذا الدواء أعتقد أنه سوف يساعدك كثيرا - بإذن الله تعالى – لكن لا بد أن تأخذ بما ذكرته لك من نقاط سابقة حول كيفية استشعار أهمية العمل ومحاربة الانعزال والانزواء والانطواء الاجتماعي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.