أرهقتني المعاصي، فكيف أغير حياتي وأبدل سيئاتي إلى حسنات؟

0 469

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة من الجزائر، وعمري 24 سنة، مشكلتي في حياتي هي ذنوبي التي أرهقتني، فمنذ بلوغي وأنا أرتكب المعاصي، والمشكل أنني كنت أظن نفسي على خلق عظيم، فمن كذب، إلى علاقات محرمة، إلى عقوق للوالدين، إلى غير ذلك، وأكبر ذنوبي هي أنني نذرت نذورا ولم أوف بها، وقطعت عهودا لله ولم أوف بها، ومن هنا انقلبت حياتي رأسا على عقب، ولم أحقق في حياتي ولو نجاحا واحدا صحيحا.

فلقد درست في الجامعة، وتخرجت، ولكني درست تخصصا لا أحبه، ومنه لم أنجح في حياتي، وفي يوم من الأيام عرفت أن ما يحصل لي بسبب المعاصي التي ارتكبتها في حياتي، وأصبحت أشعر بأنني منافقة، لأنني قطعت عهودا ونذورا ولم أوف بها، وأصبحت لا أخرج من المنزل إلا للضرورة، لأنني أحس بأنني منافقة.

حتى صديقاتي ابتعدت عنهم، لأنهم ماذا سيفعلون بشخص منافق مثلي؟
والمشكلة أنهم يظنون بي الخير، وأنا كلي شر، والآن أحاول التكفير عن ذنوبي، والوفاء بنذوري، وطاعة الله، والصلاة في وقتها، ولكن دائما أتفكر في السنوات التي مضت في معصية خالقي، وأنظر إلى صديقاتي وقريباتي، فكلهم نجحوا في حياتهم، درسوا، وتزوجوا، وكيف أنهم محبوبين من قبل الناس إلا أنا.

أرجوكم أن تساعدونني وتنصحوني كيف أغير من حياتي؟ وكيف أبدل ذنوبي إلى حسنات؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونشكر لك هذا الحرص وهذا الوضوح، ونعتقد أن هذه هي البداية الصحيحة للعودة إلى الطريق الصحيح، وأنت - ولله الحمد - على خير، طالما أنك تشعرين بهذا الشعور، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وليس بينك وبين المغفرة من الغفور والرحمة من الرحيم إلا أن تتوبي توبة صادقة مخلصة فيها إلى الله تبارك وتعالى، بل إن التائبة المخلصة في توبتها، الصادقة في أوبتها فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما.

فيا له من رب رحيم يفرح بتوبة من يتوب إليه، وهو العظيم الذي ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، فاستري على نفسك، وعودي إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، ويقبل التوبة من عبده ما لم يغرغر.

وأرجو ألا تقارني نفسك مع الصديقات، فأنت - ولله الحمد - على خير، ونعم الله تبارك وتعالى مقسمة، ورغم اتفاقنا معك على أن للمعاصي شؤمها وآثارها المدمرة على الإنسان، إلا أننا جميعا نوقن أن من تاب تاب الله عليه، فالله هو الرحيم وهو الغفور وهو القائل: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} والقائل: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}.

فأقبلي على الله تبارك وتعالى، وتوقفي عن كل أمر لا يرضيه، واعلمي أن العظيم سبحانه وتعالى يعطي هذه الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، يعطيها للعاصي والمقصر والمطيع لله تبارك وتعالى، بل يعطيها للكافر وقال: {ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير}، لكن مفاتيح التوفيق في الدنيا والآخرة، لكن ما عند الله من الخيرات والتوفيق والسداد لا ينال إلا بطاعته، وها أنت - ولله الحمد - قد شعرت بأنك بحاجة إلى أن تقفي مع النفس وقفة، وهذه الوقفة - إن شاء الله تعالى – سيكون لها ما بعدها.

فأقبلي على الله تبارك وتعالى بصدق، واجتهدي دائما في التعوذ بالله من الشيطان، فإن الشيطان يوصل الإنسان أحيانا لليأس، هو الذي يقول لست مثلهم، هو الذي يقول أنت كذا وأنت كذا، إذا حاولت أن تتوبي توقعي أن يقف في طريقك، لأن الشيطان يندم إذا تبنا، ويتحسر إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا تبارك وتعالى، وهذا تنبيه مهم أردنا أن نضعه بين يديك، وأنت في بدايات طريق العودة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى، لأن بعض هذه المشاعر السالبة هي من الشيطان، وهم الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله.

نعم أنت أخطأت، وشعرت بالندم، وهذا - ولله الحمد - بادرة طيبة، وروح طيبة، ونعمة كبرى، ولكن لا بد أن تشعري في الجانب الآخر أن الله غفور، وأن الله يقبل التوبة، فما عليك إلا أن تصدقي مع العظيم الذي يغفر الذنوب جميعا ونادى فقال: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} سبحانه وتعالى.

واجتهدي في أن تستري على نفسك، حتى لو حصلت أخطاء فلست مطالبة بأن تفضحي نفسك، فعليك أن تستري نفسك، وتقبلي على الله تبارك وتعالى، وانتظري منه بعد ذلك التأييد والتوفيق سبحانه وتعالى، وإذا كنت قد درست في الجامعة وتخرجت منها، فإن الدراسة لا ترتبط بالأرزاق، فالأرزاق قسمها الله تبارك وتعالى ونحن في بطون أمهاتنا، بل قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قبل أن يخلقنا، وقسم أرزاقنا سبحانه وتعالى، ومهما كان الجانب الذي درست فيه طالما هي دراسة جامعية فهذا يدل على أن عندك قدرة التعامل والعمل والإفادة للآخرين، فلا تحجزي نفسك، ولا تبتعدي عن الصديقات خاصة الصالحات، وتقربي إلى رب الأرض والسموات، ولا تحاصري نفسك في البيت أو في داخل الثياب، فأنت ولله الحمد فيك روح خير، وأنت عندك عقل ونضج، والدليل على ذلك هي هذه الاستشارة المرتبة، بل هو هذا الشعور الذي منحك الله إياه، فبدأت طريق العودة، كم من الزميلات وكم من البنات تسير في طريق الهاوية ولا تنتبه ولا تلتفت ولا تكاد تشعر.

ولذلك نحن نعتقد أن هذه الاستشارة هي البداية الصحيحة للعودة إلى الطريق الصحيح، ونحن بدورنا نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات