أعراض متنوعة أوهمتني أني مصاب بالسرطان .. فما التوجيه؟

0 721

السؤال

أنا شاب عمري 22 سنة, مدخن, قصتي بدأت منذ حوالي ثلاثة أشهر, فقد بدأت أشعر بدوخة خفيفة يصاحبها جفاف في الفم, فذهبت إلى طبيب الباطنية, وبعد الفحوصات قال لي: إنها حالة نفسية ـ علما أنني حضرت الحرب في سوريا - والله من علي بالخروج - ووصف لي الطبيب دواء مهدئا.

بعد يومين وضعت يدي على قلبي ووجدته يدق بسرعة, فقلت لنفسي: إنني سوف أموت بأزمة قلبية, وأصبت بهلع شديد, وبحالة صعبة جدا, وبدأت أقرأ عن الأمراض على النت, وكلما قرأت عن مرض أذهب إلى الطبيب فيطمئنني أنه لا يوجد شيء.

بدأت أحس بكتمة في صدري, وبدأت أقرأ عن سرطان الرئة, وبعده اطمأننت من كلام أهلي لي أنه لا يوجد عندي سرطان, ثم أصبت بإمساك في البطن, وقلت: إنه سرطان في القولون, علما أني مع هذه الحالات كنت أقرأ عن الأمراض على النت, وكثير التردد إلى الأطباء.

ومع الأيام صار عندي خوف شديد من السرطان, ومخاوف من الموت, وكنت أجلس في الغرفة وأتخيل نفسي بلا شعر, هزيلا, مريضا بالسرطان, أتداوى بالكيماوي, وأنا الآن في حالة صعبة, ولا أعرف هل أنا مصاب بسرطان الدماغ أم لا؟

ذهبت إلى طبيب نفسي, ووصف لي علاج (زيلاكس) و(دوغمتانتيل), وقال لي: إنه مرض توهم المرض, ولكنني لم أقتنع, ولم أستفد من العلاج, فذهبت إلى عدة أطباء, وكلهم ينفون نفيا قاطعا أن يكون عندي سرطان.

ذهبت إلى طبيب أعصاب, وقال لي: إنه لا يوجد سرطان, ولا داعي لتصوير الرأس, وهذا وهم, ووصف لي دواء اسمه (fluanxol) فتحسنت عليه قليلا, ولكني إلى الآن لم أقتنع أنه لا يوجد عندي سرطان؛ لأن عندي مجموعة من الأعراض, وهي: صداع خفيف يأتي أحيانا, أو يأتي على شكل نوبات, كل نوبة لا تتعدى الثواني, أو صداع نصفي حول العين ويزول بالمسكنات, وأحس من نفسي أنني غير طبيعي, أو أنني سوف أقع, وأحس بدوخة خفيفة في الرأس, وأحس أحيانا بكتمة في الصدر, وعملت بعض التحاليل الطبية, وكانت النتيجة سليمة, وكل شيء طبيعي, فهل أعراضي هي أعراض السرطان؟ ولو كان يوجد عندي سرطان في الرأس, فهل يظهر في تحليل الدم؟ وهل يكون الإحساس بالمرض قبل ظهور أعراضه؟ وهل سرطان الدماغ يؤدي إلى نقص الوزن؟ مع العلم أن وزني قد زاد أربعة كيلو جرام خلال شهر, فأريد أن أعرف هل لدي سرطان أم لا؟ وهل يمكن أن يكون هناك سرطان لم تبدأ أعراضه؟

أغيثوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فلن أتهمك بأنك متوهم فيما يخص تخوفك من السرطان، فأنت لست متوهما، لكنك لست مصابا بالسرطان، فكل الذي بك هو مخاوف مرضية تسمى بالمراء المرضي، وهذا نوع من الخوف الوسواسي الشديد، وأتفق معك أنه مزعج.

وددت أن أبدأ بهذه الرسالة لك, وأريدك أن تتفحصها, وتتأمل كل كلمة وردت فيها، فأنت لديك علة لكنها ليست سرطانا، وإنما علتك هي: قلق المخاوف المرضي الشديد ذو الطابع الوسواسي.

لا بد أن تبني قناعاتك بما ذكره لك الأطباء، ولا بد أن تتوقف عن التردد على الأطباء، ولا بد أن تذهب لطبيب واحد تعاوده مرة واحدة كل شهرين؛ وذلك من أجل إجراء الفحوصات العامة, والاطمئنان على صحتك, هذا هو المطلوب.

والنقطة الأخرى هي: يجب أن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب أن يكون الإنسان متوازنا في غذائه، ويأخذ قسطا كافيا من الراحة، ويمارس الرياضة، ويسعى دائما لأن يعامل الناس بما هو خير، ويبر والديه، ويتقرب إلى الله تعالى بجميع أصناف الطاعات فيما يستطيع، فهذه نسميها بالحياة الصحية، وهي بالفعل صحية، وتبعث الطمأنينة في النفس.

الخوف من المرض ليس ضعفا في الإيمان, وليس ضعفا في شخصيتك، إنما هو ابتلاء يحدث للإنسان، لكن المؤمن القوي يدرك أنه في حفظ الله ورعايته.

أخي الكريم: عليك بالدعاء دائما، ومن أطيب الدعاء المأثور في هذا السياق: (اللهم إني أعوذ بك من الجذام، ومن البرص، ومن الجنون، ومن سيئ الأسقام) وهذا يشمل كل شيء, هذا هو الذي أنصحك به.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: أعتقد أن الطبيب قد أفلح تماما حين وصف لك الـ (إستالوبرام), ومعه الـ (دوجماتيل), فهذه أدوية فعالة جدا لعلاج المخاوف المرضية الوسواسية، لكنها تتطلب الصبر عليها حتى يتم البناء الكيميائي بصورة صحيحة، وحين أتحدث عن البناء الكيميائي أتحدث عن مدة قد تمتد إلى شهرين حتى يكون لهذا الدواء أثر, وعقار (فلوناكسول) الذي وصفه لك الطبيب الآخر هو دواء ممتاز أيضا، لكنه يعادل الدوجماتيل لدرجة كبيرة.

لا أنصحك أبدا أن تسرف في إجراء الفحوصات الطبية، فأنت لست مصابا بالسرطان، فاصرف انتباهك، وعش الحياة بقوة، وابحث عن عمل, أو عن دراسة، وتواصل اجتماعيا، وغير نمط حياتك, فأنت الآن متفرغ تماما لاستقبال هذه الأحاسيس والمشاعر السلبية الوسواسية والقلقية، فأخرج نفسك من هذا القناع، وسوف تحس - إن شاء الله تعالى – أنك بخير.

أشكرك، وأتركك في حفظ الله ورعايته.

مواد ذات صلة

الاستشارات