قلق وأرق مزمن أفقدني لذة الحياة.. فما نصيحتكم؟

0 568

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة أبلغ من العمر 32 عاما, مررت بالعديد من الأزمات النفسية طوال حياتي، ولا زلت أعاني، كان نتيجتها أني أعاني من أرق مزمن منذ 8 سنوات، بدأت معي المشكلة حينما تناولت دواء فاتحا للشهية سبب لي نعاسا مع دواء آخر.

شخصيتي جدا حساسة وعصبية جدا، وأثور لأتفه الأسباب، قلقة ومتوترة في كل حياتي, الأرق في النوم يأتيني كل أسبوع أظل مستيقظة لمدة ثلاثة أيام، وأحيانا أظل مستيقظة أسبوعا لا أنام إلا غفوات خفيفة جدا، وقد يطول معي إلى شهر أو شهرين إذا أقلقني أي أمر، أو تخاصمت مع أحد، أو كان هناك زيارة، أو عمل أقوم به تبدأ معي الأزمة من وقتها، مهما حاولت أن أنام لا أستطيع أبدا.

تناولت أدوية نفسية كثيرة لم تفدني, ذهبت إلى دكتور مخ وأعصاب، عملت أشعة مقطعية ورنينا مغناطيسيا، والنتيجة سليمة، شخص الدكتور حالتي بنقص في مادة السيرتونين، وكتب لي دواء امتربيتيلين25 ، فأفادني كثيرا، ونظم نومي وحياتي، ولكني تركته وعادت لي المشكلة، طلب الدكتور أن أستمر على الدواء، ورفضت؛ لأني لا أريد أن أستخدمه كل يوم، أريد دواء أستخدمه عندما تمر بي أزمة الأرق، أستخدمه كل ثلاثة أيام من كل أسبوع، أستخدمه عند حاجتي إليه، فقط وقت اللزوم.

أنت يا دكتور تمدح دواء موتيفال وفونكسول كثيرا، ولكني محتارة أيهما أنسب لي، ولا يسبب أعراضا جانبية، بسبب هذا الأرق أصبحت منطوية على نفسي، ولا أستطيع الخروج بسبب التعب الذي أعاني منه، فقدت لذة الحياة وأصبح همي كل يوم هل سأنام هذا اليوم أم لا؟

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فيصل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أعتقد أن سرعة الانفعال التي لديك -وهي قطعا مصحوبة بعسر في المزاج- قد تكون ساهمت مساهمة كبيرة جدا في موضوع الأرق الذي تعانين منه، وأنا لا أستبعد أيضا وجود درجة ما من الاكتئاب النفسي، فالذين يقلقون ويتوترون وينفعلون غالبا تكون لديهم خلفية اكتئابية دون أن يشعروا بذلك، وأنت مطالبة بالآتي:

أولا: لا شك أن النوم غريزة بيولوجية، لكنه يتأثر بانفعالاتنا، وبظروفنا الحياتية؛ لذا يجب أن نمهد التركيز الصحيح للنوم، ونجعله يبحث عنا ولا نبحث عنه، وفلسفة النوم السليمة أو ما نسميه بـ (الصحة النومية) تتطلب أن يتجنب الإنسان النوم النهاري، أن يمارس الرياضة، أن يحرص على تمارين الاسترخاء، أن يتجنب الموقظات مثل الشاي والقهوة في فترات المساء، أن يكون حريصا جدا على أذكار النوم، وأن يثبت وقت الفراش، الوقت الذي يذهب فيه إلى النوم يجب أن يكون ثابتا، التأرجح في هذا الخصوص ليس سليما، وليس صحيحا؛ لأنه يضر بالساعة البيولوجية لدى الإنسان جدا، إذن -أيتها الفاضلة الكريمة- أريدك أن تعطي اهتماما خاصا للنقطة الأولى هذه.

النقطة الثانية: يجب أن تكون هنالك متنفسات نفسية صحيحة، أنت سريعة الغضب، وسريعة الإثارة كما ذكرت، وهنا لا بد أن تتخلصي من هذا الأمر من خلال الصبر، التعبير عن ذاتك أولا بأول، وألا تحتقني وتكتمي ما في نفسك، وأن تتبعي ما ورد في السنة المطهرة حول معالجة الغضب (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب) كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات لمن طلب منه النصيحة، كذلك الإكثار من الاستغفار حين تنتابك بوادر الغضب الأولى، غيري مكانك، إن كنت في وضع ما غيريه، إن كنت جالسة فقومي، وإن كنت واقفة فاجلسي، واتفلي على شقك الأيسر ثلاثا، وأريدك حتى ولو لمرة واحدة أن تتوضئي وتطفئي نار الغضب بالوضوء، وأن تصلي ركعتين، هذا سوف يعود عليك بخير كثير، فأرجو ألا تتجاهلي هذه النقطة الثانية أبدا.

ثالثا: اجعلي لحياتك معنى، والإنسان لا يمكن أن يجعل لحياته معنى إلا إذا كان نافعا لنفسه ونافعا لغيره، ونفع النفس يعني أن نكون صادقين مع ذواتنا، أن نتقي ربنا، أن نقوم بواجباتنا، أن ننظم حياتنا على أسس إيجابية، وأن نعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب حسن التغذية وحسن إدارة الوقت، وممارسة الرياضة، وأن تكون العبادة في وقتها.

النقطة الرابعة – وقد تعرضت لها – وهي: ممارسة الرياضة، الرياضة لا بد أن تمثل جزءا أساسيا في حياتك، والرياضة التي تناسب المرأة المسلمة متوفرة وموجودة، فكوني حريصة جدا على هذا الأمر.

خامسا: بر الوالدين له وقع إيجابي خاص على تهذيب النفوس وإراحتها وإسعادها.

سادسا: موضوع نقص مادة السيروتونين هو أمر افتراضي، لكن القناعات قوية جدا أنه بالفعل يحدث اضطراب في بعض المواد في الدماغ تسمى بالموصلات العصبية، ومنها مادة السيروتونين، اضطرابها قد يؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر وضعف النوم.

النقطة الأخيرة هي: أرى من الضروري أن تتناولي أحد الأدوية المحسنة للمزاج والمحسنة للنوم، واسمحي لي أن أقول لك: لا أتفق معك أبدا في أن تتناولي الأدوية عند اللزوم، هذا أمرا ليس صحيحا، ولا أعتقد أن عقار (موتيفال) أو (فلوناكسول) سيكونان مفيدان في حالتك، حالتك تتطلب قاعدة علاجية دوائية صحيحة، أحد الأدوية المحسنة للنوم والمحسنة للمزاج، وعقار (امتربيتيلين) الذي وصفه لك الطبيب عقار جيد جدا، بالرغم من أنه قد يسبب أعراض جانبية بسيطة مثل الشعور بالجفاف في الفم، أو الإمساك، لكنها تختفي بمواصلة العلاج.

فإن أردت أن تستمري على الـ (امتربيتيلين) لا مانع في ذلك، والجرعة تصل إلى خمسين مليجراما ليلا على الأقل يتم تناولها لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، بعد ذلك تخفض إلى خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة شهر إلى شهرين، ثم يتم التوقف عن تناوله.

الدواء البديل هو (ريمارون)، والذي يعرف علميا باسم (ميرتازبين) جرعته هي نصف حبة فقط، تتناولينها ليلا لمدة شهرين، ثم تجعليها حبة واحدة ليلا لمدة شهرين آخرين، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقفي عن تناول هذا الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات