أتضايق من أفعال من حولي وعندي رهاب وخجل منهم، أريد حلًا!

0 345

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب اسمي رمضان وأبلغ من العمر 34 عاما، عندي مشكلة كبيرة جدا جدا، هذه المشكلة جعلتني أعيش في حزن وتعب.

بداية: عندما كنت صغيرا كنت أحب أبي وأمي حبا شديدا جدا، لدرجة أنني عندما كنت أريد أن أنام كنت أنام وسطهما، وأضع إحدى قدمي على أبي والأخرى على أمي، وأيضا إحدى يدي على كل واحد منهما، وذلك لكي أعانقهما هما الاثنين ولا أستطيع النوم إلا كذلك.

وفي أحد الأيام لا أعرف متى وكيف؟ في أحد الأيام كنت عندما أسمع أي صوت يصدر من أبي أتضايق جدا جدا لدرجة البكاء في أكثر الأحيان، كنت أتضايق عندما أسمع صوته وهو يأكل، أو وهو نائم، حتى صوت نفسه وهو يتنفس، حتى عندما نكون في الشتاء عندما يصدر أبي صوتا بسبب البرد كنت أتضايق، فكنت: إما أن أضع إصبعي في أذني لكي لا أسمع شيئا، أو أن أترك المكان الذي به أبي، واستمر هذا الأمر حتى توفي أبي، حتى أنني في ساعة احتضاره لم أستطع أن أقترب منه، أو أعانقه أو أودعه بأي شكل من الأشكال بسبب هذه الضيقة.

وبعد وفاة أبي بدأ هذا الأمر يتحول تجاه أمي، وبدأ الأمر تدريجيا، فبدأ بصوت الأكل عندما أسمعه من أمي كنت أتضايق، ثم صوت النفس التي تتنفسه، صوت الشبشب أو الحذاء في قدمها وهي تمشي، الصوت الذي يصدر من غسيلها وهي تغسل، حتى أنني عندما أراها فقط وهي تأكل أو تشرب أتضايق، حتى أنني لا أستطيع أن أجلس معها لكي أتكلم معها في أي موضوع، وهكذا الحال إلى الآن.

وتحول الأمر إلى زوجتي وغيرها، حتى عندما يصلي أحد الإخوة أتضايق من قراءته وأريد ألا أصلي خلفه، وأخشى أن يزداد الأمر وأتضايق من جميع الإخوة، وازداد الأمر فأصبحت أنسى سريعا، وفقدت التركيز تماما، وأصبحت عصبيا جدا، أتعصب وأتضايق لأتفه الأمور، وغير ذلك عندي رهاب وخجل من الناس.

فأرجوا من الله جل وعلا أن أجد عندكم حلا لهذه المشاكل، وجزاكم الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمضان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هنالك بعض الظواهر النفسية في حياة الناس قد لا نجد لها تفسيرا واضحا، لكن دائما نحاول أن نقارب الأمور ونضعها في القالب الذي يناسبها من حيث المعايير التشخيصية، حتى وإن لم تكن الحالة واضحة جدا، فعلم النفس علم متسع جدا، وسلوك البشر فيه بعض الأشياء الغريبة والعجيبة فعلا.

ظاهرة التصاقك الشديد بوالديك في فترة الطفولة لا أقول أنها غير حميدة، لكن قطعا قد تكون سببت لك بعض الإشكالات التربوية، وكثيرا ما يتحول الحب الشديد والتعلق بشيء ما إلى نوع لا أقول من الكراهية، لكن قد ينشأ هنالك نفور غير مفسر.

هذا هو الذي قد يكون جعلك تتضايق من سماع أي صوت من جانب والدك -رحمه الله تعالى– ثم بعد ذلك بدأ يحدث لك نفس الشيء مع والدتك ثم زوجتك، ومثل هذه المشاعر النمطية الغريبة تأتي في نطاق الوساوس.

أنا أعتقد أن أقرب شيء لحالتك هذه من حيث تشخيصها يمكن أن نضعها في إطار أمراض القلق الوسواسي، وكلمة أمراض قد يكون مبالغ فيها، فهي في الحقيقة نوع من الظواهر، ظاهرة قلقية وسواسية، وأنت أيضا أوضحت بصورة جلية أنك تحس بشيء من الرهاب والخجل من الناس، وتجد صعوبة في التعامل الاجتماعي في بعض الأحيان، إذن الحالة كلها يمكن أن نسميها: (قلق وسواسي بسيط).

ليس من المنطق أن يقبل الإنسان جميع مشاعره أو جميع تصرفاته، الإنسان مستبصر، وقد حبانا الله تعالى بالعقل والمقدرة على المعرفية التفكيرية، لذا من المهم جدا أن نقوم بعملية فلترة أو تصفية وتنقية لسلوكياتنا وتصرفاتنا، فقطعا أنت لن تجد أي مبررا واضحا لهذه المشاعر التي تحس فيها بالتنافر من أصوات من تحب، فيجب أن تنظر إلى هذا الأمر بشيء من الروية، وتحقر هذا الشعور؛ لأنه لا يخضع لأي نوع من المنطق، تعامل معه على هذا النسق، وجميع التصرفات والأفكار الوسواسية يجب أن تعامل على هذه الشاكلة، يعني: التجاهل، التحقير، التنفير، وعدم قبول هذا الواقع.

الشيء الآخر: سيكون من الجيد والمفيد لك إن تمكنت أن تقابل طبيبا نفسيا حتى يصف لك أحد الأدوية التي أرى أنها تساعد في القلق الوسواسي، وهذه الأدوية كثيرة، منها عقار (مودابكس) في مصر، و(فلوزاك) و(فافرين) وكلها جيدة، قد تكون أفضلها بالنسبة لحالتك هو الـ (فافرين) والذي يتم تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ويفضل تناوله بعد الأكل، وبعد انقضاء مدة الشهر ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام، يتم تناولها ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة مرة أخرى إلى خمسين مليجراما لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول هذا الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات